عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-02-27, 10:30 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

b3 ملف عن منظومة الإستبداد العالمي :الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801) : لماذا ...ما الدوافع؟؟؟؟


ملف عن منظومة الإستبداد العالمي



الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801) :
لماذا ...ما الدوافع؟؟؟؟



مقدمة :

لا شك أن دراسة تأثير الحملة الفرنسية على أرض الكنانة من بلاد الاسلام من الأهمية بمكان ، فمصر لم تزل قلب الاسلام النابض ، و إعلامه السيار ، و قبلة العلماء و المثقفين المسلمين ، و لذلك فإننا حين ندرس تاريخ الحملة الفرنسية على مصر فنحن ندرس أيضا بداية اللقاء بين الحضارتين الاسلامية الأصيلة و الفرنسية الغربية الدخيلة .


تمهيد :



في التاريخ الأوربي ـ و لا سيما الفرنسي منه ـ كانت هناك وصمة عار لا زالت تخيم على جبين فرنسا قلب المسيحية الأوروبية، وترجع تاريخيا إلى الحملة الصليبية ،
هذه الهزيمة ظلت تعيد إلى أذهان الفرنسيين هزيمة أخرى سابقة حينما استرد المسلمون ساحل الشام من بقايا الصليبيين، الذين انطلق معظمهم من فرنسا فيما كانت تعنيه آنذاك من كونها قلب العالم المسيحي.
لقد تعرضت مصر على مر تاريخها لحملتين صليبيتين في عهد الدولة الأيوبية ، وكانت الحملتان تقودهما فرنسا .


1ـ أما الأولى فقد عرفت بالحملة الصليبية الخامسة، وكانت بقيادة جان دي برس ، إلاَّ أنها منيت بالهزيمة عام (618هـ 1221م.(


2ـ وأما الأخرى فقد عرفت بالحملة الصليبية السابعة، والتي قادها الإمبراطور الفرنسي لويس التاسع، عام (648هـ ،1250م)، والتي انتهت بهزيمة نكراء لم تشهد فرنسا لها مثيلاً عبر تاريخها الاستعماري، ففي معركة المنصورة دارت معركة رهيبة قضى فيها الجيش المصري تماماً على الجيش الصليبي ، وضاع الفرنج بين القتل والأسر ، فقتل ثلاثون ألفاً منهم ، و أسِر الباقي ، بل تم أسر الملك لويس نفسه ، وتم نقله إلى دار ابن لقمان حيث بقى سجيناً فترة من الزمان. ثم أسفرت المفاوضات النهائية عن الإفراج عنه لقاء فدية مالية كبيرة، وتم الاتفاق على الجلاء الفرنجي من دمياط.

إلاَّ أن الملك لويس التاسع أرسل تهديداته بعد ذلك مرة أخرى إلى مصر فسمع بها أحد الشعراء و هو جمال الدين يحيى بن مطروح ورد عليه بأبيات طريفة مشهورة ، و هي :
يقول أبياتاً منها‏:‏

قل للفرنسيس إذا جئته ** مقال صدق عـن قـؤول نصيـح
أتيت مصراً تبتغي ملكها ** تحسب أن الزمر يا طبـل ريـح
وكل أصحابك أوردتهم ** بحسـن تدبيـرك بطن الضريح
خمسون ألفاً لا يرى منهـم ** غير قتيل أو أسير جريـح
وقل لهم إن أضمروا عودة ** لأخـذ ثـار أو لقصـد صحيـح
دار ابن لقمان على حالها ** والقيد باقي والطواشي صبيح


ندما أيقن لويس التاسع ملك فرنسا وقائد الحملة الصليبية الثامنة الفاشلة أنه لا سبيل للنصر على المسلمين بالقوة الحربية حيث أن المسلمين في المعارك يريدون إحدى الحسنيين إما الشهادة في سبيل الله وإما النصر ، كي تكون كلمة الله هي العليا كتب إثر ذلك بل لابد من تحويل ميدان القتال إلى مجال آخر يقوم عليه صنائعهم وعملائهم من المفتونين بهم من أبناء المسلمين.

يقول لويس :
( أنه لا سبيل إلى السيطرة على المسلمين عن طريق الحرب ، أو القوة ذلك لأن في دينهم عاملاً حاسماً هو عامل المواجهة والمقاومة والجهاد وبذل النفس والدم الرخيص في سبيل حماية العرض والأرض.
وأنه مع وجود هذا المعنى عند المسلمين فمن المستحيل السيطرة عليهم لأنهم قادرون دوماًـ انطلاقاً من عقيدتهم ـ على المقاومة ودحر الغزو الذي يقتحم بلادهم ، وأنه لا بد من إيجاد سبيل آخر من شأنه أن يزيف هذا المفهوم عند المسلمين ، حتى يصبح مفهوماً أدبياً ووجدانياً وإيجاد ما يبرره على نحو من الاتجاهين ، ما يسقط خطورته واندفاعه وأن ذلك لا يتم إلا بتركيز واسع على الفكر الإسلامي وتحويله عن منطلقاته وأهدافه حتى يستسلم المسلمون أمام بقاء القوة الغربية وتروض أنفسهم على تقبلها على نحو من اتجاه الأهواء والصداقة والتعاون) .


وتتضح هذه الحقيقة أيضًا من رسالة البطريرك 'جريجوريوس' كبير قساوسة اليونان أيام حكم الدولة العثمانية التي أرسلها إلى قيصر روسيا وذلك سنة 1820 ميلادية ـ مع العلم أن البطريرك 'جريجوريوس' هذا كان معينًا من قبل الدولة العثمانية ويقيم باستانبول تحت رعاية وحماية الدولة العثمانية وله صلاحيات وامتيازات واسعة ـ
يبين له فيها كيفية هدم الدولة العثمانية من الداخل، وذلك باستخدام العملاء والرشوة للدفع بمن لا ولاء لهم إلا للمال والجاه فقط ولو على حساب دينهم وأمتهم :

( من المستحيل سحق وتدمير الأتراك العثمانيين بالمواجهة العسكرية؛ لأن الأتراك العثمانيين ثوريون جدًا ومقاومون وواثقون من أنفسهم, وهم أصحاب عزة نفس واضحة, وهذه الخصال التي يتمتعون بها إنما تنبع من ارتباطهم ببعضهم ورضائهم بالقدر وتشبعهم بهذه العقيدة, وأيضًا من قوة تاريخهم وطاعتهم لسلطانهم.
الأتراك العثمانيون أذكياء وهم مجدون مجتهدون متجاوبون مع رؤسائهم مما يجعلهم قوة هائلة تخشى منها, وإن كل مزايا الأتراك العثمانيين هذه بل وبطولاتهم وشجاعتهم إنما تأتي من قوة تمسكهم بدينهم وارتباطهم بأعرافهم وتقاليدهم وصلابة أخلاقهم, ولذا فإن السبيل لهدم هذه القوة يكون كما يلي:


أولاً: لابد من كسر شعور الطاعة عندهم تجاه سلطانهم وقادتهم وتحطيم روحهم المعنوية, وروابطهم الدينية, وأقصر طريق لتنفيذ هذا تعويدهم للتعايش مع أفكار وسلوكيات غريبة لا تتوائم مع تراثهم الديني.


ثانيًا: لابد من إغراء العثمانيين لقبول المساعدات الخارجية التي يرفضونها من إحساسهم بعزتهم وتعويدهم عليها حتى لو أدى ذلك إلى إعطائهم قوة ظاهرة لمدة محدودة.


ثالثًا: لابد من إعلاء أهمية وقيمة الأمور المادية في تصوراتهم وأذهانهم وإفسادهم بالإغراءات المادية؛ فإنه ليس بالحرب فقط تهدم الدولة, بل العكس هو الصحيح؛ لأننا إذا اتبعنا طريق الحرب وحده لتصفية الدولة العثمانية سيكون هذا سببًا في سرعة إيقاظهم ووصولهم لمعرفة حقيقة ما يخطط ويبيت لهم في الخفاء.
وإن ما يجب علينا عمله هو إكمال هذه التخريبات في بنيتهم الذاتية والاجتماعية ومكانتهم الدولية دون أن يشعروا بذلك) .

لقد كان لهذا السقوط المدوِّي أثراً كبيراً في نفسية القادة الفرنسيين فيما بعد، حيث ظلت الآمال والطموحات قائمة باسترداد هيبة فرنسا ذات يوم، بل أوروبا بأكملها.


لقد كان لهذا السقوط المدوِّي أثراً كبيراً في نفسية القادة الفرنسيين فيما بعد، حيث ظلت الآمال والطموحات قائمة باسترداد هيبة فرنسا ذات يوم، بل أوروبا بأكملها.

و لكن حمى الصراعات القومية الناشئة في أوروبا في أواخر القرن السابع عشر الميلادي جعل من إعادة تشكيل هيبتها أمراً مهما على الصعيدين الداخلي والخارجي ، ففي حمى النهضة الجديدة، وفي حمى إعادة رسم ملامح الثورة الفرنسية التي انبثقت لتعبر عن تناقضات المجتمع الفرنسي، كان لا بد أن تطل فرنسا برأسها الاستعماري، لتكون شاهدة على تناقض العقل الأوروبي المثير للجدل، فالأفكار التي أفرزتها الثورة الفرنسية والتي يروج لها كثيراً اليوم كما بالأمس، إنما تعني في حقيقة الأمر بالنسبة للغرب، أن تكون الحريات والديموقراطية شأناً داخلياً، بمعنى عدم انطباق هذه المفاهيم خارج الحدود الأوروبية، وبالتأكيد في ذلك الوقت ضمن حدود فرنسا، قبل إفلاس الأوروبيين واستنزاف قوتهم فيما بينهم، والتي تجلت في الحربين العالميتين الأولى والثانية.


لذلك فإن مفاهيم الحريات ، وما جاءت به الثورة الفرنسية لا يلغي مفاهيم الاستعمار والسيطرة على الشعوب واستعبادها، إنما تتغير أدواته وآلياته، بما يناسب المرحلة الجديدة، ففرنسا لم تعد تريد إنقاذ قبر المسيح بل تريد إنقاذ المجتمعات العربية من التخلف، بينما في واقع الحال، كانت الصورة في عهد الصليبيين أقل وطأة على المجتمع المسلم، وذلك من حيث التبعات الثقافية التي نتجت بعد تلك الحملة الشهيرة على مصر.

وهنا تتجلى تناقضات الثورة الفرنسية، حيث مفاهيم التحرر لا تلغي استعباد الآخرين خارج البلدان الأوروبية، فهي مفاهيم تدعو للنهضة بالعلم والحرية ولكنها لا تمنع قيام أشكال جديدة للاستعمار تحت هذه اليافطات، لا تزال هذه المفاهيم قائمة إلى عصرنا الراهن، حيث يبرز الاستعمار بأثواب شتى، فيما يعكس طبيعة العقل الغربي والذي يتناقض مع ما ينتجه من مفاهيم وآراء، بحيث يكون نتاج هذه الأفكار خاصاً في إعادة تشكيل البنية الاجتماعية والاقتصادية الداخلية للغرب، حتى لو كان ذلك على مصالح شعوب وأمم أخرى.


يتبع





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

آخر تعديل صانعة النهضة يوم 2017-02-27 في 18:28.
    رد مع اقتباس