عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-08-24, 18:39 رقم المشاركة : 3
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: ملف عن مدينة سبتة المسلمة: أقدم احتلال في التاريخ!


سبتة قبل الاحتلال الإسباني:




يشهَدُ التَّاريخ - تاريخ ما قبل الإسلام وما بعده - بِمغربيَّة مدينة سبتة، وذلك حتَّى قبل أن توجد إسبانيا كدولة، واستمرَّت مغربية عربية إسلامية على مرّ العصور، حتَّى هاجمَتْها الحملة الصليبية بزعامة البرتغال وبمباركةٍ من البابا، واحتلَّت يوم الأربعاء 15 جمادى الأولى 818 هـ، الموافق ليوم 21 غشت 1415م)، فكانت بذلك أول أرض تستعمر في المغرب العربي، وأول بلد إفريقي يستولي عليه المحتل الأوربي في العصور الحديثة[12] وما يزال!



ومما لا ينبغي أن يخفى على كل مهتمٍّ وغيور على دينه وأمته - أن المغاربة المسلمين لم يرضخوا عبر تاريخهم المجيد لوجود أجنبي فوق أرضهم، كما تشهد الكتابات التاريخية عن دور المجاهدين المغاربة في عهد الموحِّدين، في تلبية نداء صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله - في استرجاع بيت المقدس من أيدي الصليبين، فقد خاضوا معارك بطولية في عهد يوسف بن تاشفين، وعبدالمومن الكومي وعبدالكريم الخطابي؛ لتحرير الثغور الشاطئية، ونجحوا في طرد المستخرب الصليبي، باستثناء سبتة ومليلية والجزر الجعفرية - عجَّل الله بردِّهم إلى أرض المغرب.


ولا ننسَ في هذا المضمار أن نسجِّل فترات القوة بالنسبة للمغرب، خاصة في عهد السعديين الذين انتصروا على الإيبريين في معركة تاريخية مشهورة، هي معركة وادي المخازن يوم30 جمادى الأولى سنة 968هـ/ 4 غشت 1578م (هزمت أعتى دول العالم الصليبي في تلك الفترة)، وفي عهد مولاي إسماعيل السلطان العلوي- أن يسميها بعض دارسي التاريخ المغربي "بمغرب الفرص الضائعة"! قدر الله وما شاء فعل.

أخي القارئ الكريم؛ إليك أهمَّ المحطات التاريخية التي مرَّت بها المدينة المغتصبة والسليبة مِن قِبَل إسبانيا الصليبية:






* مرحلة ما قبل الفتح الإسلامي وما تلاها:



وقد تمتَّعتْ سبتةُ بِموقع إستراتيجي متميّز؛ لذلك سيطر عليها الرومان في عام 42 بعد الميلاد، وبعد ذلك بنحو 400 عام طردتْ قبائلُ الوندال بقيادة جنصريق الرومان من المدينة، وبعد ذلك سيطر عليها البيزنطيون (إلى درجة أن مدينة سبتة استحقَّتْ لقبَ عاصمة موريتانيا كلها) فالقوط القادمين من إسبانيا. وما إصرار الدول المتعاقبة للسيطرة على هذه المدينة المغربية إلا لأهميتها الاستراتيجية والجغرافية!





1- مدينة سبتة إبان الفتح الإسلامي:



قصة الفتح الإسلامي هو استمرار لعهد الصحابة الكرام، ومِن بعدهم التابعين - رضي الله عنهم أجمعين، فبعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - استمرَّ الفتحُ ينطلق في كلِّ اتجاه حتى وصل للغرب الإسلامي، وفُتح على يد عقبة بن نافع، ولكن بلاد المغرب كانت غير مستقرة وفى ثورة دائمة، حتى جاء القائدُ المسلم العظيم موسى بن نصير، واستقر شمال إفريقيا علي يديه ما عدا مدينتي سبتة وطنجة.

وعندما أطلت الجيوش الإسلامية الفاتحة، أسرعت القوات البيزنطية في الانسحاب نحو الشرق تاركةً الفراغَ لأمير غمارة المعروف بيوليان (أو جوليان)، وكان هذا الأمير حاكم مدينتي سبتة والجزيرة الخضراء وتوأمتي المضيق.

ولمدينة سبتة - كما تذكر المصادر التاريخية العربية - قصةٌ عجيبة أثناء الفتح الإسلامي للمغرب، فقد تمَّ فتحُ كل المناطق باستثناء مدينة سبتة التي استعصت على الفتح بفضل موقعها الحصين، و كان يحكمها ملِكٌ نصراني اسمه يوليان (والذي قيل إنه أسلم بعد أن اقتنع بعدالة الاسلام وبأخلاق المسلمين، مقابل جور القوط ونذالتهم)، وكان على علاقة سيئة بملك الأندلس آنذاك النصراني لوذريق (Rodrigo)، و تذكر الروايات التاريخية أنَّ يوليان هذا قام بتوفير القاعدة للمسلمين المحاصرِين لسبتة والمرابطين بطنجة على الهجوم على الأندلس، وقدَّم لهم المعلومات عن الحالة السياسية ببلاد القوط؛ انتقامًا من لوذريق.

و بغض النظر عن دور يوليان[13] في الفتح الإسلامي للأندلس، فالمسلمون ما كانوا ليقفوا أو يعجزوا عن فتح أرضٍ تظهر ضفتها من ساحل طنجة، وهذا عقبة بن نافع الفهري قد دخل بفَرَسِه في المحيط الأطلسي وقال مقولتَه الشهيرة: "يا رب لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مجاهدًا في سبيلك، اللهم اشهد أني قد بلغت المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل مَن كَفَر بك حتى لا يُعبَد أحدٌ دونك"[14]، مع اختلاف في الروايات: هل فعلاً المحيط الأطلسي أم البحر المتوسط؟ إذ ساق روبير برا نشقك (1942 - 1947م) بعضَ الأدلة على أن عقبة لم يتعدَّ البحر المتوسط؛ إلا أن المؤرخ "ليفي بروفنسال" ومعه المؤرّخ ابن عذاري يرجِّحان دخول عقبة إلى المغرب الأقصى؛ ومن ثَم توقفه عند المحيط الأطلسي!!





كان الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الإيبرية استمرارًا لحركة الفتح العام، وتحقيقًا للمبادئ الأساسية التي تحرَّك من أجلها المسلمون من شبه الجزيرة العربية، وهي:


نشر العقيدة الإسلامية، وتأمين حدودهم، فكان بذلك فتح الأندلس ضرورة لحفظ المغرب الإسلامي من غارات القوط الفرنجة والروم من إثارة الفتن فيه[15]. وقد شجَّع الفاتحين على العبور إلى الأندلس[16] ما كانت تعرفه المنطقة من فوضى سياسية، وظلم اجتماعي؛ حيث قام أحد أمراء القوط "لذريق" أو يسمى بـ"رودريجو" بالاستيلاء على العرش، وأخذ الحكم من أبناء (غيطشة)، فذهب أحد أبناء غيطشة واسمه (أكيلا) إلى يوليان يستنجد به، ووجدها فرصة للانتقام لشرف ابنته[17], توجَّه بعدها يوليان إلى طارق بن زياد[18] - رحمه الله - في طنجة يستنجد به وحَسَّنَ له غزوَ الأندلس, فأخبر موسى بنَ نصير[19] - رحمه الله - بذلك، فكتب موسى إلى الخليفة الوليد بن عبدالملك[20] في دمشق يستأذنه في فتح الأندلس، فأشار عليه الوليد:

"أنْ خضها بالسرايا؛ حتى تختبر شأنها، ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال"، فراجَعَه أنه ليس ببحر، وإنما هو خليج يتبيَّن للناظر ما وراءه، فكتب إليه: وإن كان، فلا بد من اختبارها بالسرايا[21] .


فقام بعملية استكشافيَّة للمنطقة؛ إذ أرسل حملة صغيرة بقيادة طريف الملقَّب بأبي زرعة، وجاز البحر في أربعة مراكب حتى نزل في ساحل البحر بالأندلس، في رمضان 91هـ[22].

من هنا تشجَّع طارق بن زياد ونزل في مكان سُمّي فيما بعد بِجبل طارق[23]، وبنى له قاعدة بحرية في الجبل وسمّيت بالجزيرة الخضراء.

شَعَر لذريق بهذه التحركات فجهَّز جيشًا من القوط وكان واثقًا من سحق المسلمين. لما عَرَف ابن زياد استعدادَ القوط أرسل إلى موسى يطلب المدد، فجاءه 5000 مقاتل بقيادة طريف بن مالك، وتمت المعركة الشهيرة بين الطرفين وسميت بـ(وادي لكة أو وادي برباط 28 رمضان 92هـ/ 19يوليوز711م)، وانتصر المسلمون على الرغم من تفوق عدوِّهم عليهم من حيث العدد والعدة!

لكن ما استوقفني في هذه الفترة التاريخية - ما تروِّجه الروايات التاريخية عن قصةٍ تبدو للغالب كأنَّها صحيحة مقطوع بحقيقتها:



- وهي قضية خطبة طارق بن زياد: "أيها الناس أين المفرّ؟ البحر من ورائكم، والعدو من أمامكم، وليس لكم واللهِ إلا الصدقُ والصبر..." التي تُعَدُّ من أروع الخطب الحماسية، لكنَّها أثارتْ جدلاً حادًّا بين الدارسين؛ إذ كيف يُعقل لحمْلةٍ مكوَّنة من جيشٍ معظمُه من البربر، أن يفهموا لغة فصيحة مثل هذه؟!

- والقضية الثانية: حرق طارق بن زياد للسفن التي عَبَر بها من المغرب إلى بلاد الأندلس، وهي قصة اشتهرت كثيرًا في التاريخ الإسلامي والتاريخ الأوروبي، ويقال إن طارق بن زياد حرق السفن التي عبر بها من المغرب إلى بلاد الأندلس؛ ليحمس الجيش، وقال لهم: البحر من ورائكم، والعدو أمامكم؛ فليس لكم نجاةٌ إلا في السيوف.



لقد وقفتُ عند ردود عديدة، لكن أشدها إقناعًا ما سطره أحد الباحثين بقوله: الحقّ أنَّ هذه الرواية لا يجب أبدًا أن تستقيم، وهي من الروايات الباطلة التي أُدخِلتْ إدخالاً على تاريخ المسلمين؛ وذلك للأسباب الآتية:


أوَّلاً:

أنَّ هذه الرواية ليس لها سند صحيح في التاريخ الإسلامي؛ لأنَّ عندنا عِلم الرجال وعلم الجرح والتعديل، ولا بدَّ أن تكون الرواية منقولةً عن طريق أناس موثوق فيهم، فهذه الرواية لم تَرِدْ أبدًا في روايات المسلمين الموثوق في تأريخها، إنما جاءت فقط في الروايات الأوروبيَّة.

ثانيًا:

أنَّه لو حدث فعلاً حرقٌ لهذه السفن كان لا بد أن يحدث رد فعل من موسى بن نصير أو الوليد بن عبدالملك سؤالاً عن هذه الواقعة، فلا بدَّ أن يكون هناك حوار بين موسى بن نصير وبين طارق بن زياد حول هذه القضية، و لا بد أن يكون هناك تعليق من الوليد بن عبدالملك، ولا بد أن يكون هناك تعليق من علماء المسلمين: هل يَجوز هذا الفعل أم لا يَجوز، ولذلك فإن الكتب اختفى منها ردُّ الفعل تمامًا؛ مما يعطي شكًّا كبيرًا في حدوثها.

ثالثًا:
أن المصادر الأوروبية قد أشاعت هذا الأمر؛ لأن الأوربيين لا يستطيعون تفسير كيف انتصر 12 ألفًا من الرجال الرجَّالة على 100 ألفِ فارسٍ في بلادهم وعقر دارهم، وفي أرض عرفوها وهم من الخيَّالية؛ فقالوا إنَّ طارق بن زياد حرق سفنَه؛ ليجبر الجنود على القتال فانتصروا؛ لأنَّ الأوربيين لا يستطيعون فَهْم القاعدة القرآنية: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249]؛ بل إنَّ الأصل المتكرر في معظم المعارك الإسلامية أن يكون المسلمون قلِّة، وأن يكون الكافرون كثرة، وأن ينتصر المسلمون بهذا العدد القليل؛ بل إنه من العجب العجاب أنه لو زاد أعداد المسلمين انهزموا؛ كما حَدَث في حنين: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25].


رابعًا:
أن المسلمين لا يحتاجون إلى تحميس بحرق السفن؛ فقد جاؤوا إلى هذه الأماكن راغبين في الجهاد في سبيل الله، طالبين الموت في سبيل الله؛ فلا حاجة للقائد أن يحمس المسلمين بحرق السفن.


خامسًا:


ليس من المعقول أن قائدًا محنكًا مثل طارق بن زياد - رحمه الله - يحرق سفنه ويقطع خط الرجعة عليه، ماذا لو انهزم المسلمون في معركة من المعارك؟! يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 15، 16]؛

أي إنَّ هناك احتمالَ أنْ ينسحبَ المسلمون من ميدان المعركة؛ إمَّا تحيُّزًا إلى فئة وفئةُ المسلمين كانت في المغرب في الشمال الإفريقي، فكيف يقطع طارق بن زياد على نفسه طريق الانحياز إلى فئة المسلمين، أو يقطع على نفسه التحرف إلى قتال جديد والاستعداد إلى قتال جديد؟! فإن مسألة الحرق هذه فيها تجاوز شرعي كبير لا يُقدِم عليه رجلٌ في ورع وتقوى وعلم وجهاد طارق بن زياد - رحمه الله، وما كان علماء المسلمين وحكَّامهم ليسكتوا على هذا الفعل إن حدث.


سادسًا:


أن طارق بن زياد لا يملك كلَّ السفن؛ بل كانت مؤجَّرة من يوليان، وكان طارق بن زياد يعطيه أجره عن هذه السفن، وكان سوف يردُّها إليه عندما يرجع إلى ميناء سبتة؛ فليس من حق طارق بن زياد أن يحرق هذه السفن. لكل هذه الأمور نقول إن قصة حرق السفن هي قصة مختلَقة أُشيعت لتهوِّن من فتح الأندلس.





ما هو الموقف بعد موقعة وادي برباط؟



المهم قدَّر الله - سبحانه وتعالى - أن ينتصر الجيشُ الإسلامي في 28 رمضان سنة 92هـ على جيش القوط، ثم فرَّ لذريق وحصلوا على كثير من الغنائم، استمر زحف طارق إلى طليطلة، وأتاه الأمر من موسى بتوقف الفتوحات؛ خوفًا على الجيش الإسلامي.


ثم بعد ذلك جاءت الدولة الإدريسية - وهي أول دولة إسلامية في المغرب - التي استفادت من الفتوحات الإسلامية السابقة التي قادها الأمويون في المغرب، فبُويِعَ إدريس الأول من قِبَل قبائل أوربة وقبائل زناتة، وقد مهد له أرضيةَ المبايعة أخوه إبراهيم الذي كان مستقرًّا في طنجة وانتقل إلى سبتة، التي تشكل نقطة التقاء بين الخلافة الأموية في الأندلس والمغرب الذي كان عبارة عن مجموعة إمارات الخوارج (البورغواطيين والصفريين والإباضيين والأزارقة )؛



لكن الدولة انتظمتْ لإدريس بن إدريس، ومحا دعوة الخوارج منهم، واقتطع المغربين عن دعوة العباسيين من لدن سوس الأقصى إلى وادي شلف[24].

كانت مدينة سبتة بعد سقوط الدولة الإدريسية تحت نفوذ الأمويين بالأندلس، ولما انقرضت دولتهم وخلفهم المرابطون ثم الموحِّدون وكان من جملة ما استردوه سبتة وما والاها، وظلَّت تحت حكمهم إلى أن استبدَّ بها "سكوت البرغواطي"[25]، وبعد سقوط الخلافة الأموية سادتها الفوضى حتى سيطر عليها المريدون [المرينيُّون]، واتخذوها أيضًا قاعدة للهجوم على الأندلس عام 1084م.



2- خلال العصر المرابطي:
يتبع












التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس