عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-12-31, 17:43 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

opinion عيد الميلاد طقس للإستهلاك




عيد الميلاد طقس للإستهلاك










نحن في نهاية شهر ديسمبر، المُدن والعواصم العالمية تعيش أياماً صاخبة وليالٍ ملوّنة بأضواء تزيّن الشوارع والمنازل، والثلوج المتساقطة تُضفي اللمسة الأخيرة على المشهد. إنه "عيد ميلاد المسيح".




في الواقع، يمتدّ هذا المشهد إلى مُدن أخرى أصغر حجماً من تلك المُدن العالمية، مُتجاوزاً بذلك حُدود الكنسية الكاثوليكية ونظيراتها، لكي يصبح عادةً وتقليداً مُجتمعياً لا يرتبط بالأصول الدينية والعقائدية أكثر من ارتباطه بالمبادئ التجارية الرأسمالية .




عرفنا مناسبة "الكريسماس" عندما كنا نجلس أمام شاشات التلفزيون لمتابعة أفلام الكرتون المفضّلة، ولعلّ أهم ما بقي معلّقاً على جدار الذاكرة هوَ قصّة بائعة الكبريت، تلك الفتاة النحيلة التي تحمل أعواد الثقاب والثلج يتساقط فوق جسدها المرتجف برداً على طول الطريق وهي تردّد:
"كبريتٌ .. كبريتٌ.. من يشتري مني كبريتاً؟"
والناس يسيرون في كلّ الاتجاهات ويقِفون عندَ أبواب المحلات التجارية التي تظهر عبر زُجاجها اللامع أضواء مصابيح تزيّن أشجار الميلاد الخضراء، وقطع الحلوى والشوكولا بأثمنة باهضة، لا مُبالين بها يدخلون بيوتهم في آخر الليل وتنام هي على الرّصيف .



تطوّر ذلك المشهد كثيراً في أذهاننا ولكنه لم يتغيّر في الواقع، لدينا المحلات التجارية نفسها لكن بحجم أكبر، وتلك الهُوّة العميقة بين أولئك الذين يدخلون لشراء أشجار الميلاد بمبالغ خيالية وأولئك النائمين على الأرصفة زادت اتّساعاً. يعتبر عيد الميلاد المناسبة الأولى من حيث إنفاق الأموال في العالم، حيث يصرف الأمريكيون تقريباً 40 مليار دولار في هذه الفترة الزمنية القصيرة فقط على الهدايا التي يقدّمونها للآخرين، كما تقوم البنوك بعرض المزيد من الأوراق المالية لتسهيل عملية الاستهلاك على عملائها.


في الدّول الإسلامية أيضاً يعتبر الكريسماس موسم تسوّق ضخم تستغله الأسواق الكبرى في رفع قيمة مبيعاتها. ولعلّ غياب ثقافة الاستهلاك الذكية عامل مؤثّر في نجاح هذه السياسة التّسويقية .
ورغم أنها مناسبة دينية مسيحية إلا أن المحتفلين بها هم من المسلمين واللادينيين أيضاً، وهُنا يبدو مذهلاً كيف تنسى الطوائف خلافاتها العقائدية لأنه أصبح يجمعها دينٌ موحّد هو :الاستهلاك .



لقد أكّد الباحث الاقتصاديJoel Waldfogel صاحب كتاب "استبداد الأسواق" أن شراء الهدايا في عيد الميلاد كلّف الولايات المتحدة وحدها خسارة اقتصادية قيمتها 4 مليار دولار سنة 2001، ويعود ذلك للتبذير في الإنفاق حسب نظرية الاقتصاد الجزئي، ناهيك عن مشاكل الفوضى وقطع عشرات الملايين من الأشجار كلّ عام بهدف بيعها كَديكور، ولذلك فإن الأمور ليست كما تبدو عليه دائماً.



حاولت البحث باللّغات الثلاثة عن أرقام واضحة تعرض قيمة الأموال التي تُصرف في أسواقنا التجارية في هذه الفترة، لكن يبدو أن وزاراتنا منشغلة بأمور أكثر جدوى من توفير وإطلاع المواطنين على بعض قواعد البيانات والأرقام السّخيفة التي تخصّ الشركات التي تصنع أرباحها من جيوبهم.



إنّ ما يُبنى على باطل يسقُط بالباطل نفسه في النهاية، وما أشبه ذلك بحديث الرّسول (ص) حين يقول:



"حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ".




عبد الفتاح عالمي





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس