عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-12-24, 13:14 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

c1 التربية بالإستعانة





التربية بالإستعانة

للأستاذة أناهيد السميري




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



نتكلم اليوم إن شاء الله عن مسألة
التربية : التربية بالاستعانة

وهذا اللقاء له شِقّان: نبدأ في الكلام عن الاستعانة أولاً ثم الكلام عن التربِية بالاستعانة.

سنتكلم في مسألة الاستعانة بالله –عزّ وجلّ- في خمس قواعد:








القاعدة الأولى:


أنّ الله –عزّ وجلّ– لمَّا ابتلاك واختبرك،
ما ابتلاك
بقواك الذاتية، إنما ابتلى فيك قوة استعانتك به


يعني أنت يا عبد تَعلَم في أوائل سورة الملك أن الله –عزّ وجلّ– خلقك من أجل أن يبتليك، قال تعالى: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[1]


إذاً أنت مخلوق لِتُبْتلى وتختبر في الحياة.

لكن، كيف؟ وماذا ستفعل؟ وفي ماذا ستُخْتبر؟ كل الاختبار دائر في دائرة واحدة

لابد أن تتصوّر أنه ليس لك قوة ذاتية، ألم تسمع وصفك في سورة الإنسان **
هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}ما به؟** لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}ثم ** إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}[2]

فإذًا أنت لست بشيء لا من جهة الإيجاد ولا من جهة الإعداد ولا من جهة الإمداد ولا من جهة الإسعاد، فالله –عزّ وجلّ- هو الذي أوجدك وأعدّك وأمدّك وأسعدك، لا تتّجه يمنةً ولا يسرةً لتبحث عن أسبابٍ للإسعاد والإمداد، بل أسباب الإسعاد والإمداد كلها مِن الله.

فإذا تصوّرت أن أبناءك سبب إسعادك، فهم ليسوا سببًا للإسعاد إلا أن يجعلهم الله سببًا لذلك، وليسوا سببًا للرحمة إلا أن يقذف الله في قلوبهم أن يرحموك، وليسوا سببًا للرِّفق بك إلا أن يُلقي الله في قلوبهم أن يَرفُقوا بك.انتهى الأمر على أنك مُختَبر و مُبْتَلى بقوة استعانتك وليس بقواك الذاتية.

إذًا نحن اُخْتُبِرنا في الحياة، اختَبَرنا الله أن نُنَفّذ أوامره ونَنتهي عن نواهيه، هذا الاختبار لن ننجح فيه بقوانا الذاتية، إنما ننجح فيه بقوة الاستعانة.





والأدلة على ذلك كثيرة:

1- {إياك نعبد}تأتي بـ {إياك نستعن}.

لا تتحقّق الغاية التي هي "
إياك نعبد" إلا بتحقق الوسيلة التي هي "إياك نستعين"( إياك نعبد ) غاية و ( إياك نستعين ) وسيلة

1- وتقول قبل خروجك من بيتك: ((بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله))[3] يعني تخرج لتحصيل مصالحك التي لا تستطيعها إلا بحول الله وقوته.

فَكُل ما يصيبك إذا كان من كَدر فلا يُفَرِّجهُ إلا الله، وإن كان من خير فَلَن يعطيه إلا الله.

2- بل لمَّا يُأذِّن المُؤَذِّن فتستجيب له ويقول "
حيَّ على الصلاة – حيَّ على الفلاح" تقول: (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) أيْ أنا لا أستطيع أن أقوم إلى صلاتي إلا أن يعطيني الله –عزّ وجلّ– الحول والقوة.

عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ: إِنِّي عِنْدَ مُعَاوِيَةَ إِذْ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَمَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ، حَتَّى إِذَا قَالَ "
حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ" قَالَ ((لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)) فَلَمَّا قَالَ "حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ" قَالَ ((لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)) وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ، ثُمَّ قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ"[4].

فعلى ذلك أنت لست بشيء إنما أنت عبد وَصفُكَ الحقيقي أنَّك
(فقير)، والفقر هذا مِن أعظم الأوصاف التي تأتي بالخيرات.

موسى عليه السلام كيف نزلت عليه الخيرات وانفتح باب الفَرج عليه؟ لّمَّا قال: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }[5] فجاء بعد ذلك الخير الكثيرإذاً، اعلم أنك يا عبد اُبتليت بقوة استعانتك ولم تبتلى بقواك الذاتية، هذا أول معنى في مسألة الاستعانة.





القاعدة الثانية:


كيف أُقَوي استعانتي بالله؟
تَقوَى استعانتك بالله كُلَّما تعلّمت عن نفسك

وكلمَّا تعلّمت عن رَبَّك
من الذي سَيُعَلِمَك عن نفسك؟
تتبّع وصوفاتك في كتاب الله، أنت (الإنسان) ماذا تكون؟

مَرْ معنا وصوفات الإنسان:

ففي سورة الإنسان: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} لم نكن شيئا مذكورًا إنما كُلَّنا ضَعْف.

وكما في سورة النحل: **
وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[6]

وفي سورة النساء قال: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[7]

وفي سورة الأعراف: ** قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا}[8]

وقال: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ}[9][10]

إلى آخر وصوفات الإنسان التي يكفينا فيها آية فاطر ** يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[11]






أمَّا مقياس فَقرك، فليس هو مقياس النَّاس الذي يتداولونه بأموالهم إنما أنت فقير، فلمّا يأتيك النعاس فأنت فقير إلى الفراش، ولمَّا تجوع فأنت فقير إلى الطعام، ولما تَعرى فأنت فقير إلى اللّباس، إلى آخر مظاهر فقرك، فأنت في دائرة الفقر، لست مكتفٍ بذاتك.

إذاً {
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} فقراء إلى من؟ ليس إلى بعضكم، وهذا من نعمة الله علينا إنما {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } الله –عزّ وجلّ– وحده الصَّمد الذي لا يحتاج إلى أحد، وكل أحدٍ يحتاج إليه.

هو –سبحانه وتعالى– (الأول) الذي ليس قبله شيء فلا تطلب شيء من لا شيء، بل اطلب كل شيء من (الأول) الذي ليس قبله شيء، إذا أردْت أن تأخذ بالأسباب فاطْلُب من ربّ الأسباب أن يأتيك بالأسباب.

وإذا أردْت معرفة مسألة الأسباب فانظر إلى قوله تعالى: {
أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}[12]من أين لك الحبة والبذرة؟ من أين لك التربة؟ من أين لك الماء؟ من أين لك القدرة على شَقِّ هذه الأرض؟



هو سبحانه (الآخِر) الذي ليس بعده شيء.

كل هذا ما هو إلا من عطاء الله، ثم إذا انتهى جَمعك للأسباب وضعتها فوق بعض، ثم تسأل الله .






من فالقُ الحبِّ والنَّوى؟ ومن مُخرج الثمرات؟ لا يوجد فالقٌ للحب والنوى ولا مُخرج للثمرات إلا هو -سبحانه وتعالى-؛ لذلك لابد من تصور تمام النَّقص من أنفسنا مع تمام كمال الرب –سبحانه وتعالى–
فعلمُكَ بهذا يزيد استعانتك

إذًا تأتي قوة الاستعانة من قوة معرفة العبد لنفسه ومن قوة معرفه العبد لربه، لكن مادام أنك مخدوع في معرفة نفسك، ستكون النتيجة أنَّه سيكون في قلبك استغناء عن الله وعدم طلب العون منه، من أجل ذلك تأتي القاعدة الثالثة


القاعدة الثالثة

يتبع










التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس