عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-03-29, 20:18 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي تحليل ضاحك لقضية غير مضحكة: التعليم العمومي والتعليم الخصوصي: أيهما يضحك على المغاربة؟


كان دائما يراودني سؤال حول من يضحك على المغاربة ويكذب عليهم ويبيعهم الوهم "التربوي"، هل هو التعليم العمومي أم التعليم الخصوصي؟
أصبحت أعرف الجواب الآن. والجواب سأقدمه في شقين واستنتاج.

الشق الأول: حين يضع الطفل خطوته الأولى في المدرسة العمومية، يدخل عالما يفتقر إلى المقومات الرئيسة للتربية، وتحشر الدولة العشرات من الأطفال داخل الحجرات، وتحشر العشرات من الدروس داخل رؤوس الأطفال، وتتوج ست سنوات من التعليم الابتدائي بشعار "النجاح للجميع" ومن لم ينجح طوعا نجح كرها، ومن تعفف عن الغش في الامتحان غشت الوزارة من أجله وكتبت له أجوبة الامتحان، وهي تريد من وراء ذلك إدخال الفرحة على قلوب الآباء والأمهات والأقارب والجيران، وإدخال الغم والحسد على قلوب الأعداء والخصوم والمتربصين. وفي نهاية السلك الثانوي، يفشل التلميذ ويكتشف أنه تم التلاعب بحياته ومستقبله، أما الأب فيصدم أيما صدمة، ولا يفيق منها إلا وهو يردد: "ولدي كان مجتهيد وكيقرا مزيان، ولكن الأساتذة كانوا شادين معاه الضد."

الشق الثاني: حين يضع الطفل خطوته الأولى في المدرسة الخصوصية، يدخل عالما بالألوان يشبه ديزني لاند. وصاحب المدرسة الخصوصية ينجح في إقناع الزبناء أن مدرسته هي الأفضل وتقدم خدمات استثنائية، وأهم خدمة هي النجاح المبهر الذي ينتظر التلميذ. وسيتأكد الأمر حين تبدأ المعدلات الدراسية تنزل كقطرات الغيث التي سرعان ما تتحول إلى فيضانات تغرق كل شيء لأن البنية التحتية ضعيفة. وبعد سنوات يتبين للأب أن ذلك الغيث كان مثل الفجر الكاذب، وأن صاحب المشروع التربوي كان في الحقيقة صاحب مشروع فقط، وأن ابنه لم يكن في عالم من الألوان يضج حلما، بل كان في ثكنة، الحلقة الضعيفة فيها هم المدرسون والمدرسات الذين يقومون بمجهودات كبيرة جدا بمقابل مخجل وظالم. إنهم يحترقون، وأرجو من الله العلي أن يجازيهم خير الجزاء. وسيكتشف الأب أيضا أن ابنه كان يحصل على نقطة ضعيفة في الفرض فيعاد له الفرض مرة ثانية وثالثة ورابعة إذا اقتضى الحال حتى يحصل على النقطة المرجوة التي تحمر وجه الأسرة وتعمر جيب صاحب المدرسة، وسيفهم الأب أخيرا أن المعدلات المبهرة تخفي حقيقة مرة، مثل ورق يغلف هدية رخيصة لا تستحق الورق الذي غلفت به، وهي أنه تم النصب عليه بطريقة تربوية فيها كثير من الديداكتيك. فابنه كان عاديا ومتوسطا ولم يكن عبقريا كما قيل له.

استنتاج: هناك حبل قصير، هو حبل الكذب، تمسك المدرسة العمومية بأحد طرفيه وتمسك المدرسة الخصوصية بطرفه الآخر. يعني نحن بين كذب عمومي وكذب خصوصي.
أكبر المآسي التي قد تصيب الإنسان هي أن يتم التلاعب بتعليمه لأن ذلك تلاعب بحاضره ومستقبله، تلاعب بشخصيته وبعقله، تلاعب بأحاسيسه وفكره. تلاعب بأحلامه، بآماله، بانتظاراته، بطموحاته، بتمثلاته، بقناعاته، بعلاقاته، بكينونته.
إنه تلاعب بالإنسان داخل الإنسان.

بقلم: روبن هود





    رد مع اقتباس