عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-02-09, 12:07 رقم المشاركة : 3
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: ماء “السكوندو” … قصة شبكة مائية تقاوم النسيان بتطوان العتيقة


خمسة قرون من التاريخ ابتدأت من إعادة بناء تطوان في نهاية القرن 15 على يد سيدي المنظري ومجموعة من المهاجرين الغرناطيين وطبعت رموز المدينة بطابعها المتجلي بوضوح في الأشياء والنفوس والأرواح، وذكرياتها لا زالت مطمورة في ذاكرة التطوانيين كما أنها لا زالت تطبع حياتهم اليوم.


وتكمن أهمية التاريخ لا في معرفة الماضي فحسب ولكن لفهم الحاضر واستشراف المستقبل. وتبقى روح تطوان الحالية شاهدة على مجد تليد.


مدينة تطوان حسب اصطلاح الجغرافيين القدماء واقعة في الإقليم الرابع الذي يصفه ابن خلدون بأنه أعدل العمران، ويصف سكانه بأنهم أعدل أجساما وألوانا وأخلاقا"المرجع :كتاب محمد داود ص.36


مميزاتها الطبيعية:

يقول الفقيه الرهوني عن الموقع الطبيعي لتطوان:

"اعلم أن موقع هذه المدينة في سفح الجبل المسمى جبل ذي أرسى، أحد جبال قبيلة الحوزية، المنسوبة لحوز البحر الأبيض المتوسط، المسمى في القديم بالبحر الرومي، وقد دارت بسفحه من المغرب إلى الشمال، على شكل ثلاثة أرباع دائرة، ثم نزلت منه إلى البسيط المنحدر إلى الوادي الفاصل بين الجبل المذكور، وبين جبال بني حزمر..
وغالبها مبني على أحجار تحتها كهوف عميقة، ربما تقتضي بمن يسير فيها إلى مسافة بعيدة خارجة عن المدينة.

وبها عيون كثيرة، ذات مياه غزيرة، قد أجريت إلى دورها ورياضها بقواديس فخارية مقسومة على رباعها بالسوية، ما بين نوع جار في سواقي وفساقي، ونوع يسمى كأس عدل...

وفي عدة دور منها آبار ذات مياه كثيرة، غير أن ماء تلك الآبار في الغالب غير عذب بل فيه ملوحة ويسمى في العرف العام بلفظ "شلوق" بضم الشين واللام المخففة والقاف، أي غير حلو أما ماء العيون، ففي غاية العذوبة، لولا أن فيه ثقلا لا يحصل معه هضم الأطعمة على الوجه النافع للأبدان...

وبالجملة، فأهل هذه المدينة، متمتعون بالمياه الجارية والراكدة، تمتعا كبيرا يقاربون به تمتع أهل فاس بوادي جواهرهم وعيونهم"من كتاب أحمد الرهوني: عمدة الراوين في تاريخ تطاوين ص 197-198

فالمدينة القديمة زاخرة بالعيون المائية التي تجري في قنوات فخارية وضعت لهذه الغاية لتصل إلى المساجد والبيوت القديمة، وهذه المياه ثقيلة في الجملة وإن كانت عذبة صافية، وكانت تسمى بماء (السكوندو) ولعل هذا الاسم أطلق لعيها بعد "الحماية" الإسبانية لأن كلمة "سكوندو" بالإسبانية يراد بها الثاني فعرف هذا الماء بالماء الثاني بعد عثور الإسبانيين على عيون أخرى في ضاحية (سيدي طلحة) نسبة إلى الشيخ الصالح أبي يعلى سيدي طلحة الدريج" المرجع
محمد العربي الشاوش: إشارات حول الإشعاع الفكري والحضاري لمدينة تطوان، مجلة دعوة الحق، ع227 مارس 1983 ص 221.

وللأستاذة اللوه رأي آخر في ماء سكوندو إذ تقول:

"ومن المعالم الباقية إلى اليوم، شبكة توزيع الماء بالمدينة والمسمى ماء سكوندو، وهذه الكلمة تحريف لكلمة Segundo الإسبانية، وهو اسم عائلة أندلسية موريسكية مزحت إلى تطوان...

وأحسن ما في هذا الماء هو نظام توزيعه.. ومنبعه يوجد في جبل درسة، وقد نقل إلى المدينة عبر قناة ضخمة تم إيصالها إلى المنطقة التي توجد فيها زنقة القائد أحمد، ومن هناك تم توزيع الماء توزيعا مدهشا على المدينة، وقد تمت مقارنة نظام توزيع ماء سكوندو مع نظام توزيع الماء ببلنسية فظهر أنه نظام واحد وبهندسة واحدة... وفي كل دار بتطوان كان يوجد نبع متدفق بماء سكوندو.

حاليا أبطل استعمال هذا الماء لأسباب.. والذي يهمنا هنا هو ذلك النظام المدهش لعملية توزيع الماء الذي أخذ اسمه من مخططه ومهندسه سكوندو Segundo".المرجع أمينة اللوة: كتاب صور من تطوان الغرناطية، مجلة الأكاديمية ع15 ص 225

وبخصوص جو تطوان وهوائها يقول الفقيه الرهوني في "عمدة الراوين" أن هواء هذه المدينة بالطبع جيدا موافقا للصحة وهو كذلك لولا العارض.

والعارض الذي يؤثر في جودة هوائها، جريان المياه الغزيرة، سواء كانت مطلقة أو مضافا تحت أبنيتها، مع ما أضيف إلى ذلك من وجود البحر في جهتها الشرقية، وجبال بني حزمار الشاهقة في جهتها الجنوبية، وجبل أرسى الشامخ في جهتها الغربية، فتصعد من تلك المياه أبخرة كثيرة تؤثر في سكانها، بل وفي نباتها، رطوبة كبيرة تكاد تقضي على حياة الجميع.
وتقوى تلك الرطوبة الرياح الشرقية، إذ تأتيها حاملة تيارات بحرية، فتصير المدينة بين رطوبة أرضية، وأخرى سماوية، تكون منها سبح ربما أمطرت مطرا كثيرا، وربما أمطرت مطرا يسيرا يسمى لغة وعرفا بالندى وناهيك بهذه الرطوبة تأثيرا في الصحة.

لقد احتضنت مدينة تطوان "الحضارة الأندلسية بكل حرارة واستفادت منها استفادة تامة في جميع المظاهر العمرانية والعادات والأعراف الاجتماعية والثقافية الأصلية، وهي بذلك اكتسبت شخصية مرموقة متميزة عن المدن المغربية الأخرى بالتزامها لطابعها الأندلسي العريق، سواء في هندسة البيوت والمساجد وفي زراعة البساتين والحدائق وفي كثير من أنماط الصناعات التقليدية والفنون الجميلة".
محمد العربي الشاوش: إشارات حول الإشعاع الفكري والحضاري لمدينة تطوان، دعوة الحق ع 227 ص 225.

ويبدو أن الولع بالطبيعة وحب البساتين والمنتزهات من أهم خصائص الغرناطيين المهاجرين على تطوان، إذ أنشأوا الحدائق خارج وداخل الأسوار، ومن أشهرها منتزهات كيتان التي خلد الشاعر المغربي إبراهيم الإلغي ذكرها في إحدى تواشيحه التي تتغنى بمسارح الجمال في تطوان: يقول مطلع الموشح:

بأبي منظر اراه *** في صباحي وفي المساء

لوحة خطها الإلاه *** بتهاويل من سماء

إلى أن يقول:

مرج كيتان جنة *** زخرفتها يد القدر

نمنمتها بسندس *** ودمقس من الزهر



يتبع







التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس