عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-03-07, 17:11 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

c1 من أجمل ما قرأت: لعلي لست أنا المشكلة!


من أجمل ما قرأت: لعلي لست أنا المشكلة!


هاندي الشيخ نجيب


لو سألتُكم - قرَّاءنا الكرام - عن أكثر ما تسمعونه في هذه الأيام وأنتم مع العائلة، مع الجيران، الأقارب، الأصدقاء، في الأعراس، في مجالس العزاء، في الشارع، بل حتى في سيارة الأجرة مع السائق، أو في دكان الحي مع البائع...


أتوقع أن تكون الإجابة: "الشكوى"؛ فالكل يشكو من كلِّ شيء!

نَشكو من الأزمات في كل المجالات، نشكو من قِلَّة الماء، وانقطاع الكهرباء، نشكو من الأرصفة وزحمة السير، من معاملة الناس، من الموظفين في الإدارات، من الباعة على الطرقات..

الأساتذة يشكون من التلاميذ، والتلاميذ يشكون من الأساتذة.

أرباب العمل يشكون من العمَّال، والعمَّال يَشْكُون مِن أرباب العمل.

الزوج يشكو من زوجته، والزوجة تشكو من زوجها.

الأم والأب يشكوان من أبنائهما وبناتهما، والأبناء والبنات يشْكُون من أمهاتهم وآبائهم.


حتى انتشرت العدوى بين مختلف المستويات صعودًا وهبوطًا، فصارت الشعوب تشكو من الحكومات، وباتت الحكومات تَستثقلُ الشعوب!


ومسلسل الشكوى لا يزال يتفشَّى، حتى أمسى كالوباء الذي يستلزم حلًّا عاجلًا.


وحتى نعرف مَن وراء انتشار تلك العلل، وكيف السبيل إلى علاج المتسبب في هذا الخلل، ننتقِلُ إلى قصة بعنوان: (أين تكمُن المشكلة؟).


فقد انزعَجَ أحدُ الأزواج من وضع زوجتِه المُتفاقم، وضاق ذرعًا من عدم سماعها له وتجاهُلِها لحديثه!

قرَّر يومًا أن يَستشير طبيبًا لمعرفة سبُل التعامل مع عِلَّة زوجته.


نصحَه الطبيب أن يقوم بتجربة للتأكُّد مِن مستوى صمم الزوجة الغافلة، واقترح عليه بأن يبتعد عنها مسافة 20 مترًا ثم يُكلِّمها بصوت عادي، وفي حال عدم تَجاوبِها، يقلِّل المسافة إلى 10 أمتار، فإذا ظلَّت هائمة في عالمها، يقترب أكثر ويحدِّثها عن مسافة 5 أمتار فقط، ويرصد درجة تفاعلها مع كلامه!


بالفعل، عاد الزوج إلى البيت، بينما كانت الزوجة مُنشغلة بإعداد طبق العشاء في المطبخ، خاطبها من غرفة الجلوس بصوت عادي قائلًا: ماذا أعددتِ لنا يا حبيبتي على العشاء؟

• لم تردَّ عليه!


اقترب مسافة عشرة أمتار ثم أعاد عليها السؤال، لكنَّها أيضًا لم ترد!

قلَّل المسافة بينهما حتى صار خلفها مُباشرة، ولا يكاد يفصل بينهما سوى خطوات، طرح عليها السؤال نفسه وهو يُمسك نفسه مِن شدَّة الغضب، قال لها: ماذا أعددت لنا على العشاء؟


استدارت الزوجة ونظرت إلى زوجها نظرة عتْب مُتفاجئة من إلحاحه، ثم ردَّت قائلة: هذه المرة الثالثة التي أقول لك فيها: عشاؤنا اليوم شوربة خضار!


نعم، لقد كان الزوج هو المصاب بالصمَم، فلم يكن يسمع جواب زوجته المتكرِّر، ولم يكن يسمعها مِن قبْل، في الوقت الذي كان يتَّهمها فيه بأنها لا تهتمُّ به ولا تسمع كلامه!


واقعة تُذكِّرنا بوصف الإمام الشافعي رحمه الله يوم أنشد:


نَعِيبُ زمانَنا والعيبُ فينا ...وما لزمانِنا عيبٌ سِوانَا



ونَهْجو ذا الزمان بغير ذنْبٍ ...ولو نطَقَ الزمانُ لنا هَجَانَا


وليس الذئبُ يَأكُلُ لحْمَ ذئبٍ...ويأكُلُ بعضُنا بَعضًا عيانَا!


لماذا نفترض دومًا أن العيب في غيرنا؟!

لماذا نبحث باستمرار في حقائب الآخرين عن أسباب المشكلة؟!

لماذا ننسى أن حقائبنا أيضًا مملوءة بالأسباب والعيوب؟!

وما الذي يفسِّر حدَّة نظَرِ أحدِنا ليرى القشَّة في عين غيره، بينما يعمى أن يرى الجذع في عينه؟!


أسئلة برسْم الإجابة، مع الاعتراف بأنَّ أكثَرَنا وصَلَ إلى مرحلة الاحتراف في البحث والتنقيب عن أخطاء الآخرين، كما لو كان يبحث عن كنز دفين!


قرَّاءنا الأفاضل، إنَّ سرد كل الأعذار لم يعد يكفينا لنخرج من مآسينا، كما لا يعفينا من المسؤولية فيما وصلنا إليه.


فكلُّ واحد منَّا معنيٌّ بالبحث عما تسبَّب به لإحداث تلك الشكاوى، أينما كان موقعُه، ومهما كان عمله؛ مُسترشدين بقول الله تعالى: " بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ "; [القيامة: 14، 15].


وليكن - على الأقلِّ - أحد احتمالات سبب المشاكل هو: أنا، وأنتَ، وأنتِ، وهم..


إنَّ أمامنا طريقًا طويلًا للتغيير؛ لذلك علينا أن نبدأ بالتفكير بشكل جدِّيٍّ وموضوعيٍّ وعقلاني فيما يَجري حولنا، وأن نُساهم في امتصاص شكاوى الناس بتحويلها إلى مجموعة متطلبات، ونُبادِر في تطبيقها لتجاوز أزمة (الشكوى) التي غرقْنا في لُججها حتى التبَسَ علينا طريق الخروج.


وفيما نجتهد في إصلاح عيوبنا، لا بدَّ من التنبيه إلى عيب كبير يعيق مسيرة وعينا، جسَّده شاعر بقوله:

ولم أرَ في عُيوبِ الناس عيبًا *** كنقْص القادِرينَ على التَّمامِ

ومَن مِنَّا ليس قادرًا - بإذن الله - على التمام؟!





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس