عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-09-15, 17:25 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: كنوز في التربية : دراسة موجزة حول رسالة ( أيها الولد) لأبي حامد الغزالي


توطئة:


يعد أبو حامد الغزالي من كبار المفكرين المسلمين بعامة، ومن كبار المفكرين بمجال علم الأخلاق والتربية بخاصة، وقد استفاد الغزالي من تجربته العميقة معتمدا على الشريعة الإسلامية في بناء منهجية متكاملة في تربية النفس الإنسانية. كما بين الطرق العملية لتربية الأبناء وإصلاح الاخلاق الذميمة وتخليص الإنسان منها، فكان بذلك مفكراً ومربياً ومصلحاً اجتماعياً في أن معاً. يرى الغزالي ان الاخلاق ترجع إلى النفس لا إلى الجسد، فالخلق عنده هيئة ثابتة في النفس، تدفع الإنسان للقيام بالافعال الاخلاقية بسهولة ويسر، دون الحاجة إلى التفكير الطويل.


ويرى الغزالي ان الاخلاق الفاضلة لا تولد مع الإنسان، وإنما يكتسبها عن طريق التربية والتعليم من البيئة التي يعيش فيها. والتربية الأخلاقية السليمة في نظر الغزالي، تبدأ بتعويد الطفل على فضائل الاخلاق وممارستها مع الحرص على تجنيبه مخالطة قرناء السوء، حتى لا يكتسب منهم الرذائل، وفي سن النضج العقلي، تشرح له الفضائل شرحاً علمياً، يبين سبب عدها فضائل، وكذلك الرذائل وسبب عدها رذائل، حتى يصبح سلوكه مبنياً على علم ومعرفة واعية.[4]




مفهوم التربية وتعريفها:


التربية لغة: من ربّى يُربّى تربية، يقال:رَبَّ ولَدَه، والصَّبِيَّ يَرُبُّهُ رَبّاً، ورَبَّبَه تَرْبِيباً وتَرِبَّةً، ورَبَّاه تَرْبِيَةً، وتَرَبَّاه، وأَنشد اللحياني: تُرَبِّبُهُ من آلِ دُودانَ شَلّةٌ ... تَرِبَّةَ أُمٍّ لا تُضيعُ سِخَالَها.[5]


والتربية اصطلاحا : يقول(سويفتSwift)ان التربية هى الطريقة التى يتمكن الفرد بواسطتها من ان يكتسب الكثير من القدرات البدنية والاخلاقية والاجتماعية، التى تتطلبها الجماعة التى ولد بها، والتى يجب ان يعمل فيها).[6]


أوالتربية : عبارة عن عملية تشكيل لشخصية الفرد، ولبناء حياته داخل الاطار الذى ارتضته الجماعة لنفسها، والذى وضعت معاييره وحددت ضوابطه، وهذه العملية تبدأ مع الانسان طفلا يتشرب القيم، والاتجاهات والتصورات من والديه، ثم ينمو الطفل، ويحتك بالاقارب والجيران، فتزيد دائرة احتكاكه، ثم يذهب الى المدرسة).[7]


ونحن إذ ندرس التربية عند الغزالي، وهو بصفته مسلما، اذن المقصود بالتربية عنده، هى التربية الاسلامية، ولابد ان نأتى بتعريفات خاصة لهذا المفهوم.


فالتربية الاسلامية:

عملية مقصودة تستضيئ بنور الشريعة، تهدف الى تنشئة جوانب الشخصية الانسانية جميعها، لتحقق العبودية لله سبحانه وتعالى، ويقوم فيها افراد ذوو كفاءة عالية، بتوجيه تعلم افراد آخرين، وفق طرق ملائمة، مستخدمين محتوى تعليمى محدد، وطرق تقويم ملائمة.[8]
والموسوعة العربية العالمية، عرف التربية الإسلامية بانها: تعبير يقصد به تنشئة الفرد المسلم والمجتمع الإسلامي، تنشئة متكاملة يُراعى فيها الجانب الروحي والمادي، في ضوء النظرة الإسلامية الشاملة، وهي تُعنى بالفرد وإعداده لحل مشاكله، ومدى نجاحه في تحقيق رغباته المشروعة والممكنة التي تضمن له حياة هانئة في الدنيا والآخرة.[9]


أيُها الولد:


أصل هذة الرسالة، نصيحة كتبها الامام لشيخ عالِم، قضى حياته فى درس فروع المعرفة، ولكنه لما اوشك عمره على النفاذ، تحقق انه لم يعرف بعدُ ماذا يخص هذا العالم من الاعمال، وماذا ينفع الانسان فى حياته الاخروية، اقرأ ماذا تقول جامع وحافظ هذه الرسالة من الضياعاعلم انّ واحدا من الطلبة المتقدمين، لازم خدمة الامام، واشتغل بالتحصيل وقراءة العلم عليه، حتى جمع دقائق العلوم، واستكمل فضائل النفس، ثم انه تفكر يوما فى حال نفسه، وخطر على باله، وقال:انى قرأت انواعا من العلوم، وصرفت ريعان عمرى على تعلمها وجمعها، والان ينبغى لى ان اعلم اى نوعها ينفعنى غدا ويؤنسنى فى قبرى؟وايها لا ينفعنى حتى اتركه...ثم يقول:فاستمرت هذه الفكرة، حتى كتب الى حظرة الشيخ استفتاءا، وسأله مسائل، والتمس نصيحة ودعاءا).

[10]
لقد كان الغزالي يخاطب فى هذه الرسالة، رجلا متعلما ذا معرفة فنية عظيمة، فكان من اجل ذلك، يؤكد جانب العمل الذى يتفق مع علم ذلك الرجل، لان ثمر المعرفة تظهر فى سلوك الانسان فى حياته.[11]

إطلالة الرسالة:



مما يلاحظ ان كثيرا من العلماء المسلمين التربويين، عندما يبدأون رسائلهم ونصائحهم، يستهلون بهذه العبارات الشيقة والمأنوسة، مثل:ايها الولد، يابنى، اعلم رحمك الله، انتبه اطال الله بقاءك، وهذا المسلك، مسلك قرآنى مميز، فنحن نرى فى اماكن من القرآن، بدأ الله سبحانه وتعالى خطابه للمسلمين بهذه العبارات، مثل قوله تعالىفَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)(محمد:19) وقوله تعالى(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ)(الحديد:20)وقوله تعالى على لسان لقمان(يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)(لقمان:17).

وصاحب الرسالة التى نحن بصدد البحث عنها، بدأ رسالته بهذا الشكلاعلم ايها الولد والمحب العزيز- اطال الله بقاءك بطاعته، وسلك بك سبيل احبابه ).[12]


الآثار العملية للتربية والتعليم:


أشار الغزالي فى هذا المضمار الى حقيقة علمية ومنهجية، وهو الجانب العملى والتطبيقى فى العملية التربوية، وهذا المستوى يحتاج الى التعمق والتدبر من قبل المتعلم، ويحتاج ايضا الى انبثاق المعلومات فى أعماق القلب والايمان الكامل به، لكى تبدو بذورها وتتسع باسقاتها، وهذا لا يتاتى الا اذا تحولت المعلومات الى حيز التطبيق، فبدون التطبيق، تبقى المعلومات والمهارات، كالكائن الميت، الذى لايسمن ولا يغنى من جوع. وهنا تجدر الاشارة الى الاهداف المرجوة من التربية والتعليم، فقد حددها(بلوم) بست مراحل، منها التذكر والاستيعاب، وتأتى التطبيق ثالثا فى تصنيفه، وهى القدرة على استعمال المادة المتعَلَّمة فى حالات جديدة محددة.



[13]
وفى التربية الاسلامية، تجد اهتماما كبيرا بالجانب التطبيقى والعملى، ولهذا الَّف الخطيب البغدادى كتابا بعنوان(اقتضاء العلم العمل)، مُنوهاً باتصال وثيق بين هذين الامْرين فى العقيدة الاسلامية، وههنا يشير صاحبنا الى هذا الجانب المهم، وينعت الذين خدعتهم افكارهم غير السوية واشتغلوا بتحصيل العلم فقط، واهملوا الجانب التطبيقى، بقولهفانه يحسب ان العلم المجرد له، سيكون نجاته وخلاصه فيه، وانه مستغن عن العمل، وهذا اعتقاد الفلاسفة، سبحان الله العظيم! لا يعلم هذا المغرور انه حين حصّل العلم، اذا لم يعمل به، تكون الحجة عليه آكد).

[14]
ويقول ايضا: (فلو قرأ رجل مائة الف مسألة علمية وتعلّمها، ولم يعمل بها، لا تفيده الا بالعمل).

[15]
كذلك يقول: (ولو قرأت العلم مائة سنة، وجمعت الف كتاب، لا تكون مستعدا لرحمةالله تعالى الا بالعمل).

[16]
وفى مكان اخر يؤكد على هذا، بقولهايها الولد ما لم تعمل، لم تجد الاجر).[17]
والله سبحانه وتعالى يقول: ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى)(النجم:39، 40).





القصد من التربية والتعليم:


يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس