عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-10-21, 12:39 رقم المشاركة : 4
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي


[u]* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق [/u]

[color="darkgreen"]{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ظ±جْعَلْ هَـظ°ذَا ظ±لْبَلَدَ ءَامِناً وَظ±جْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ظ±لأَصْنَامَ } * { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ظ±لنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { رَّبَّنَآ إِنَّيغ¤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ظ±لْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ظ±لصَّلظ°وةَ فَظ±جْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ظ±لنَّاسِ تَهْوِىغ¤ إِلَيْهِمْ وَظ±رْزُقْهُمْ مِّنَ ظ±لثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَىظ° عَلَى ظ±للَّهِ مِن شَيْءٍ فَي ظ±لأَرْضِ وَلاَ فِي ظ±لسَّمَآءِ } * { ظ±لْحَمْدُ لِلَّهِ ظ±لَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ظ±لْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ظ±لدُّعَآءِ } * { رَبِّ ظ±جْعَلْنِي مُقِيمَ ظ±لصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ } * { رَبَّنَا ظ±غْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ظ±لْحِسَابُ } * { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ظ±للَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ظ±لظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ظ±لأَبْصَارُ } * { مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } * { وَأَنذِرِ ظ±لنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ظ±لْعَذَابُ فَيَقُولُ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُوغ¤اْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىظ° أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ظ±لرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوغ¤اْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } * { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـظ°كِنِ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُوغ¤اْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ظ±لأَمْثَالَ } * { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ظ±للَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ظ±لْجِبَالُ } * { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ظ±للَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ظ±للَّهَ عَزِيزٌ ذُو ظ±نْتِقَامٍ } * { يَوْمَ تُبَدَّلُ ظ±لأَرْضُ غَيْرَ ظ±لأَرْضِ وَظ±لسَّمَظ°وَظ°تُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ظ±لْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } * { وَتَرَى ظ±لْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ظ±لأَصْفَادِ } * { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىظ° وُجُوهَهُمُ ظ±لنَّارُ } * { لِيَجْزِىَ ظ±للَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ ظ±للَّهَ سَرِيعُ ظ±لْحِسَابِ } * { هَـظ°ذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُوغ¤اْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـظ°هٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ظ±لأَلْبَابِ }

[/color]المنَاسَبة: لمّا ذكر تعالى بالدلائل الحسية والسمعية انفراده بالألوهية وأن لا معبود إِلا الله، ذكر هنا أبا الأنبياء " إِبراهيم " عليه السلام حصن التوحيد، ومبالغته في هدم الشرك والأوثان، ثم ذكر موقف الظالمين يوم الدين، وما يعتريهم من الذل والهوان في يوم الحشر الأكبر.

اللغَة:

{ وَظ±جْنُبْنِي } أبعدني ونحّني يقال: جَنب وجنَّب وأصله جعل الشيء في جانب آخر { تَشْخَصُ } شخَص البصر: إِذا بقيت العين مفتوحة لا تغمض من هول ما ترى { مُهْطِعِينَ } مسرعين يقال أهطع إِهطاعاً إِذا أسرع قال الشاعر:
بدجلةَ دارهُم ولقد أَراهم
***
بدجلةَ مُهْطعينَ إِلى السَّماع
{ مُقْنِعِي } المقنعُ: الرافع رأسه المقبل ببصره على ما بين يديه { هَوَآءٌ } خالية { مُّقَرَّنِينَ } مشدودين { ظ±لأَصْفَادِ } الأغلال والقيود واحدها صفد { سَرَابِيلُهُم } جمع سربال وهو القميص والثوب { تَغْشَىظ° } تجلّل وتغطّي.

التفسِير:

{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ظ±جْعَلْ هَـظ°ذَا ظ±لْبَلَدَ آمِناً } أي اجعل مكة بلد أمنٍ يأمن أهله وساكنوه { وَظ±جْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ظ±لأَصْنَامَ } أي احمني يا رب وجنبني وأولادي عبادة الأصنام، والغرضُ تثبيتُه على ملة التوحيد والإِسلام { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ظ±لنَّاسِ } أي يا ربّ إِنَّ هذه الأصنام أضلَّت كثيراً من الخلق عن الهداية والإِيمان { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } أي فمن أطاعني وتبعني على التوحيد فإِنه من أهل ديني { وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي ومن خالف أمري فإِنك يا رب غفار الذنوب رحيمٌ بالعباد { رَّبَّنَآ إِنَّيغ¤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي } كرّر النداء رغبةً في الإِجابة وإِظهاراً للتذلل والإِلتجاء إلى الله تعالى أي يا ربنا إني أسكنت من أهلي - ولدي إسماعيل وزوجي هاجر - { بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ظ±لْمُحَرَّمِ } أي بوادٍ ليس فيه زرع في جوار بيتك المحرم، وهو وادي مكة شرفها الله تعالى { رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ظ±لصَّلاَةَ فَظ±جْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ظ±لنَّاسِ تَهْوِيغ¤ إِلَيْهِمْ } أي ربنا لكي يعبدوك ويقيموا الصلاة أسكنتهم بهذا الوادي فاجعل قلوبَ الناسِ تحنُّ وتسرع إِليهم شوقاً قال ابن عباس: لو قال: (أفئدة الناس) لازدحمت عليه فارس والروم والناسُ كلهم، ولكنْ قال { مِّنَ ظ±لنَّاسِ } فهم المسلمون { وَظ±رْزُقْهُمْ مِّنَ ظ±لثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } أي وارزقهم في ذلك الوادي القفر من أنواع الثمار ليشكروك على جزيل نِعمك، وقد استجاب الله دعاءه فجعل مكة حرماً آمناً يجبى إليها ثمرات كل شيء رزقاً من عند الله { رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ } أي يا ربنا إِنك العالم لما في القلوب تعلم ما نسرُّ وما نظهر { وَمَا يَخْفَىظ° عَلَى ظ±للَّهِ مِن شَيْءٍ فَي ظ±لأَرْضِ وَلاَ فِي ظ±لسَّمَآءِ } أي لا يغيب عليه تعالى شيء في الكائنات، سواء منها ما كان في الأرض أو في السماء، فكيف تخفى عليه وهو خالقها وموجدها؟ { ظ±لْحَمْدُ للَّهِ ظ±لَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ظ±لْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } أي الحمد لله الذي رزقني على كبر سني وشيخوختي إِسماعيل وإِسحاق قال ابن عباس: ولد له إِسماعيل وهو ابن تسعٍ وتسعين، وولد له إِسحاق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة { إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ظ±لدُّعَآءِ } أي مجيبٌ لدعاء من دعاه { رَبِّ ظ±جْعَلْنِي مُقِيمَ ظ±لصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَتِي } هذه هي الدعوة السادسة من دعوات الخليل عليه السلام أي يا رب اجعلني ممن حافظ على الصلاة واجعل من ذريتي من يقيمها أيضاً، وهذه خير دعوةٍ يدعوها المؤمن لأولاده فلا أحبَّ له من أن يكون مقيماً للصلاة هو وذريته لأنهما عماد الدين { رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ } أي تقبَّلْ واستجبْ دعائي فيما دعوتك به { رَبَّنَا ظ±غْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ظ±لْحِسَابُ } هذه هي الدعوة السابعة وبها ختم إِبراهيم دعاءه الضارع الخاشع بالاستغفار له ولوالديه ولجميع المؤمنين، يوم يقوم الناس لرب العالمين قال المفسرون: استغفر لوالديه قبل أن يتبيَّن له أنَّ أباه عدوٌ لله قال القشيري: ولا يبعد أن تكون أمه مسلمة لأن الله ذكر عذره في استغفاره لأبيه دون أمه.

. وينتقل السياق إِلى مشاهد القيامة وما فيها من الأهوال حين تتزلزل القلوب والأقدام { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ظ±للَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ظ±لظَّالِمُونَ } أي لا تظننَّ يا محمد أنَّ الله ساهٍ عن أفعال الظلمة، فإِن سنة الله إِمهال العصاة ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، قال ميمون بن مِهْران: هذا وعيدٌ للظالم، وتعزيةٌ للمظلوم { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ظ±لأَبْصَارُ } أي إِنما يؤخرهم ليومٍ رهيب عصيب، تَشْخص فيه الأبصار من الفزع والهَلع، فتظلُّ مفتوحة مبهوتة لا تطرف ولا تتحرك قال أبو السعود: تبقى أبصارهم مفتوحة لا تتحرك أجفانهم من هول ما يرونه { مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ } أي مسرعين لا يلتفتون إِلى شيء رافعين رءوسهم مع إِدامة النظر قال الحسن: وجوه الناس يومئذٍ إِلى السماء لا ينظر أحدٌ إِلى أحد { لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ } أي لا يطرفون بعيونهم من الخوف والجزع { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } أي قلوبهم خالية من العقل لشدة الفزع { وَأَنذِرِ ظ±لنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ظ±لْعَذَابُ } أي خوّف يا محمد الكفار من هول يوم القيامة حين يأتيهم العذاب الشديد { فَيَقُولُ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُوغ¤اْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىظ° أَجَلٍ قَرِيبٍ } أي فيتوجه الظالمون يومئذٍ إِلى الله بالرجاء يقولون يا ربنا أمهلنا إِلى زمنٍ قريب لنستدرك ما فات { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ظ±لرُّسُلَ } أي نجب دعوتك لنا إِلى الإِيمان ونتّبع رسلك فيما جاءونا به { أَوَلَمْ تَكُونُوغ¤اْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } أي يقال لهم توبيخاً وتبكيتاً: ألم تحلفوا أنكم باقون في الدنيا لا تنتقلون إِلى دار أخرى؟ والمراد إِنكارهم للبعث والنشور { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـظ°كِنِ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُوغ¤اْ أَنفُسَهُمْ } أي سكنتم في ديار الظالمين بعد أن أهلكناهم، فهلاَّ اعتبرتم بمساكنهم؟ { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } أي تبيَّن لكم بالإِخبار والمشاهدة كيف أهلكناهم، وانتقمنا منهم { وَضَرَبْنَا لَكُمُ ظ±لأَمْثَالَ } أي بينا لكم الأمثال في الدنيا فلم تعتبروا { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ } أي مكر المشركون بالرسول وبالمؤمنين حين أرادوا قتله { وَعِندَ ظ±للَّهِ مَكْرُهُمْ } أي وعند الله جزاء هذا المكر فإنه محيط بهم وبمكرهم { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ظ±لْجِبَالُ } أي وإِن كان مكرهم من القوة والتأثير حتى ليؤدي إِلى زوال الجبال ولكنَّ الله عصَم ووقى منه { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ظ±للَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } أي لا تظننَّ أيها المخاطب أن الله يخلف رسله ما وعدهم به من النصر وأخذ الظالمين المكذبين { إِنَّ ظ±للَّهَ عَزِيزٌ ذُو ظ±نْتِقَامٍ } أي إِنه تعالى غالبٌ لا يعجزه شيء منتقم ممن عصاه { يَوْمَ تُبَدَّلُ ظ±لأَرْضُ غَيْرَ ظ±لأَرْضِ وَظ±لسَّمَظ°وَظ°تُ } أي ينتقم من أعدائه يوم الجزاء، يوم تتبدل هذه الأرض أرضاً أخرى، وتتبدل السماوات سماوات أخرى قال ابن مسعود: تُبدَّل الأرضُ بأرضٍ كالفضة نقية، لم يسفك فيها دم، ولم يعمل عليها خطيئة { وَبَرَزُواْ للَّهِ ظ±لْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } أي خرجت الخلائق جميعها من قبورهم، ومثلوا أمام أحكم الحاكمين، لا يسترهم ساتر، ولا يقيهم واقٍ، ليسوا في دورهم ولا في قبورهم، وإِنما هم في أرض المحشر أمام الواحد القهار { وَتَرَى ظ±لْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ظ±لأَصْفَادِ } أي وفي ذلك اليوم الرهيب تبصر المجرمين مشدودين مع شياطينهم بالقيود والأغلال قال الطبري: أي مقرَّنة أيديهم وأرجُلهم إِلى رقابهم بالأصفاد وهي الأغلال والسلاسل { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ } أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران وهي مادة يسرع فيها اشتعال النار، تُطلى بها الإِبل الجربى فيحرق الجربَ بحرّه وحدته، وهو أسود اللون منتنُ الريح { وَتَغْشَىظ° وُجُوهَهُمُ ظ±لنَّارُ } أي تعلوها وتحيط بها النار، جزاء المكر والاستكبار { لِيَجْزِيَ ظ±للَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ } أي برزوا يوم القيامة لأحكم الحاكمين ليجازيهم الله على أعمالهم، المحسنَ بإِحسانه، والمسيءَ بإِساءته { إِنَّ ظ±للَّهَ سَرِيعُ ظ±لْحِسَابِ } أي لا يشغله شأن عن شأن، يحاسب جميع الخلق في أعجل ما يكون من الزمان، في مقدار نصف نهار من أيام الدنيا كما ورد به الأثر { هَـظ°ذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ } أي هذا القرآن بلاغٌ لجميع الخلق من إِنس وجان، أنزل لتبليغهم بما فيه من فنون العبر والعظات { وَلِيُنذَرُواْ بِهِ } أي لكي يُنصحوا به ويخوّفوا من عقاب الله { وَلِيَعْلَمُوغ¤اْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـظ°هٌ وَاحِدٌ } أي ولكي يتحققوا بما فيه من الدلائل الواضحة والبراهين القاطعة، على أنه تعالى واحد أحدٌ، فردٌ صمد { وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ظ±لأَلْبَابِ } أي وليتعظ بهذا القرآن أصحاب العقول السليمة، وهم السعداء أهل النهى والصلاح.

البَلاَغَة:

تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي:

1- التشبيه البليغ { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } حذف منه أداة التشبيه ووجه الشبه أي قلوبهم كالهواء لفراغها من جميع الأشياء فأصبح التشبيه بليغاً.

2- الإِيجاز بالحذف { يَوْمَ تُبَدَّلُ ظ±لأَرْضُ غَيْرَ ظ±لأَرْضِ وَظ±لسَّمَظ°وَظ°تُ } حذف منه والسماوات تبدل غير السماوات لدلالة ما سبق.

3- الطباق في { تَبِعَنِي... عَصَانِي } وفي { نُخْفِي... نُعْلِنُ } وفي { ظ±لأَرْضِ... ظ±لسَّمَآءِ }.

4- جناس الاشتقاق في { مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ }.

5- العدول عن المضارع إِلى الماضي { وَبَرَزُواْ } بدل { ويبرزون } للدلالة على تحقق الوقوع مثل
{*أَتَىظ° أَمْرُ ظ±للَّهِ*}
[النحل: 1] فكأنه حدث ووقع فأخبر عنه بصيغة الماضي.

6- الاستعارة في { فَظ±جْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ظ±لنَّاسِ تَهْوِيغ¤ إِلَيْهِمْ } قال الشريف الرضي: وهذه من محاسن الاستعارة وحقيقةُ الهُوي النزول من علوٍ إِلى انخفاض كالهبوط والمراد تسرع إِليهم شوقاً وتطير إِليهم حباً، ولو قال " تحنُّ إِليهم " لم يكن فيه من الفائدة ما في التعبير بـ { تَهْوِيغ¤ إِلَيْهِمْ } لأن الحنين قد يكون من المقيم بالمكان.

لطيفَة: حكمة تعريف البلد هنا { ظ±جْعَلْ هَـظ°ذَا ظ±لْبَلَدَ آمِناً } وتنكيره في البقرة
{*ظ±جْعَلْ هَـظ°ذَا بَلَداً آمِناً*}
[الآية: 126] أنه تكرر الدعاء من الخليل، ففي البقرة كان قبل بنائها فطلب من الله أن تجعل بلداً، وأن تكون آمناً، وهنا كان بعد بنائها فطلب من الله أن تكون آمناً أي بلد أمنٍ واستقرار، وهذا هو السرُّ في التفريق في الآيتين، اللهم ارزقنا فهم أسرار كتابك العظيم.






التوقيع

آخر تعديل خادم المنتدى يوم 2017-08-26 في 18:02.
    رد مع اقتباس