دخلنا مدينة شفشاون التي تقع في أقصى شمال المغرب على سلسلة جبال الريف وهي مدينة صغيرة تحيطبها الطبيعة الخلابة منثلاث جهات ،بينما يحصرها جبل مرتفع تنبع منه شلالات - راس الماء - ملقاة على جبل ما يعطيها البرودة والجو الصحو بينما إقبيم شفشاون واسع تبلغ مساحته 4350 كلم مربع. يحده شمالا البحر الأبيض المتوسط بواجهة بحرية تمتد على ما يفوق 120 كلم وجنوبا إقليمي وزان وتاونات وشرقا إقليم الحسيمة وغربا إقليمي تطوان والعرائش. روعة راس الماء الذي ينبع منه ماء صافي وصحي في فصل الصيف يستغل الشباب العوم والسباحة والإستمتاع في هذا الشلال ،أما الآن فمياهه باردة لا يجرأ أحدعلى النزول إليها بعدما شربنا واستمتعنا بجمال المكان ، غادرنا إلى أحد المعالم المشهورة هناك ،إلى أوطا حمام ،أو" ساحة وطاء الحمام " حيثما تمشي وتنتقل تلمس روح الطابع الأندلسي هناك، وذلك راجع لسر تأسيس هذه المدينة التي تحمل إسما أمازيغيا ، إذ أسسها مولاي بن راشد في القرن الرابع عشر عام 1471 تحديداً، كملاذ للعائلات الأندلسية المسلمة واليهودية أيضاً التي غادرت غرناطة هرباً من بطش الأسبان آنذاك، لذلك تحتضن المدينة عددا هائلا من العائلات الاندلسية الأصل التي عاشت وبقيت في شفشاون، ومن الجدير بالذكر أن المدينة ظلت مغلقة في وجه الأجانب بعد سقوط الأندلس حتى عام 1920، وذلك اعتراضاً وأسفاً على سقوط غرناطة، لدرجة أنهم كانوا يقومون بتعليق رايات سوداء على المآذن وها نحن اليوم نراها ما تزال تحتفظ بالطابع الأندلسي الواضح في بيوتها ، إن دروب المدينة يشبه المتاهة ، شأنها شأن معظم المدن الأخرى في المنطقة ، ويضم مبانيه البيضاء بمزيج من العمارة الإسبانية والمغاربية . الجدران الزرقاء جعلت المدينة فريدة من نوعها تجذب الكثير من الزوار الذين يحبون أن يتجولوا بين دروب المدينة الضيقة مع إلتقاط بعض الصور الجميلة . وكما تلاحظون من خلال هذه الصور الحية فإنها تعد واحدة من أجمل المدن في المغرب فالمدينة القديمة ذات تأثير أندلسي بامتياز مع الأسطح المغطاة بالقرميد الأحمر ، والمباني الزرقاء المشرقة والأزقة الضيقة . تبضعنا قليلا من بعض الدكاكين وخصاصا المنسوجات الصوفية فهي تقدم العديد من الحرف اليدوية المحلية التي لا تتوفر في أي مكان آخر في المغرب ، مثل الملابس والصوف والبطانيات المنسوجة من الصوف الحر. انطلقنا لحومة أوطا حمام ساحة تقع وسط المدينة العتيقة، تبلغ مساحتها 300 متر مربع، وكل الطرق في المدينة والتي مررنا منها تؤدي إلى هذه الساحة ذات الطراز المعماري الأندلسي بامتياز ، وهي تعتبر مقصد السائحين في كل وقت، فهي تمثل قلب المدينة حيث تنتشر المقاهي التقليدية المظللة بالأشجار، هناك يمكنك تناول الشاي المغربي الأخضر الشهير المخلوط بالنعناع في هذه الساحة نافورة ماء جميلة، ويطل عليها متحف، صممت في البداية لتكون مقرا للسوق الأسبوعي الذي يؤمه سكان الضواحي والمدينة.... وأنت تأخذ قسطا من الراحة في واحدة من المقاهي الشعبية في ساحة "وطاء الحمام" لاتترك المفاجأة تأخذ..... إن وقعت عيناك على نجم من نجوم "السينما" العالميين أو إعلامي أو كاتب مشهور، فالمدينة تجتذب إليها مثل هؤلاء وغيرهم من الهاربين من ضوضاء المدن الكبيرة وتلوثها. تغذينا في أوطا حمام وتهيئنا لمتابعة طريقنا إلى وزان مرورا بالدردة . وبجانب الساحةهناك معلمة القصبة التي مررنا من أمامها لنركبسيارتنا . المتتبع لحضارة وفن مدينةالشاون يجد أنها لم ترث فن البناء والهندسة المعمارية فقط من الأندلس، بل نقلت منها الفن والموسيقى أيضاً، فالغناء الأندلسي وخصوصاً فرق الحضرة والغناء الصوفي سمة مميزة وهامة من سماتها ومن باب الإخبار ففي كلّ عام تستقبل مدينة شفشاون المغربية "ملتقى الموسيقى الأندلسية" بعنوان "أندلسيات شفشاون".وهو مهرجان ضخم يجعل من المدينة الهادئة مدينة تضجّ بالسيّاح المغاربة والأجانب على حد سواء . فرقة من الحضرة الشاونية