عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-10-31, 16:38 رقم المشاركة : 7
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: الفيلسوف طه عبد الرحمن يفكك التطرف بمطرقة النقد الأخلاقي


الحوار بين المسؤولية والأمانة




بالنسبة للقسم الثاني، وعنوانه: "الممارسة الحوارية بين المسؤولية والأمانة"، فكان أشبه بتمرين معرفي تعود عليه قارئ أعمال طه، ويمكن وصف هذا التمرين، أو قل "القاعدة النقدية" بما يُشبه "الاشتباك المعرفي النقدي" مع النصوص الفلسفية المؤسّسة، كما عاينا ذلك في لائحة عريضة من إصدارات مُؤسّس الدرس المنطقي في المجال التداولي المغاربي.


يتعلق الأمر هذه المرة، بالاشتباك المعرفي النقدي مع اجتهادات الفيلسوف الفرنسي (من أصل ليتواني) إيمانويل ليفيناس، ذات الصلة بمفهوم الحوار (ومن هنا أسباب نزول العنوان الفرعي للكتاب، أي "الائتمانية والحوارية"، حيث خُصص القسم الأول من الكتاب لنقد مفهوم العنف، انطلاقاً من مبادئ "النظرية الائتمانية"؛

بينما خُصّص القسم الثاني، للعروج على تقييم وتقويم مفهوم الحوار، في سياق تداولي مغاير، انطلاقاً من نفس الأرضية النظرية، ولذلك أشرنا سلفاً، أعلاه، إلى أن كتاب "سؤال العنف"، يُصنف في خانة تطبيقات "النظرية الائتمانية").




جدير بالذكر هنا أيضاً، أن القسم الثاني، هو النص الكامل للمحاضرة التي ألقاها طه عبد الرحمن يوم 3 ماي 2016، بمدينة الجديدة [مسقط رأسه]، على هامش أشغال افتتاح مؤتمر نُظم في موضوع: "إشكالية العلاقة بين الحوار والأخلاق في الفكر المعاصر:
مشروع الفيلسوف طه عبد الرحمن نموذجاً"،
ونظمه مختبر الترجمة والتواصل والآداب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة شعيب الدكالي بالجديدة) بالتعاون مع مختبر الترجمة وتكامل المعارف بكلية الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة القاضي عياض بمراكش) وفريق البحث في التعليم والترجمة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة ابن زهر بأكادير).




وجاء عنوان المحاضرة حينها كالتالي: "الممارسة الحوارية بين المسؤولية والأمانة"، وهو بالطبع، عنوان القسم الثاني،




اعتبر المؤلف بداية أن الممارسة الحوارية ليست مجرد صورة من صور الكلام، وإنما هي الأصل في وجوده، وقد خصّ الدخول في هذه الممارسة باسم مُشتق من نفس المادة اللغوية، وهو "المساءلة"، باعتبارها الحوار الذي تتحدد فيه مسؤولية المحاور، مستعبداً التوقف عند الدلالة السياسية للمفهوم، والذي يواجه فيه المسؤول أسئلة الممثلين للشعب، ومفضلاً في المقابل، التوقف عند الحوار الديني الذي تلقى فيه الإنسان سؤال الإله قبل أن يتلقى سؤال الإنسان، تأسيساً على مصدرين اثنين:


أحدهما المصدر التوراتي (من سفر التكوين، 4)،



والآخر المصدر القرآني (الأعراف، 172 و173)، ومن هنا أسباب التوقف عند أعمال ليفيناس، لأنه كان متشبعاً بعقيدة دينية ومتضلعاً في التراث التلمودي، بل وضع مؤلفات مرجعية، وخَصَّ طه بالذكر كتابه الشهير "الوجود الكلي والآخر اللامتناهي"، وأيضاً كتابه الآخر "مغايرة الوجود". (ص 170)


هذا عن المصدر التلمودي في سؤال الحوار وهو الذي انتهى بليفيناس للحديث عن حوار "المواجهة"، مقابل حوار "المواثقة" عند طه عبد الرحمن في الشق الخاص بالمصدر القرآني، بتعبير آخر، الإحالة على المصدر التوراتي تُخوّل لطه أن يُسمي المسائلة بـ"المواجهة"، وحَدُّها أنها عبارة عن المساءلة التي يتساءل فيها الإنسان عن أداء واجبه، أما الإحالة على المصدر القرآني، فتصب في الحديث عن "المواثقة"، وهي عبارة عن المُسائلة التي يُسأل فيها الإنسان عن الميثاق الذي أُخِذ منه.




والحال، يضيف طه، أن التعامل مع الأصل الديني للمساءلة يختلف باختلاف هاتين الصورتين، أي "المواجهة" و"المواثقة"، حيث إن التعامل في سياق المواجهة يتأسّس على التنكر لمقتضيات هذا الأصل الديني، وهذا اصطلح عليه طه عبد الرحمن بالتغييب، بينما يقوم التعامل مع هذا الأصل الديني في سياق المواثقة على تذكر الأصل الديني، وهو ما اصطلح عليه بالتشهيد. وبالنتيجة، خلُصَ طه إلى أن "المواجهة" حوار يُغيب المسؤولية، بينما "المواثقة" حوار يُشهد المسؤولية.


توزع القسم الثاني من الكتاب على محوريين اثنين، جاء الأول بعنوان "حوار المواجهة وأخلاق المسؤولية"، وكان عبارة عن تعريف وتفصيل في أعمال إيمانويل ليفيناس، مع الرهان على تمرير ترجمة توصيلية لمفاهيمه، وفي مقدمتها تعريفه للحوار؛ بينما جاء عنوان المحور الثاني كالتالي: "حوار المواثقة وأخلاق الأمانة".


في مضامين الباب الأول من القسم الثاني، انطلق طه عبد الرحمن من تعريف ليفيناس للحوار قصد مناقشته، وجاء التعريف كالتالي: "إنه الخطاب الذي يدور بين الناس، وهو وجهاً لوجه"، متسائلين فيما بينهم ومتبادلين الأقوال والاعتراضات والأسئلة والأجوبة، ويُعرف ليفيناس المواجهة بكونها تربط بين طرفين متقابلين تقابلاً، لا اتحاد معه ولا اختزال ولا تنسيق، وهذا الطرفان هما الأنا والآخر.


بالنسبة لعناصر النظرية الائتمانية للحوار، كما سَطرها طه عبد الرحمن، فقد كانت مؤسّسة على أربعة أركان: الميثاق، الأمانة، الشهادة والمخالقة، وكلها مفاهيم مُميزة "للنظرية الائتمانية".


عموماً، لقد سبق أن توقفنا عند معالم القسم الثاني من الكتاب، ونحسبُ أن مضامين القسم الأول منه، تتطلب طرح لائحة من أسئلة المكاشفة والمصارحة، أقلها السؤال التالي: هل نحن صادقون فعلاً في مواجهة ظاهرة التطرف الإسلامي، وبالتحديد ظاهرة الإرهاب الصادر عن "الجهاديين" أو الإسلاميين القتاليين؟


هذا السؤال ليس موجهاً إلى صناع القرار السياسي والأمني وحسب، ولكنه موجه من باب أولى إلى مُجمل الفاعلين الدينيين، الرسميين والحركيين، وبيان ذلك، أن مضامين القسم الأول من الكتاب، تجسّد اختباراً صريحاً في هذا السياق.


هذا العمل إذاً، أشبه بإبراء ذمة للمؤلف، الفيلسوف المُجدد طه عبد الرحمن، من ثلاث مؤسسات في آن:


ـ المؤسسة الدينية، حيث يؤاخذ عليها القصور الفقهي والمعرفي في مواجهة الخطاب العنف الديني؛


ــ المؤسسة الثقافية، حيث يؤاخذ عليها القصور النظري في الاشتغال على تفكيك ظاهرة التطرف؛


ــ وأخيراً، المؤسسة الأمنية التي تأخرت في الاستنجاد بأهل العمل المعرفي، في سياق مواجهة العنف باسم الدين.







التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس