عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-03-23, 17:52 رقم المشاركة : 4
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: الفيلسوف طه عبد الرحمن يفكك التطرف بمطرقة النقد الأخلاقي


عجز العلماء وعجز صناع القرار




افتتح طه اللقاء الحواري بالتوقف عند مفهوم أسال الكثير من مداد الساحة الإقليمية والعالمية، أي مفهوم "الصحوة الإسلامية"، من خلال إشارة تُحيلنا على مصير أعماله السابقة والحالية أيضاً، أي التجاهل أو الحصار، مع أن بعضها تضمن عدة مفاتيح كان تأملها عند من يهمهم الأمر، كفيلاً لتجاوز عدة أعطاب وظواهر نعاينها اليوم.




فقد أكد المؤلف أنه حذر من تبعات العنف في مضامين أحد أعماله المرجعية التي تُصنف في خانة "فلسفة الدين"، والحديث عن كتابه الذي يحمل عنوان: "العمل الديني وتجديد العقل" والصادر في غضون سنة 1987، وتضمن العمل وقفات نقدية صريحة مع مفهوم "الصحوة الإسلامية"، بسبب "الأخطاء التي تقع فيها، مستعجلة الوصول إلى السلطة"، وها نحن [يُضيف طه] نرى اليوم أن هذه "الصحوة" شابها من الأخطاء ما أخرج بعض أهلها إلى القسوة وممارسة العنف". (ص 32)




في مضامين ثلاثية "دين الحياء"، يُفرق طه عبد الرحمن بين "الفقه الائتماري" والفقه الائتماني"، ومن استوعب الفوارق بين الفقهين، سيستوعب ما قصده "سؤال العنف" عندما اعتبر مؤلفه أن عجز العلماء لا علاقة له بقصور في العلم، أو أن عجز الولاة [صناع القرار] لا علاقة بقصور في القوة، وإنما مرده "تمسك العلماء والولاة في التعامل مع العنيف بالنموذج التقليدي في فهم الدين، فلا يشعر، حينها، بالفرق بينه وبينهم في هذا الفهم، حتى يُبالي بما يقولون ويؤولون، ولا يرى لهم فضلاً عليه، حتى يقتنع بآرائهم ويعمل بنصائحهم". (ص 69).




هذا "النموذج التقليدي لفهم الدين" عند طه عبد الرحمن، هو ما اصطلح عليه في معالم النظرية الائتمانية بـ"الفقه الائتماري"، أو "النموذج الأمري في صورته التقليدية"، والمراد به النموذج الذي يُقدم الاهتمام بعنصر الأوامر في جانبها القانوني، لا في جانبها الأخلاقي، على سواها من عناصر الإصلاح الكثيرة التي تتضمنها النصوص الدينية، ومن يرغب في التفصيل أكثر في الفوارق بين الفقهين، لا مفر له من التوقف ملياً عند مضامين الجزء الأول من "دين الحياء".




وهكذا، لمزيد تفصيل في تبعات الفقه الائتماري الذي تعج به الأدبيات الدينية في مجالنا التداولي الإسلامي، اعتبر طه عبد الرحمن أن الذي حصل بالنسبة للنموذج الأمري، هو أن "التشدد في العمل به استمر لزمن طويل، حتى بعد تغيُّر الأحوال واضمحلال الأسباب التي دعت إلى هذا التشدد في بعض المواطن، بل تواصل الكلام عن هذه الأسباب كما لو كانت لا تزال قائمة بين أظهر الناس، تسويغاً للاستمرار في التشدد الأمري عليهم، فأصبح الفرد يُمارس التشدد الوهمي، حتى تحول الأمر من الاهتمام بتصحيح الأعمال إلى الاهتمام بالأشكال والظواهر والجزئيات التي لا طائل تحتها"، (ص 70)



وواضح من المعني في هذا السياق، سواء تعلق الأمر بتيارات أو جماعات أو مؤسسات.


ليس هذا وحسب، فقد اتضح أن هذا النموذج الأمري "لم يبق محصوراً في إطار التعامل مع النصوص الشرعية، وإنما أثر في مختلف مناحي الحياة ووجوه التعامل بين الأفراد داخل المجتمع، بدءاً بعلاقة الأخ بأخيه وانتهاءً بعلاقة المسؤول بالمواطن؛ فلا ترى إلا آمراً ومأموراً، حتى في الأعمال العادية، ومعلوم أن العلاقة الأمرية علاقة تسلطية بامتياز، إذ لا تدَع للمأمور خياراً، ولا حواراً"،



وبناءً عليه، فـ"لا تفيد مواجهة العنيف بهذا النموذج الأمري، لأنه نشأ في أحضانه وتشبع بأمريته؛ ولا شك أن جيله أرسخ قدماً في هذه الأمرية من الأجيال التي سبقته، لأن كل جيل لاحق أضاف إلى أمرية الجيل السابق درجة، بحكم التراكم؛ وهكذا، تكون الحالة الأمرية قد بلغت مع العنيف المعاصر أوْجَها،


لذلك يتعين على العلماء، في نُصحهم له، أن يتصدوا لهذه الحالة الأمرية وليس التوسل ولا الظهور بها، لأن التصدي حقيق بأن يُحدث بينهم وبينه التفاوت الضروري الذي يُشعره بأنهم أهل لنصحه، وأنهم يعلمون ما لا يعلم، وأن فقههم يعلو على فقهه". (ص 71).




ويُسمي طه عبد الرحمن النموذج الذي يتأسس على هاتين الأولويتين الجديدتين في فهم الدين، من باب تجاوز أُفُق "النموذج التقليدي لفهم الدين"، والحديث عن أولوية القيم الأخلاقية وأولوية معرفة الله، باسم "النموذج الشاهدي"، نسبة إلى مفهوم "الشاهدية"،



ومعلوم أن مفهوم "الشاهدية" [الإلهية] من المفاهيم المحورية في "النظرية الائتمانية"، ويُفيد، كما نقرأ في كتابه "شرود ما بعد الدهرانية"، "صفة الشهادة التي يتجلى بها الحق سبحانه وتعالى على عباده، شاهداً لأفعالهم وأقوالهم، وشاهداً عليها بالحسن أو السوء، فالشهادة الإلهية، إذن، تجمع بين العلم والحكم أو المشاهدة الإلهية عبارة عن مراقبة ومحاكمة".



("شرود ما بعد الدهرانية، ص 16، أما التفصيل فيه، فنعاينه في الجزء الأول من "دين الحياء").




الجهل الزائد للمتدين العنيف
يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس