عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-12-10, 18:33 رقم المشاركة : 3
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: جون بياجي: التوجهات التربوية الأساسية


وفي ما يتعلق بالعلاقة بين التربية وعلم النفس، يبدو بياجي في "خطاباته" أكثر صراحة منه في كتاباته الأخرى.


أولا إن العلاقة بين التربية وعلم النفس، هي بالنسبة إليه، علاقة ضرورية: "في الحقيقة لا أعتقد بأن هناك بيداغوجوجيا عالمية.

إن المشترك في كل الأنظمة التربوية هو الطفل نفسه، أوعلى الأقل ملامح عامة من نفسيته"(Piaget, 1934b, p: 94).

هذه الملامح -تحديدا- هي التي ينبغي على علم النفس أن يوضحها، لكي يتسنى للطرق التربوية أن تأخذها بعين الاعتبار : "لا يمكن أن ننكر أن أبحاث علماء النفس هي التي شكلت نقطة البداية لكل الابتكارات ذات الطابع المنهجي والديداكتيكي في العشرية الأخيرة. إنه من غير الضروري التذكير هنا بأن جميع الطرق التربوية التي استدعت المصالح والنشاطات الواقعية للتلاميذ قد استلهمت علم النفس التكويني"(Piaget, 1936, p: 14)



لكن، "العلاقات بين البيداغوجيا وعلم النفس معقدة: فالبيداغوجيا فن، أما علم النفس فهو علم. لكن، إذا كان فن التربية يتطلب قدرات فطرية فريدة فإنه في حاجة إلى التطوير من خلال إمداده بالمعارف الضرورية عن الكائن الإنساني، الذي نريد تربيته"(Piaget, 1948, p: 22). فضلا عن ذلك، "نؤكد باستمرار أن التربية فن وليست علما، لذلك فهي غير ملزمة بالتماس تكوين علمي.

إذا كان هذا الأمر صحيحا، فالتربية مثلها مثل الطب؛ الذي يتطلب قدرات ومواهب فطرية، لكنه يلتمس أيضا معارف تشريحية باثولوجية ..إلخ.



أيضا، إذا كانت البيداغوجيا تريد أن تهذب التلميذ، ينبغي لها أن تنطلق من معرفة الطفل، أي من علم النفس"(Piaget, 1953, p: 20)
بشكل أكثر وضوحا، على مستوى البحث العلمي، يعتبر بياجي –بلغة لا تخلو من جدال- أن البيداغوجيا التجريبية لا يمكن أن تستمر بدون إقامة علاقة مع علم النفس: "إذا كانت البيداغوجيا تريد أن تصبح علما وضعيا خالصا؛ أي علما يقتصر على ملاحظة الحدث دون أن يسع إلى تفسيره، ويقتصر على ملاحظة النتائج، لكن، دون أن يبحث لها عن أسباب، فإنه من المؤكد أن هذه البيداغوجيا لن تحتاج إلى علم النفس (...).



لكن، إذا كانت البيداغوجيا التجريبية ترغب في فهم ما تكتشفه، وتفسير النتائج التي تلاحظها، والعمل على تفسير السبب الذي يجعل بعض الطرق البيداغوجية تتفوق عن الأخرى من حيث الفعالية، يعني ذلك العودة على الدوام إلى علم النفس البيداغوجي وليس إلى مقياس المردودية في البيداغوجية التجريبية"(Piaget, 1966a, p:39)



لكن، إذا كانت العلاقات بين البيداغوجيا وعلم النفس معقدة، فإن الحوار بين المربي والعالم النفسي ليست أفضل حالا. يذهب بياجي إلى حد تقديم نصائح ذات طابع استراتيجي، تعبر عن حكمة وتجربة مفاوض حاذق. يقول: "ينبغي دائما أن نتذكر القاعدة الأولية في علم النفس، التي مفادها ما يلي: للإنسان عموما حساسية في تلقي الدروس، ولا شك في أن المربين هم أكثر حساسية في ذلك. منذ القديم عرف علماء النفس أنه لكي يسمع المدرسون والإداريون إلى كلامهم ينبغي أن يحترسوا من الظهور بمظهر من يعود إلى المذاهب النفسية، ويكتفوا بالتظاهر بالعودة إلى الفطرة السليمة" (Piaget, 1954a, p: 28)



قد يبدو هذا الكلام ذو طابع انتهازي لأول وهلة! لكن، إذا فكرنا بعمق سنجد هنا أيضا العقيدة التربوية الأساسية ل بياجي: "لنا الثقة التامة في القيمة التربوية والإبداعية للتبادل الهادف L'échange objectif. لقد اعتقدنا أن التكوين المشترك والفهم المتبادل، انطلاقا من وجهات نظر مختلفة يسهمان في تكوين الحقائق. لقد فندنا سراب الحقائق العامة من أجل الاعتقاد في هذه الحقيقة الملموسة والحية، التي تنشأ من خلال المناقشة الحرة، وأيضا من خلال عمليات التنسيق الجاد والمتحسس للمنظورات المختلفة، بل والمتناقضة أحيانا (Ibid).



هذه العقيدة لا تقتصر على المجال التربوي: بل هي بالنسبة ل بياجي الشرط الضروري لكل عمل علمي، والمبدأ المنظم لكل نشاط إنساني، قاعدة حياة كل كائن عاقل.



التشكل الطويل للإبستيمولوجيا التكوينية



إذن، من خلال هذا الفكر سيواصل بياجي بناء مشروعه، الذي سحره منذ بداية مشواره العلمي: يتعلق الأمر هنا بمحاولة إقامة "علم تكون الذكاء" (Piaget, 1976, p: 10). انطلاقا من مثل هذه الدراسات، التي تقوم على مقاربات ومناهج مختلفة، وتعتمد على المقابلة بين علماء من آفاق متباينة، وفي تخصصات متنوعة، درس بياجي نمو الذكاء منذ فترة الطفولة الأولى، وتوصل إلى صياغة فرضيته الشهيرة، التي مفادها أن هناك "تواز"، بين سيرورة إعداد المعرفة الفردية وسيرورة إعداد المعرفة الجماعية، أي بين علم النفس وتاريخ العلوم (Piaget, 1983).



لقد أثارت هذه الفرضية -خاصة من خارج حدود ناحية جنيف، ومن الميدان الخاص بعلم النفس- جدلا واسعا. لكنها كانت، من المنظور الاستكشافي، ذات خصوبة عجيبة: ليس فقط لأنها أسعفت العلماء -الذين يشتغلون في المركز الدولي للإبستيمولوجيا التكوينية- في إنتاج علمي ضخم؛ إذ وصلت أعماله المنشورة إلى حوالي سبعة وثلاثين مجلدا. بل كانت أيضا مصدرا للجهود الجديدة، التي انطلقت من النقاش العميق الذي دار حول التربية من منظور بياجي، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.



لقد سبق ل"عالم النفس" بياجي أن أمد المربي بسلسلة مهمة من الأعمال التجريبية، استنادا إلى الطرق الفعالة، التي استلهمها من "منتسوري" و"فريني" و"دوكلوري" و"كلاباريد". كما سبق له أيضا -من خلال أعماله في مجال تطور ذكاء الطفل- أن شجع المدرسين على تكييف تدخلاتهم البيداغوجية مع المستوى الفعلي للتلميذ.



سيعرض -هذه المرة- "عالم الإبستيمولوجيا" جان بياجي وجهة نظر جديدة: سيقترح الخروج بشكل من الأشكال من عالم التلميذ، ومستواه، ومشاكله، وقدراته الخاصة، لكي ينفتح من جديد على السياق الثقافي، مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف المسارات والآثار التاريخية للمفاهيم نفسها التي يريد دراستها.

القراءة المضاعفة للبنائية التكوينية


يتبع





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس