الموضوع: عن الانتماء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-01-20, 12:45 رقم المشاركة : 2
Abderrahman1
مراقب عام
 
الصورة الرمزية Abderrahman1

 

إحصائية العضو







Abderrahman1 غير متواجد حالياً


وسام 3 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المشارك

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوردية مشاهدة المشاركة
عن الانتماء ...
إن الوضع الشائك في العراق و الظروف المعقدة التي توالت على هذا البلد المتقلب في المزاج , تضع مواطنيه في حيرة غريبة وپاڕادۆکس عجيب , وربما أكثر من يحس بما أقوله هو العراقي نفسه , فترى الذي رقص طربا يوم سقوط بغداد , يعض أنامله ندما بعد أن أصبح العراق على ما هو عليه اليوم , بعد سقوطها وما تلَتْه من أيام ..
وحتى يوم إعدام رئيسه صدام كنت ترى ذلك الفرِح بالحدث يجاهد كي يمتص غضبه الذي كان مصدره بأن الإعدام نُفِّذ في أعز أعياده و أبرك أوقاته , وقت إستيقاضه لصلاة العيد ! فكم من مؤيد لقرار الإعدام اعتبر الموعد مهينا للمسلمين و مشينا للعراقيين .
وهذه الإزدواجية ,لم يسلم منها الإنسان الكوردي داخل العراق بكل تأكيد , وذلك بسبب موقعه جوكرافيا , إلى جانب أسباب أخرى , وإن كان هناك من تجاوزها ليُسقِط عراق من حساباته تماما . ولو أن هناك الكثير من العراقيين العرب لا يشعرون بعراقيتهم , فإن هذا الشعور يتضاعف عند الإنسان الكوردي داخل العراق ...
إنني كإنسانة يجب أن أكون منتمية إلى أرض ما ..وطن ما ..لكن الوطن لا يُتَسوّل وقدرنا كبشر أن ننتمي إلى واحد منه , لذا عليّ أن أعقد قراناً مع وطن , لا ينتهي صلاحيته ..!
كيف أتبنى لي وطناً لا يرفضني بل يتشرّف بي ؟ فالوطن ليس الهدف في حدّ ذاته ولكنه أرض لتحقيق كل الأهداف و الغايات الإنسانية , دوما تحتاج طرقاً إنسانية لبلوغها ..
أنا الكوردية والكورد ( أيتام الكون ) حيث لا ناصر حقيقي لهم وإن اختلفت الدول على كل الآشياء , بتفقون على إبادة هذا الشعب معنويا و ماديا , وكأن الناس ليسوا متساويين في الإنسانية ..وكأنه هناك أرواح مقدسة و أخرى غير ذلك ! كثيرا ما لمست مضاعفات هذه الهوية عليّ و على معارفي , لن أنسى قريبتي التي عاشت سنواتاً في المهجر ولمّا قررت الرجوع لأهلها , رتبت للسفر و المعاملات مشت سلسة إلا حين وصلت تركيا , منعوها من العبور . لماذا ؟ لأن إسمها كان ( كوردستان ) , في حين أن هذا الإسم من الأسامي المألوفة بيننا والآباء يسمون بناتهم به بشكل لاواعي ..
الموقف يستدعي الاستغراب فعلا , ومن يرى دون ذلك فليراجع معتقداته عن حقوق الشعوب و حرية الانسان .
أشياء كثيرة تتحتم عليّ إيجاد منطلقٍ أجدّد به انتمائي وأن لا أدع الحيرة تمارس وصايتها الممقوتة عليّ ! أنا كوردية خلقني الله هكذا , بلغتي ( اللذيذة ) * , بثقافتي , بكل أبعادها ... لا أقدر أن أقول يوماً بأنّي عربية كما لايمكنك كعربي أن تقول يوماً بأنك فرنسي ! أريد القول بأننا لا نستطيع أبدا العبث بانتماءنا أو الاستخفاف به , لكن في نفس الوقت أمقت التعصّب و أريد لنيران العنصرية أن تتطاير بعيداً عنّي .
وبالرغم من أن قضية الانتماء , قضية صعبة المراس ( بالنسبة لي على الأقل ) , وذلك لأن الانتماء في النهاية هو مسألة شعور و إحساس وليس كلماتاً تقال و معانٍ تُرَصّْ , ألا أنه يجب عليّ أن أعدِّل نظرتي إليه فبل أن يزورني الكفر به !
ربما الوطن أضيق ممّا يصوّره لي خيالي أو أوسع ممّا كنت أظن , لكنّه ضرورة مُلحّة , فإفتقاد نعمة استشعار الوطن ,يضيق علينا الدنيا , لذلك عليّ تفادي محنة اللاانتماء و أتحاشى غصّة عدم الولاء , لسلامة سلامي الداخلي !
ولابأس إن كان المخاض عسيراً و الصّراعُ طويلا ! فأنا بطبيعتي أعشق ساعات التفكير المقدسّة التي تُعطني أكثر مما تأخذ و تجعلني مدينة لها بما أنها تنتشلني دوما من عناء السطحية و شقاء التبعية ... أريد أن أخرج بالانتماء من خرم الإبرة إلى عالمه الفسيح !
يقول ڕۆبێر تۆرگۆ :
إذا لم نحارب الفقر و الجهل ,سنضطر يوماً محاربة الفقراء و الجهلة..
وأنا أقول :
لو لم تحارب التعصب و العنصرية لأضطُرِرتا يوما محاربة المتعصبين و العنصريين ..
إن المتعصب يرى كل جريمة ضد من لايستسيغه مبرَّراً , ويصيب بالبلادة تجاه عيوب أعوانه ويرى أسوأ ما فيهم , أفضله ! يصيبه العمى تجاه عِلاتهم فيستخف بالفكر الآخر و و الطائفة الأخرى و العرق الآخر وفي نفس الوقت يبقى دوماً أسير مفاجئاتٍ تعتري سبيل افتخاره تجاه الكيان الذي يواليه .
إن من شأن حسّ القومية المفرط أن يوَلِّد الحساسية تجاه قوميات أخرى فتفسَّر سلبيا كل ما يبرز منهم من مواقف و حراك و أفعال وأقوال بتفكير بئيس لم يسلم من الانحياز , فترى المتعصب شغله الشاغل التربص بالذي يخاله من المتربصين دون أن يودِع أدنى تفكيره في تطوير ذاته حتى يصبح وعيه منتوجا من قِبَل غيره أو بلا وعي ! .
فيقتصر دوره في الدنيا إلى مجرد ناصر لقوميته و خليفة للدفاع عنها ولو على حساب الحق . وحين يرى سهام النقد موجها ً إليها يثور و يهاجم , لماذا ؟ لأنه يحس بأن مشاعره خُدِشت و و آماله خُيِّبَت ْ و ربما يحس ّ بأنّ كرامته تحت التهديد إنه هوس المبالغة بالافتخار بقومياتنا ...لذا علينا أن نُنَقِّي فكرة القومية من الشوائب التي ألحقناها بها , فحوَّلْناها لدمار الانسان و خراب الأوطان ..تقتضي الحكمة أن لا ننظر إلى الانتماء من زاوية واحدة فقط وأيضاً أن نؤطِّره هو عين الصّواب ...
إن الانتماء عندي دوما قابل للتعديل و التجزئة وهو عبارة جدلية لا أستطيع حصره في كلمتين ..
فحين أقول بأنّي كوردية فهذا لا يعني بأنّي منتمية لكل الآشياء الكوردية ولكن ما أشعر به هو أنّي منتمية لكل ما يراه قلبي جميلا و نظيفاً ..
إنّ من ينسب النِّعم التي كان العراق فيها بالماضي إلى رئيسه (صدام ) و أسباب هذه الفوضى التي تعُّم العراق حالياً إلى سقوطه , يعتقد بأن اللقب الذي سمّى ( صدام ) به نفسه ( قائد الضرورة ) لقباً معبراً و لائقاً به , وأيضا من يؤيد فكرة ( أن من رضييت عنه أمريكا وأثنى الغرب عليه , هو خائن وعميل ) بالمطلق يؤيد فكرة أن ( صدام كان بارّاً بشعبه ) ولكن ماذا عن الواقع ؟! وهل النتائج التي آل إليها العراق تعزز ذلك ؟ كان العراق أكثر أمناً و أماناً و الفتن نائمة ولكن كان هناك دوماً ما يقض المضجع و يفسد الفرح و يورد الهلع .. ومع ذلك لو رجعنا لموضوع الانتماء , في عهد ( صدام ) كان الولاء للعراق يعني الولاء لحزب البعث , يعني أن يذهب الرجال للحرب و القتال وتتحمل النسوة العيش دونهم وأن يستعدن نفسياً للترمل و يربين الأبناء دون عون أزواجهم , الولاء للعراق كان يعني أن يكون رأس الفل محشوُّاً بأناشيد عن الدم و الشهيد و المعركة والبسالة و الحروب و الذَّود عن الوطن , يعني أن تصحو كل صباح على صوت صافرات الانذار و يجُرّونك خوفاً وهلعاً إلى الملاجيء المظلمة و الباردة و السراديب المعتمة و الغائرة , يعني أن يخشى أخوك التنفس في بيته خشية أن تحس به الجيران لأنه متخلف من أداء الخدمة العسكرية ..
يعني أن يضحي الطفل بطفولته و يتابع ليلياً برنامج ( صور من المعركة ) ,كي يُطمْئن نفسه بأن والده ما زال حياً و صورته ليست من بين الجثث المرمية في المشاهد المفزعة , يعني أن تتبرع الطفلة بسوارها الذهبي لمعركة ( قادسية صدام المجيدة ) كُرهاً , أن تستغنى عن قرطها لكي تُهديها قرباناً للحرب ... يعني أن يمشي الكل وراء هستيريا النظام ونزواته ..
وحين يجتمع كل هذه البشاعات مع جرائمه بحق الشعب الكوردي و كل من يخالفه من طوائف اخرى , كيف لا يكون الولاء للعراق محطّ قلق وقيد تفكير و موضع تأمل ؟ !
فكيف لا تكون ولوداخليا رافضاً لهذه الجزئيات من وطنك ؟ و كيف لا يذكرك عبق ترابه برائحة الدم المُراق في المعارك ؟ وكيف لا تتصوره كوطنٍ كئيبٍ باك ؟
وكيف للذاكرة أن تنسى تلك الأناشيد الحزينة عن المعارك و الشهداء ؟
لقد مات شعور الولاء للعراق منذ زمن , هذا إذا كان مولوداً أصلا , ولم يعده إلى الحياة تولّي ( مام جلال ) منصب الرئاسة ..
بل سوف يعود ويُبعَث لو أصبح العراق حاملا للسمات الحضارية و الانسانية و الأخلاقية ..
فأنا لا يعنيني في بغداد نفطها و وزاراتها , بقدر مايعنيني كإنسانة غياب الملامح الانسانية فيها ,إنهم هم السّاسة الذين يخادعوننا و يضعوننا في دائرة جدلهم الأبدية ...
حين يختزلون المشاكل في أزمة نفط و يختصرون الصراعات في الاختلاف على الحدود و المناطق المتنازعة عليها !
إن قضيتنا الأساسية هي رجوع الانسانية لقلوب الساسة العراقيين , وأنا لا أجد إشكالا لو كان محافظ كركوك كوردياً أو تركماناً أو عرباً ولا يهمني عدد الكورد فيه ولا العرب , لكن الإشكال هو القدر الكبير من اللاإنسانية و تصغير الانسان في الثقافة السياسية المتبعة لدى ساستنا و تزمتهم بهذه العقلية وكأن الانتماء عندهم , هو حوضٌ كبير و قاسٍ يُغمسون أفكارهم المتعصبة قيه .
وبهذا يستحيل الانتماء إلى سلطة متسلطة وهذا ما ترفضه كل ذرة في كياني .
يذهب محاولاته سدىً من يحاول إقناعي بأنه عليّ الانتماء كلياً إلى كيان محدّد , فللانتماء قراءات متعددة .
وفي إعلان انتمائي المطلق لأي شيء , رسالة ضمنية بأني مشتركة في كل ما يحمله هذا الكيان من مساويء و نقص , وبأني مشتركة في حال فشله أو حتى نجاحه , وفي هذا خسارة فادحة لجزء من انسانيتي و تجرد من بعض قيمي التي تشكِّلني وتجعلني أنا !
أنا أستطيع الانتماء لذلك الجزء الكوردي الذي يستطيع أن يكون مبدعا و جميلا و أصيلا و محباً ولكني لاأستطيع الانتماء لكل مالا يحمل تلك الصفات .
فلو كان الانتماء للكورد يعني الانتماء ل (
گۆران - پیرەمێرد
و هەردی - هێمن
)**
فأنا كوردية حتى النخاع لكن لو كان الانتماء للكورد يعني الانتماء للأحزاب الكوردية و ساستهم و الپڕلمان
الذي يذكرني بحانوت حيِّنا فيُفتَح ويُغلَق على أمزجتهم , فأنا لا يعنيني هذا الانتماء .
ولو أن الانتماء للعراق يعني الانتماء لجُياع الجنوب و الأهوار المجففة , للناس المساكين الذين يُطحنون من قِبل جهات داخلية و خارجية , لو كان انتماءً لشعر ( نازك الملائكة و أحمد مطر ) , فأنا عراقية ولا أخجل من أن أعلن انتمائي لفاقتهم و ثقافتهم .
لو كان الانتماء للكورد هو انتماء لضحايا هەڵەبجە
و الظلم والتهجير الجماعي و الأنفال , لو كان انتماء ً لتراثه و موسيقاه والناس المغلوبة على أمرها و المهمشة لو كان انتماءً لشعر ( نالى و خانى )*** فأنا منتمية كليا .
لو كان الانتماء للعراقهو لذلك القرار المجحف بقطع رواتب الموظفين أو لذاك الشاعر المسمّى ب ( سعدي يوسف ) الذي وصف كوردستان بالقردستان و شعبا بأ كمله بالقردة , فإن عراق يبعد عني بمقدار المريخ .
بإمكان المرء أن يتبرأ من كل أنواع الانتماء , لكن بإمكانه أيضاً الاحتفاظ بإنتماءه لكل القيم السامية .
إن كوردستان (گۆران - پیرەمێردو هەردی - هێمن) ليس كوردستان ( تالباني و بارزانى )
فأنّى للمرء الانتماء للإثنين في نفس
الوقت و بنفس المقدار ؟ !
كما أن عراق ( عبادي و المطلگ ) ليس عراق ( كاظم الساهر و ناظم الغزالي
) !
لا يصدق مع نفسه من يقول بأنه بمقدوري الانتماء لكل هذه الأصناف المتناقضة
!
فالانتماء لا يخضع لمقياس الزمان و المكان ' لكنه يقاس بالمزايا والقيم وهو ليس دائرة مغلقة
...
إن الذين يستطيعون الانتماء لكل شئ في شعب او بلد ما و أن يتجردوا من كل ما لا ينتمي لذلك ' يعيشون مرحلة ما قبل الجدل الكبير للانتماء .. كل أنواع ا لانتماء الذي لا يمر بفلتر القيم و معاني الانسانية و الحرية ولا يراجع نفسه هو انتماء مريض دوگماتي و ربما له مآرب نفسية ' أن تكون كورديا او عربيا او چيكسلوفاكيا ' يعني أنك تنتمي لمجموعة قيم ' لجموع من الشخوص و الطقوس ' فهل يجدر بانتماءنا ان يكون انتماء للقطيع ؟
!
لا ولكن يا حبذا لو يكون انتماء للصفات الخلابة و المزايا الجذابة ' وعلى ذلك الانتماء للعراق ليس انتماء لدولة..

و أقول بأني كوردية الى الحد الذي لا يضر كورديتي ' ولائي و انتمائي للانسانية ...

و أرى بأن ذكر سلبيات قومياتنا و أوطاننا ليس جحودا ولا نكرانا لأصولنا ' لكنه جزء من وفاءنا و ولاءنا لها..

تلك كانت مسيرة مفهومي للانتماء من دواخلي إلى آفاقها الرحبة و تفاعلي الروحي معها والتي أوصلتني الى نتيجة ' ترضيني أنا على الأقل ' وتلعب دورها في توازن المعادلات و ترجيح كفتها لصالح الحق و رضى الانسان ! ...
بقلم : كوردية
٭ اللذيذة : ترجمة حرفية لوصفنا للغتنا
* * شعراء كورد
***شعراء كورد


هنيئا لك و لنا بقلمك و هو يعلمنا معنى الانتماء بتحليل عقلاني لفكر حر و موضوعي و حكيم ...
استمتعت و استفدت ...و ساعيد التامل لانني اعجبت فعلا بتحليلك الشامل المفصل ...رائع ..لي عودة باذن الله ..

تقديري للاخت كوردية ..المغربية !!ههه ..نحسبك منا في جغرافية الاخوة و الانتماء الذي حددت معالمه !

عبدالرحمان





    رد مع اقتباس