عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-03-24, 14:46 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: أدب الأطفال مدخل للتربية الإبداعية :متجدد


الأدب والطفولة



إذا كان من حق الأطفال على المجتمع أن يوفر لهم أسباب الرعاية الجسمية والصحية بمختلف أشكالها ، وأن يقيم المؤسسات اللازمة لذلك ، فإن واجب الكتاب والمربيين تحقيق الإنماء الفكري للأطفال ، والتوجيه الثقافي لهم ، وإشباع الحاجات النفسية والروحية عندهم ، وذلك بإعداد ما يلزمهم من قصص شائعة ، وكتابات مناسبة ، ومؤلفات ينعمون بها .
ولاشك أن السبيل إلى خلق مجتمع من القراء متفتح الذهن ، ناضج الفكر ، واسع الثقافة ، إنما يبدأ بالأطفال ، فعقولهم غضة ، وشخصياتهم مرنة ، وحساسيتهم للتأثر بالغة . (رشدي طعيمة ، 1998 : 25)
لذلك فقد اهتم هذا الفصل بتناول عدد من الجوانب التي تتعلق بالأدب والطفولة ، والمتمثلة في : أدب الطفل من منظور تاريخي ، ويلقي الضوء على لغة الأدب ، ثم يتناول مفهوم أدب الأطفال ، والفرق بين أدب الأطفال وأدب الكبار ، ليصل إلى خصائص أدب الأطفال ، وعلاقتها بالمراحل العمرية ، وكذلك يتناول أهمية أدب الأطفال وأهدافه . وفيما يلي عرض تفصيلي لهذه الجوانب .



أدب الطفل من منظور تاريخي :


نستطيع أن نجزم بأن "أدب الطفل" قد اشتق معجمه وتشكيلاته اللغوية وإيقاعاته من العلاقة الفطرية بين الأمومة والطفولة ، وأن ينبوع الفطرة كان مدداً ثرياً بالعطاء اللغوي والمعنوي والموسيقي الذي يشكل في النهاية أغنيات المهد ، التي لو احتفظت البشرية عبر دوراتها بأشكال منها لوجدنا تمام الشبه بينها في الماضي السحيق وما هي عليه الآن ، ويمكن اعتبار أغنية المهد أول شكل أدبي في التراث الأدبي الإنساني يخاطب الطفولة ، ويقصد إلى إحداث تناغم وإمتاع لدى طفل المهد ، فمن الكلمات المنغمة ، وهز المهد ، واحتضان الطفل ، وهدهدته ، وترقيصه نشأت أشكال لغوية منغمة يمكن اعتبارها الكلمة الأولى في تراث أدب الطفل . والأغنية حينئذ وفي هذا الإطار ، وبأثر من العلاقات العفوية الفطرية التي تنشأ بين الأمومة والتدفق العفوي الإبداعي الذي يتكون عبر الالتصاق الحميم الموصل بين الأم والطفل ، أو هذه الكلمات الدافئة التي ابنتها أحضان الأمومة ، يمكن أن نتصور أدب الطفل على أنه كلمات منغمة قريبة من الأداء الصوتي للطفل ، وليس المقصود منه إتاحة المعرفة ، وإيجاد التوجيهات ، بل المقصود المشاركة وجلب السرور والسعادة عند الاستنامة والملاعبة والترقيص ، وإزالة عوامل الوحشة .

وإذا كانت الفطرة قد غذت الأمومة بالصياغات الفطرية لأدب الطفل ، فإن التراث الأدبي الإنساني والعربي قد شكل الروافد الأدبية التي غذت الصياغات الفنية والتراث الأدبي في مجال أدب الطفل . وعبر مراحل امتدت في الزمان والمكان ، وأخذت تتطور وتكثف تراثاً إنسانياً أدبياً نلتقي به في إبداع "المصري القديم" ، ومناطق البابليين ، والآشوريين ، والفينيقيين ، والفارسيين ، والأثينيين ، والرومانيين ، والصينيين ، واليابانيين ، والهنود ، وقبائل إفريقيا ، والعرب المنتشرة قبائلهم في الشمال والجنوب ، ويتشكل هذا التراث من الشعر الغنائي ، وشعر الملاحم ، والحكايات ، والأساطير ، والخرافات ، والحكم ، والأمثال ، والمواعظ ، والنصائح ، وأغاني المهد ، والرعاة ، والأفراح ، والأحزان ، والحروب ، والانتصارات ، ... الخ . (عبد الرءوف أبو السعد ، 1994 : 13-14)

وقد كانت حياة الطفل في مصر القديمة تربية وتعليماً ولعباً ، فكان الطفل بعد عمله المدرسي الذي يستغرق نصف اليوم يلهو ويلعب ويصطاد مع رفاقه وجيرانه الأطفال ، فإذا ما جن الليل هفت نفسه إلى سماع القصص والحكايات . ومن هنا نجد أن مصر القديمة كانت تهتم بالطفل من الناحيتين : التعليمية ، والعاطفية ، في مراحل طفولته المختلفة .
كان الأطفال المصريين القدماء – شأن كل الأطفال – مغرمين بالقصص التي تبدأ "بكان ياماكان" ، غير أن التاريخ يذكرهم وينسى غيرهم من أطفال العالم القديم حين تذكر قصص الصغار ، ذلك لأن اهتمام الكبار منهم بالصغار في مراحل طفولتهم ، جعلهم يسجلون ما كان يحكى لأطفالهم من قصص ، وقصصهم أقدم قصص خرافية للأطفال وصلت إلينا ، وعرفها التاريخ قبل أن يعرف قصص السندباد ، وعلاء الدين ، والشاطر حسن ، وسندريلا ، وذات الرداء الأحمر ، بألوف السنين .

وقد عثر المنقبون عن آثار مصر القديمة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على أول تسجيل في تاريخ البشرية لأدب الأطفال ، ولحياة الطفولة ومراحل نموها ، ويرجع تاريخ هذا التسجيل إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد ، وقد وجد مكتوباً على أوراق البردي ، ومصوراً على جدران المعابد والقصور والقبور . ومن هذه الكتابات والنقوش والصور أمكن للإنسان المعاصر أن يعرف ما كان يغرم به الأطفال في العصور القديمة من أنواع اللهو والتسلية واللعب ، وأن يصل علمه إلى أنواع العرائس واللعب الجميلة التي كانوا يلعبون بها ، وأن يقرأ القصص التي كانت ترويها الأمهات والمربيات للأطفال في قديم الزمان .
سجلت البرديات فيها قصة"جزيرة الثعبان" ، وهي قصة سفينة هبت عليها عاصفة فأغرقتها ، وغرق معها ملاحوها المائة والعشرون ، ولم ينج منهم سوى بحار واحد ، لفظته الأمواج على جزيرة نائية ، وبعد ثلاثة أيام أسترد وعيه وبعض قوته ، ثم بحث عن طعام فوجد بالجزيرة فاكهة كثيرة تسر الناظرين ، وبعد أن أكل وشبع أحرق قرباناً للآلهة ، ثم سمع صوتاً واعداً تحطمت له الأشجار ، وزلزلت منه الأرض والجبال ، وإذ بثعبان طوله ثلاثون ذراعاً ، وله لحية طولها ذراعان ، وجسمه مرصع بالذهب والجواهر ، وحاجباه من اللازورد ، فسجد له البحار وقص عليه قصته ، وطلب منه العون والمساعدة في محنته ، فاستضافه الثعبان ملك الجزيرة حتى مرت سفينة قريبة ، سلط عليها الثعبان الريح لتدفعها إلى الجزيرة ، ورأى ربان السفينة البحار فحمله معه ، وحمَّله الثعبان هدايا من الجواهر إلى ملك مصر .

كذلك سجلت البرديات قصة "الملك خوفو" ثاني ملوك الأسرة الرابعة القديمة ، وباني الهرم الأكبر ، والذي تولى الملك نحو عام (2700ق.م.) ، حين انتابه السأم يوماً وأحس بالملل ، فاستدعى أبناءه الصغار ، وطلب منهم أن يُسَروا عنه ، ويقصوا عليه أحسن ما عرفوه من قصص الأعمال السحرية التي وقعت في عهود الملوك السابقين ، وكان أول الصبية "خفرع" ، فقص على الملك قصة "التاج الفيروزي" ، وتلاه أخوه الأوسط ، فقص قصة "الأمير المقضي عليه بالهلاك" ، ثم جاء دور الثالث ، فقص على أبيه الملك قصة "الثور المسحور" .

وإذا تأملنا فيما وصل إلينا من الحكايات المصرية القديمة للأطفال نجدها قد دونت بأسمى أسلوب قصصي ، مما يدل على أنها مرت بمراحل التطور حتى وصلت إلى النضج الفني من الحديث والحكاية ، ففيها أسلوب التكرار ، وحسن الانتقال بين الأحداث ، واستخدام ذلك كله استخداماً مؤثراً في الأطفال ، والعثور على هذه الحكايات ، وعلى عدد كبير من قصص الحيوان عند قدماء المصريين ، يدل على الاهتمام الكبير الذي كان يلقاه أدب الأطفال عندهم من ناحية ، كما يدل على الثروة الضخمة من الحكايات التي كان يستمتع بها أطفال المصريين القدماء .

والذي يؤكد أن هؤلاء الأطفال قد استمتعوا برصيد ضخم من الأدب القصصي ، وذلك التطور والانتقال إلى المرحلة التالية للأدب المكتوب وهي مرحلة الأدب ، فقد وجد على جدران المقابر والمعابد والقصور قصص مصورة للأطفال تمثل القط وهو يمشي على خلفيته ، ويجعل عصاه على كتفه ، ويسوق الإوز أمامه ، والأرنب يحرس الماعز ويرعاها ، والفئران تساكن القطط في مكان واحد ، والأسود والغزلان تجلس معاً في أمان وسلام تشاهد جولة في لعب الكرة ، كذلك وجدت قصة تمثل الحمار يعزف على آلة الهارب الموسيقية ، وصورة أخرى تمثل أسداً ونمراً يمشيان على خلفيتهما ، وبينهما قطيع من البط يقوده الأسد ضاحكاً ، ويسوقه النمر ، ويهش عليه بعصاه ، ومن خلف هذا القطيع قطيع آخر من الغزلان يقوده ثعلب ، ويسوقه ثعلب آخر ، ويحمل كل منهما عصاه على كتفه ، يعلق بها سلة فيها غذاؤه ، وخلف ذلك كله أسد وغزالة يجلسان على مقعدين وبينهما منضدة يلعبان عليها بأحجار الشطرنج ، كل ذلك في صور كاريكاتيرية ، وكما أن القصص المصري القديم للكبار قد اتصل مجراه وامتد ، أو تسرب وهاجر إلى الحكايات الهندية والعربية ، وحكايات "ألف ليلة وليلة" ، وإلى حكايات أوروبا ، فقد تسربت كذلك قصص الأطفال المصرية القديمة ، وامتدت إلى قصص كثيرة من شعوب العالم في آسيا وأوروبا ، يحكونها لأطفالهم ، ويسلون بها صغارهم ، وقد أستلهم "وولت ديزني" Walt Disney السينمائي الشهير فكرته عن الكارتون وشخصياته من زيارة قام بها لمقابر المصريين القدماء ، ورأى فيها قصص الأطفال المصورة ، فكانت الوحي والإلهام . (علي الحديدي ، 1991 : 50-60)

وإذا كانت بداية أدب الأطفال ترجع في الزمان إلى أول الزمان ، فإنه يمكن اعتبار العقد الثاني من القرن العشرين هو بداية أدب الطفل بمصر والعالم العربي على أسس إبداعية ؛ حيث ظهر التراث الشعبي والإنساني ، وتبلور في مجموعة من الكتب والمصادر ، يمكن بها تغذية أدب الطفل بأشكاله المتباينة . وبدأ الاهتمام بأدب الطفل والإبداع الأدبي المتخصص في هذا اللون من الأدب النوعي ، وذلك إثر ظهور مجلة "الأولاد" التي كانت تصدرها دار اللطائف المصورة ، وذلك تلبية لأبناء الطبقات الأرستقراطية ، وتعتمد في مواردها على الرسوم والصور والموضوعات المأخوذة من المجلات الأجنبية ، ثم أخذت الدائرة تتسع لتظهر خلال أعوام ما قبل الحرب العالمية الثانية أعمال قصصية تحت مسمى "مجلة الأولاد" ، قصص "السوبرمان" ، ولم تكن كلتهما ترتبط بالحياة المصرية والعربية كثيراً ، بل كانت ترجمات كاملة ونقلاً عن المجلات والقصص الأجنبية ، ومع الحرب العالمية الثانية وقبيل سنة (1952) أخذ الأستاذ كامل الكيلاني ، والأستاذ محمد سعيد العريان ، وغيرهما ، يهتمون بآداب الطفل ، ويترجمون الكتب والقصص والمعلومات ويصدرونها في سلاسل أو مجموعات ، أطلق عليها فيما بعد مجموعات كامل الكيلاني وسعيد العريان ، واهتمت هذه المجموعة بنشر سلاسل عربية ومحلية عن "ألف ليلة وليلة" ، و"كليلة ودمنة" ، وكانت تكتب هذه السلاسل والقصص بلغة سهلة ، وحروف واضحة ، وتضبط الكلمات والحروف ضبطاً كاملاً ، وكانت تزود الأطفال بالمعارف والمعلومات الدينية والاجتماعية والقومية ، فقد كان أدب الطفل حينئذ جزءاً من رسالة التربية والتعليم .

إنتاج كتاب الطفل وأدبه






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس