عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-07-28, 10:00 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

a7 المنهاج الجديد لمادة التربية الإسلامية وسؤال التجديد




ما هي مببررات تغيير المنهاج “المسمى مراجعة”؟


تتمثل أسباب تغيير المناهج التعليمية في ثلاثة:


أولا: تغيّر الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بفعل التحولات العالمية التي أفرزت تحديات جديدة في مجال الهجرة، والتناغم والتقارب في القيم، واقتصاد المعرفة، والأمن الوطني وأمن الدول، والصحة، وتغيرات سوق الشغل…


ثانيا: ضرورة مراعاة اهتمامات المتعلم وبيئته وتخيله وإيقاع تعلمه وما يحفزه.

ثالثا: الاستجابة لنتائج تقويمات النظام التربوي.

وفي السياق الوطني نجد بأن كل هذه الأسباب قد تظافرت للحديث عن ضرورة تغيير مناهج التعليم الديني، بحيث إن مناهج التعليم الديني معنية بالاستجابة لهاته التغييرات العالمية، وذلك عبر الانفتاح على قضايا الحياة المعاصرة والتهيئ لمواجهة تناقضات الحياة الجماعية، وتبني خطاب يتناول القضايا المعاصرة ويجيب عن أسئلة التحولات المعاصرة، خطاب معتدل وقادر على الإقناع من زاوية إيمانية لا معرفية فقط.

كما أن هذه المناهج معنية بمراعاة اهتمامات المتعلم الروحية والفكرية، والإجابة عن أسئلته الملحة في عالم اليوم الذي نشهد فيه تناميا للمادية.

وأيضا فمن جهة أخرى نجد بأن التقويمات التي خضع لها النظام التربوي وهنا أحيل على التقرير الشامل الذي أنجزته الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الذي أشار إلى أنه رغم إعادة صياغة البرامج التعليمية بعد الميثاق باعتبار التلميذ فاعلًا رئيسيًا في بناء تعلماته، وعلى الرغم من تدعيم التربية على القيم في المواد الحاملة لها وخصوصا في مادة التربية الإسلامية.


فإنه تم تسجيل مجموعة من الاختلالات:

ضرورة الاستعجال التي أملاها إنجاز المناهج لم تتح لواضعي البرامج التعليمية الوقت الكافي للاستفادة من الدراسات التقويمية والتحليلات التي خضعت لها البرامج القديمة.1

غياب إطار واضح لإدماج المقاربة بالكفايات داخل المنهاج الوطني أدى إلى عدم تجدد البرامج التعليمية وتمركزها على المضامين على حساب الكفايات.2

تم إلغاء مرحلة تجريب البرامج الجديدة.3

تكوين ضعيف لمؤلفي الكتب المدرسية4

الأجل المحدد في أربعة أشهر ونصف لتأليف الكتب المدرسية غير كاف وهو بعيد عن الحد الادنى المطلوب، أي ثمانية أشهر.5

على مستوى النشر هيمنت بعض المجموعات على الصفقات.6
لم تتم أجرأة المبدإ المنصوص عليه في دفتر التحملات والمتعلق بإخضاع طلب عروض الكتب المدرسية للفحص من جديد بعد انقضاء مدة السنوات الثلاث المحددة للنشر والتوزيع.

7
لم تخضع الكتب المدرسية لأي تجريب قبل اعتمادها.8



ثالثا: قراءة في المفردات

كان واضعوا المفردات أمام تحدي الاستجابة لأسس المنهاج ومراعاة الانسجام والتكامل بين الموضوعات، فإلى أي حد تحقق ذلك؟

الانسجام:


فيما يتعلق بالانسجام بين المداخل يلاحظ من خلال استقراء مفردات المنهاج بشكل أفقي، بأن نسبة الانسجام التي يعبر عنها بمؤشر مدى ملاءمة الموضوعات والمفاهيم والقيم للسورة الكريمة المؤطرة للمداخل. ما يلي:



نسبة الانسجام بين مفردات المداخل الخمسة حسب المستويات
فالملاحظ هو التفاوت في نسبة الانسجام بين المستويات، وأن مفردات الأولى باكلوريا هي الأكثر تحقيقا لهذا الانسجام، كما يلاحظ أيضا التفاوت داخل نفس المستوى بين المقاطع الأربعة (المقطع يحتوي على المداخل الخمسة ويدرس في ستة أسابيع).

وكمثال على هذا الانسجام نأخذ المقطع الأول من مفردات السنة أولى بكالوريا بحيث نجدها مؤطرة بسورة يوسف عليه السلام، وتتناول في مدخل التزكية قضية الإيمان والغيب التي لها ارتباط بمسألة الرؤية الصادقة لدى نبي الله يوسف عليه السلام، ثم يأتي درس صلح الحديبية وفتح مكة في مدخل الاقتداء، ويتضمن أيضا مسألة الرؤية الصادقة وتصديق الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في تبشيره لهم بفتح مكة، ثم في مدخل الاستجابة يتم تناول درس أحكام الزواج ومقاصده، وهو ينسجم مع قصة يوسف عليه السلام وأيضا مع قصة النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية مع زوجته أم سلمة رضي الله عنها9، ويظهر هذا الانسجام في مدخل القسط الذي يقترح موضوع الوفاء بالأمانة والمسؤولية وهو مناسب جدا لقصة يوسف عليه السلام أيضا.


ثم يظهر أيضا في مدخل الحكمة الذي يتناول موضوع الكفاءة والاستحقاق أساس المسؤولية، ويوسف عليه السلام خير مثال على تحمل المسؤولية بكفاءة واستحقاق، وهو الذي قال لعزيز مصر:{ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }.10
لكن هذا الانسجام الذي يظهر في هذا المقطع يغيب في مقاطع أخرى وفي مستويات أخرى.


التدرج والارتقاء:


يتجاوز المنهاج الجديد سلبيات التفكك والتضخم في المنهاج السابق خصوصا في مقررات الإعدادي، وذلك عبر التدرج في تقديم الموضوعات والتطور في مستوى المعالجة، وهي سمة ظاهرة جلية عند الاستقراء العمودي لمفردات كل مدخل على حدة، ففي مدخل التزكية يتم الشروع في كل مستوى بالتعريف بالله عز وجل أو الحديث عن التوحيد، ثم يتم تناول موضوعات عقدية في تدرج وانسجام، لكن يلاحظ أيضا التركيز على موضوعات بعينها وتكرارها في مستويات عدة، مثل موضوع القرآن الكريم في ثلاث محطات: القرآن الكريم هدى ورحمة، القرآن الكريم وأثره في تزكية النفس، القرآن منهاج حياة.


وأيضا في موضوع النظر والتفكر الذي تم تناوله في مستوى الأولى إعدادي وفي مستوى الثانية بكالوريا.

أما دروس مدخل الاقتداء فهي متسلسلة تاريخيًا حسب أحداث السيرة النبوية مع التركيز فيها على الدروس والعبر وأسباب النجاح كالثبات ومناجاة الله تعالى والصبر، والانفتاح على سيرته صلى الله عليه وسلم من خلال تناول سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وبعض الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ثم التدرج في مستويات أعلى للحديث عن فقه السيرة النبوية وعن مقامات التصرفات النبوية، لتختتم هذه السيرة المباركة بالحديث عن واجبنا نحو النبي صلى الله عليه وسلم.

ويظهر هذا التدرج والارتقاء بوضوح في دروس مدخل الاستجابة، وذلك عبر الشروع بدروس لتعلم الطهارة والصلاة في السن المناسب لذلك، مع التنبيه على العبادة بمفهومها الشامل، والفصل بين دروس العبادات الشعائرية بدروس تدعو المتعلم إلى التدبر في المعنى الحقيقي للعبادة، ويختتم تعلماته في آخر السلك الثانوي بتناول خصائص الشريعة ومقاصدها وضوابط الاجتهاد، لتكون على سبيل الاستنتاج وتوسيع المدارك والتسلح بأليات التعاطي مع المستجدات.

الانفتاح والتجديد:

يتسم المنهاج الجديد بانفتاحه على قضايا جديدة تهم المتعلم، وتناوله لقضايا أخرى من زاوية نظر جديدة تناسب اهتمامات المتعلم، ومثال ذلك الحديث عن التلوث المادي والمعنوي للبيئة، وحضور موضوعات عن حق البيئة في جميع المستويات، وعن أهمية التخطيط والتنظيم والاتقان والتعامل الإيجابي مع وسائل الاتصال الحديثة، وهي كلها من المهارات التي يتطلبها العصر، وموضوع الاعتزاز بالإسلام ككفاية تتوج دروس مدخل القسط وتناوله من زاوية كونه حقا لله تعالى.


وتناول موضوع اجتناب الكبائر من زاوية كونها حقًّا من حقوق النفس بعد أن تعرف على أن من حقوق الله تعالى تعظيم حدوده ومحارمه.

وأيضا تناول مسائل المعاملات المالية والاستثمار.




رابعا: شروط التجديد من أجل كسب رهان التربية على القيم

من خلال ما سبق يتبين بأن جل الإصلاحات التي خضعت لها المادة، كان لها الأثر الواضح في تطوير المادة، وتجويد وثائقها وكفاءة خبراتها، لكنها افتقرت إلى عناصر الفعالية والتجديد المستمر، لكونها اندرجت في إطار إصلاحات فوقية غير قائمة على أبحاث تربوية وميدانية، وعلى تشخيص علمي دقيق، مع غياب المنظور النسقي التكاملي في الإصلاح، فظل إنتاج الكتب المدرسية بعيدا عن منطق الكفايات، وظل انخراط الفاعلين دون المستوى المطلوب نظرا لعدم استيعاب الجديد ، وبالتالي تولدت مقاومة للتغيير، وقد زاد في تكريس عدم الانخراط ضعف المواكبة والتأطير والدعم.

لذا فإن تطوير المادة بما يحافظ على المكتسبات الكبيرة التي تحققت خلال العقود السابقة، وبما يجعلها أكثر فاعلية وفعالية يقتضي مراعاة مجموعة من المقدمات الأساسية، التي تعتبر شروطا لضمان فعالية التربية على القيم:

- لا وجود لتربية على القيم دون فضاءات لممارسة هاته القيم.


- لا تغيير في السلوك إلا بالانتقال من تدريس القيم إلى التربية على القيم.


- لا التزام بالقيم من دون اقتناع الفرد بضرورة التزامها.


- لا تحصيل للأخلاق دون دربة ورياضة.


- لا تربية على القيم إلا بتدخل الأسرة أولا ثم المدرسة ثانيا.


- لا تربية على القيم الإسلامية من خارج المرجعية الدينية (المنهج النبوي)، ومن دون الأخذ بالمقاربات والمنهجيات الوافدة


- لا تربية على القيم من دون تعزيز الثقافة المكونة للهوية الوطنية

فالتربية على القيم رهينة بتحول المدرسة من فضاء للإكراه إلى فضاء للفرص، وبجعل تقويم القيم ذا بعد تكويني لا جزائي، وبجعل تنمية التفكير الأخلاقي لدى المتعلمين من مسؤوليات المدرسة، وتقويم المؤسسات التربوية بناء على هذا المؤشر، الأمر الذي يقتضي تقاسم المسؤولية في نقل القيم وترسيخها بين جميع الفاعلين داخل المؤسسة التعليمية وخارجها، وتحقيق الانسجام والتكامل بين المتدخلين عبر إرساء صيغ مؤسساتية مستديمة للشراكة والتعاقد والتنسيق، وتجاوز الأنشطة الموسمية. ولأن التربية على القيم هي مسؤولية الأسرة أولا فينبغي أن تعمل المدرسة على تأهيل الأسر للاضطلاع بهذا الدور.

إن التربية على القيم الإسلامية تقتضي الانكباب على قراءة جديدة للسنة النبوية، من زاوية تربوية تستحضر المفاهيم الوافدة، التي أثبثت نجاعتها، بغية استخلاص المنهج النبوي في ترسيخ القيم وفي تقويمها، وأيضا تقتضي من الباحثين الاشتغال على المفاهيم والمضامين التي أنتجها علماء التزكية والتصوف بالعالم الإسلامي لتجلية الاستراتيجيات التربوية التي استطاعت أن تحقق تربية متوازنة في العصور الذهبية للأمة.

ولما كان دور المدرس حاسما في التربية على القيم، فلا مناص للسياسات التربوية من العمل الجاد على إعادة الاعتبار لدور المدرس، وتأهيله للنهوض بدوره الحضاري، ليكون إنسانا مثقفا متشبعا بالقيم موثوقا به ومحفَزا.


وبالتالي تأهيله لتحمل مسؤولية تدريسه ومنحه هامشا من الاستقلالية والتصرف في ابتكار الوضعيات التعليمية وفي تدبير مجموعة الفصل.

وإن تغيير الممارسات التقليدية المتجذرة رهين بتجديد التخصص الشرعي في الجامعات.

فهو شرط أساس لحصول التغيير في ممارسة الأساتذة الذين تلقوا تكوينا شرعيا لسنوات في الجامعات، وبالتالي فإن طبيعة الخطاب وأشكال التلقي سوف تكون حاسمة في طريقة أدائهم، وإن مما يفسر صعوبة التغيير في ممارسة الفاعلين في القطاع، وعدم القدرة على استيعاب الطرائق الجديدة، وتنزيلها في الممارسة الصفية، هو تجذر نوعية الخطاب التقليدي السائد في الكليات والمعاهد الدينية.


فنحن في حاجة إلى شكل من الخطاب المعتدل القادر على الإقناع من زاوية إيمانية روحية لا معرفية فقط، خطاب يوضح صورة الآخر المختلف دينيًا، ويجلي قضايا غير المسلمين المعاصرة وقضايا مثل المواطنة والسلم المدني، والاهتمام بالاتجاهات العالمية الحديثة في بناء وتطوير المجتمعات بما يتوافق والتنمية المستدامة، مثل تنمية مهارات التفكير وأخلاقية العلم، ومهارات البحث العلمي، والتربية البيئية، والمشاركات السياسية والثقافية، وقيم العمل.


هذا و تعد الثقافة المعززة للهوية الوطنية الغائب الأكبر اليوم لدى الناشئة، في ظل تنامي ظواهر الفردية وثقافة الاستهلاك والاغتراب واللاهوية.


والملاحظ في مفردات المنهاج الجديد استمرارية الهروب من تناول القضايا الإشكالية، التي تغذّي العنف والتطرف، وبالتالي استمرار خطر لجوء الناشئة إلى محاضن أخرى، تجد لديها الإجابة عن حاجياتها الروحية وعن تساؤلاتها الملِحة.


فالأمن الروحي المنشود ينبغي أن يتم تناوله في معناه العام، بمعرفة الإنسان لنفسه ومعرفة الاختلالات الذاتية ومحاولة معالجتها والتصالح مع الذات، ومحاولة بناء الإنسان الذي هو محور التغيير، وهو ما سعى المنهاج إلى تحقيقه عبر مدخل التزكية وعبر بقية المداخل.


إلا أنه ينبغي الانفتاح على القضايا المعززة للهوية المغربية بأصالتها وخصوصيتها، عبر تناول موضوعات من التراث الديني والثقافي المغربي، ترسيخًا للثقافة الوطنية بمكوناتها المختلفة، على اعتبار أن” التربية الثقافية العامة، أحد المحاور الأساسية للمناهج الدراسية الحديثة، وكفاية عرضانية استراتيجية”11.



وتناول قضايا الإرهاب والتكفير والمذهبية والجهاد وإشكالات الهجرة والاغتراب وغيرها من القضايا التي تشغل فكر المتعلم المغربي خاصة.



الهوامش

1 – تقوير الميثاق الوطني للتربية والتكوين،2000- 2013: المكتسبات والمعيقات والتحديات. الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ص: 63
2 – نفسه ص: 63
3 – نفسه ص:63
4 – نفسه ص:64
5 – نفسه ص:64
6 – نفسه ص:64
7 – نفسه ص:65
8 – نفسه ص:65
9 – الروض الأنف، للإمام السهيلي،ج4 ص54
10 – سورة يوسف: 55.
11– ملخص الرؤية الاس





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

آخر تعديل صانعة النهضة يوم 2017-10-04 في 10:23.
    رد مع اقتباس