تجارب لتحفيز القراءة ... من أبرز تعريفات القراءة أنها عملية عقلية تشمل تفسير الرموز والرسوم التي يتلقاها القارئ عن طريق عينيه، وفهم المعاني والربط بين الخبرة السابقة وهذه المعاني، والاستنتاج والنقد والحكم والتذوق وحل المشكلات، ومن هذا يتضح أن دور القارئ لا يقتصر على مجرد قراءة النص، لكن نقده وإعادة إنتاجه واستغلاله في حياته الشخصية، ونظرته إلى العالم من حوله، وينبغي التأكيد على مبدأ «القراءة من أجل الحياة»، في ظل الثورة العلمية والتكنولوجية العالمية، وتفعيل دور القارئ في المجتمع والبيئة المحيطة. في كتابه «القراءة والثقافة الرقمية» يدعو محمد سيد ريان إلى تكثيف الحملات القومية والجهود التطوعية لمحو الأمية وتطوير الكتاب المدرسي الذي يشكل أول تجسيد لعادة القراءة عند الطفل، والتنسيق بين كل الجهات الثقافية، فوزارة الثقافة ليست الجهة الثقافية الوحيدة، حيث تعتبر وزارتا التعليم والإعلام وزارات ثقافية أيضاً لتشجيع الأشخاص على القراءة من خلال هذه الجهات. ويرى أنه لا بد من تعويد الأطفال على القراءة منذ الصغر، وهنا يأتي دور الأم التي يجب أن تقرأ لطفلها منذ نعومة أظفاره، وعندما يكبر ويستطيع القراءة بمفرده عليها معرفة كيفية مساعدته على اختيار الكتب المناسبة، ويمكن هنا الاستفادة من التجارب الدولية، ففي إنجلترا تقوم المكتبات المدرسية والعامة بالجمع بين الأطفال وأولياء أمورهم ويتم تدريب الآباء على اختيار الكتب المناسبة لأطفالهم. ويجب أن يحتوي كل بيت على مكتبة، يشارك أفراد الأسرة في تكوينها معاً، ولا بد من التعود على اصطحاب الكتاب في كل مكان، وضرورة تفعيل حصة المكتبة، وتعريف الطلبة بأهمية القراءة وأنها الأداة الأولى للمعرفة، ومن خلالها يتم تكوين أي نشاط عقلي للإنسان، ويمكن تشجيع الطلاب على الاطلاع من خلال تكليفهم بالأبحاث، وتقدير جوائز تشجيعية لتحفيزهم. ولا بد من الاستفادة من التجارب الدولية فعلى سبيل المثال هناك تجربة القراءة للعمال التي تنظمها الولايات المتحدة، حيث تقام الخيام للعمال الذين يشتغلون بقطع الأخشاب من الغابات، وتتجول سيارة تحمل الكتب المختلفة لإعارتها لهؤلاء العمال حتى لا يحرموا من القراءة في أثناء بعدهم عن منازلهم أو المكتبات العامة، وفي هولندا يقام في لاهاي أكبر مهرجان شعبي للقراءة الموحدة، يتم خلاله توزيع 782 ألفاً و500 نسخة مجانية من رواية واحدة على الجمهور. يوضح ريان أن تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لعبت دوراً كبيراً في جذب قطاعات وشرائح مختلفة لاستخدام أدوات الإنترنت والشبكات الاجتماعية خاصة، وعلى رأسها «فيسبوك» في التواصل الاجتماعي الذي ما لبث أن تحول من مجرد تواصل بين أفراد العائلة والأقارب والأصدقاء المقربين إلى المعجبين والمهتمين بصفة عامة، وظهر جلياً مع نجوم المجتمع والشخصيات العامة البارزة، وانعكس ذلك على مجتمع المثقفين والكتاب، وقد شهدت الفترة الأخيرة تزايداً كبيراً في الصفحات الشخصية للأدباء والكتاب والمثقفين، وأسهم ذلك بقدر كبير في تغيير الصورة النمطية للكتاب واندماجهم في المجتمع، وساعد أيضاً على متابعتهم لأصداء كتابتهم ومواقفهم عبر التعليقات التي ينشرها المتابعون على صفحاتهم.