عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-01-25, 22:31 رقم المشاركة : 3
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: تطوان: "بنت غرناطة"الحاضنة للحضارة الأندلسية بالمغرب


2- ماذا بعد أن وصلوا شمال إفريقية؟





  • اختار كثير من المورسكيين المرحلين، مسلمون وهم أغلبية ويهود وحتى مسيحيون لم يثبت ولاؤهم للكنيسة، الاستقرار في المغرب، أقام به ما يقارب 150 ألفًا منهم، حيث وجدوا فيه كل عناية وترحيب في كل مكان نزلوا به، تطوان وشفشاون، وفاس والرباط وسلا، وبعض بوادي شمال المغرب، فاستفادت كل تلك المدن من خبرتهم ومهارتهم في سائر مرافق الحياة اليومية سواء تعلق الأمر بالفلاحة أو التجارة أو الشؤون الثقافية والعلمية.
  • احتضنت كل من تطوان وشفشاون الطبقات العامة في غالبيتها، في حين احتضنت الرباط وفاس طبقة العلماء والأدباء والأغنياء منهم، أما سلا فقد استوطنها القراصنة من الموريسكيين، ومنهم من وصل إلى مدن مراكش وآسفي ووجهات أخرى من المغرب.


  • خريطة توزيع هجرات المورسكيين





    في الحقيقة لم يكن المجتمع المغاربي عمومًا مهيأ لاستقبال، رغم علاقات الهجرة المسبقة مع المورسكيين، أمثال أولئك البشر الذين كانوا يحملون معهم إرثًا حضاريًّا وفكريًّا تجاوز عصرهم بكثير، حيث شكل بالنسبة لشعوب إفريقية صدمة نظرًا للاختلاف الكبير،
  • عبر عن هذا الأمر بدقة الباحث الفرنسي لوريكاردياك الذي قال: “كان المورسكيون يبدون مسلمين في إسبانيا ويبدون مسيحيين شمال إفريقيا
  • ”، إذ كان إسلامهم يختلف كثيرًا عن الإسلام المتشدد السائد آنذاك (وربما السائد حتى الآن)، فقد كانوا، كما يؤكد مؤرخون إسبان، لا يجدون غضاضة في تفضيل المعارف العلمية على بعض ظاهر النصوص الدينية (يقول ابن رشد لا ينبغي العودة إلى الله إلا إذا توقفت المعرفة المنطقية)، علاوة على أنهم يتسامحون مع كل الأديان (يظهر ذلك في شطحات الإمام محيي الدين ابن العربي التي تجسد التسامي عن اختلافات الأديان) كما أنهم كانوا مولعين بالرقص والغناء والموسيقى (رقصة الفلامينكو الإسبانية مستمدة أساسًا من المورسكيين).
  • كان الأندلسيون يحملون فعلًا بوادر النهضة الأوروبية (التي لا زال حتى الآن من يعاديها باعتبارها في اعتقاده نتاجًا غربيًّا بحتًا)، فقد ترجموا كتب اليونان وعلقوا عليها وانتقدوها، وأنتجوا كتبًا في الطب والكيمياء والجبر والزراعة وغيرها من العلوم، كما هو مسجل في المتاحف الإسبانية التي ما تزال حتى الآن تحتفظ ببعض ما بقي من كتابات المورسكيين تبجيلًا لحقبتهم تلك.
  • هذه الهوة الفكرية بين الأندلسيين والمغاربة أدت إلى رمي كثير من المفكرين المورسكيين المسلمين ممن وفدوا إلى فاس المغربية بعلومهم وفنونهم، بتهم الإلحاد والزندقة، وأحرقت كتبهم ومكتباتهم، بل إن بعضهم مات حرقًا والبعض الآخر مات مسمومًا، نذكر منهم على سبيل المثال فقط لا الحصر:
  • الطبيب عبد الملك ابن زهر، والفيلسوف ابن رشد، والكاتب جُزَيّ بن عبد الله الغرناطي، وابن زمرك، والشاعر لسان الدين بن الخطيب الذي قاموا بخنقه وإحراق جثته، ولا يزال قبره بارزًا أَثَرُه خارج أسوار مدينة فاس لحد الساعة.
  • إلا أنه رغم كل ذلك تسرب إلى تلك المدينة البعض من إرثهم الفكري والعلمي الذي تطور بها عبر السنين، حتى أصبحت تكنى اليوم بالمدينة العلمية.
  • يذكر الباحث الإسباني غيير مورو ثالبيث بوستو في كتابه القيم “المورسكيون في المغرب”، أن عددًا كبيرًا من المورسكيين الغرناطيين استقروا في تطوان بالمغرب، وسكن معهم أناس من فاس فتصاهرت الأسر واختلطت، وتم تقليد العادات الغرناطية في طريقة العيش ونمط الحياة واللباس والمأكل وطريقة التحدث والكلام، تطبع الجميع بالصبغة التطوانية الخاصة، حتى أصبح من الصعب التمييز بدقة بين من هو غرناطي ومن هو فاسي أو ريفي أو جبلي، انصهر الكل في بوتقة واحدة وتحت قيادة روحية واجتماعية واحدة، كما قام يهود المورسكيين ومسلميهم بتأسيس مدينة شفشاون بالمغرب.


  • مدينة شفشاون المغربية التي سكنها المورسكيون





    أما خوليو كارباروخا فيبين في كتابه “مسلمو مملكة غرناطة بعد عام 1492م”، كيف أن الطابع الأندلسي يبرز واضحًا على مستوى المعمار في مدن وقرى الأطلس والمناطق الجبلية بالمغرب، أو على مستوى صناعة الملابس والحلي والثياب وصناعة الخزف والزراعة وغيرها.
  • يضيف: “إن الرحالة الذين يأسفون على طرد الموريسكيين يجدون كثيرًا من الآثار الموريسكية في كل مكان، الأمر الذي يجعلنا نتكلم عن “أسطورة موريسكية” في أندلوثيا منتشرة بين الناس لدرجة توغلها في أوساط الشعب”.
  • بعد انهيار الديكتاتورية وترسيخ دولة القانون والديموقراطية، اعترفت الحكومة الإسبانية سنة 1992م رسميًّا بالإسلام باعتباره دينًا سماويًّا، ومنحت المسلمين من أحفاد المورسكيين وغيرهم وثيقة تثبت ذلك، وأصبح المسلمون يتمتعون بكامل حقوقهم كباقي أتباع الديانات الأخرى، كما قدم البرلمان الإسباني سنة 2002 اعتذارًا رسميًّا للمورسكيين المسلمين على الظلم والتهجير الذي لحق بهم، إلا أنه لا يزال حتى الآن 5 ملايين مغربي من أحفاد المورسكيين يطلبون من الحكومة الإسبانية تجنيسهم باعتبارهم تم نفيهم من بلدهم الأصلي، على غرار تجنيسها سنة 2007 مليوني يهودي قامت بترحيل أجدادهم.
  • لقد أثرت الحضارة الأندلسية بشكل جلي على الدول التي استقبلت الموريسكيين، نتيجة هجرتهم الاضطرارية، ولا تزال حتى الساعة بقايا الأندلس بالمغرب بادية للزائر في فن العمارة والطبخ (الكسكس المغربي) والموسيقى (الطرب الأندلسي)، والعادات وتقاليد اللباس (البلغة والسلهام)، سنتحدث بالتفصيل عن بقايا الفردوس المفقود فيما يأتي
  • تطوان: "بنت غرناطة"الحاضنة للحضارة الأندلسية بالمغرب
  • يتبع





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس