عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-02-06, 21:27 رقم المشاركة : 1
express-1
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية express-1

 

إحصائية العضو








express-1 غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

opinion هكذا رَوَّضَ بنكيران المركزيات النقابية



هكذا رَوَّضَ بنكيران المركزيات النقابية – عبد العزيز بلحسن

okhbir.com

— 6 فبراير, 2016 لا يمكن لأي مراقب أن يحصر عوامل كثيرة متعددة، يطغى فيها الجانب الموضوعي. وسنحاول بسط بعض العوامل الرئيسية والحاسمة فقط والأسباب التي جعلت مركزيات نقابية، كان بعضها في السابق يزلزل الأرض من تحت أقدام الحكومات السابقة، واليوم لا صدى يذكر لبياناتها النارية والشديدة اللهجة ولبرامجها النضالية المسطرة ولا لمسيراتها الموحدة في الدار البيضاء، مركز الطبقة العاملة وفي الرباط العاصمة السياسية، وإضرابها العام في القطاع العام فقط، دون الاقتراب من الإضراب في القطاع الخاص..
مركزيات نقابية أصبحت للأسف الشديد نمورا من ورق، فركب بنكيران رأسه، وتابع طريقه المُملى عليه من المؤسسات المالية الامبريالية، وتمثل ذلك في رفع الدعم عن المحروقات والسكر والارتفاع في جميع السلع والخدمات العمومية..
احتجت المركزيات النقابية المعنية هنا، ووصلت إلى درجة مقاطعة تظاهرة فاتح ماي 2015 في حين اعتلى بنكيران منصة نقابته ليحاضر وويوزع الرسائل في كل الاتجاهات. اتجه للإجهاز على حقوق طلبة كليات الطب والأطباء المقيمين والداخليين وأصدر مرسومين يهمان المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين في العطلة الصيفية، في غفلة من النقابات التعليمية المعنية بهذا الموضوع، والتي لم تحرك ساكنا..
المرسومان يقضيان على حقوق الأساتذة المتدربين، أمام ضعف المركزيات النقابية، التي شاخت قياداتها وتحكم المتقاعدون في مفاصلها، بمساعدة مجموعة من المنتفعين من الريع النقابي: تغيير الإطار والسفريات والتفرغ النقابي والمشاركة في عدة مؤسسات استشارية كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الأعلى للتعليم وفي المجالس الإدارية للتعاضديات وما يتبع ذلك من امتيازات ومصالح.
هذه المركزيات النقابية منذ سنوات ونحن نسمعها تطالب بمصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية 87 للحق النقابي ومطالبتها بإسقاط الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يجرم ممارسة حق الإضراب، أما القانون التنظيمي لممارسة الإضراب، فالدولة عازمة على عدم إخراجه إلى حيز الوجود منذ دستور 1962. وبمجيء حكومة بنكيران انتقل الهجوم على حق الإضراب إلى الاقتطاع من أجور المضربين، وهي سابقة في غياب القانون التنظيمي لممارسة الحق الدستوري في الإضراب..
كل هذه العوامل شجعت بنكيران على الإسراع في تمرير إجراءات قاسية وبسرعة فائقة، لم تجرؤ الحكومات السابقة على الاقتراب منها، بالإضافة إلى ضعف التنقيب في القطاعين العام والخاص.
أمام هذا الوضع المزري، لم تستسلم الفئات المتضررة ولم تبق مكتوفة الأيدي أو سجينة انتظارية المركزيات النقابية القاتلة والتي تهدد وتتوعد، والحكومة ماضية في طريقها المرسوم وهو تفقير الشعب والدوس على حقوقه، فبدأنا نسمع بتشكيل التنسيقيات خارج المركزيات النقابية التي أصابها الخواء النضالي كتنسيقية الأساتذة حاملي شهادات الإجازة والماستر وتنسيقية الطلبة الأطباء والأطباء الداخليين والمقيمين وتنسيقية الأساتذة المتدربين..
كل هذه التنسيقيات أبانت عن نضج كبير وصمود قل نظيره للدفاع عن حقوقها المشروعة، وتميزت بالإستقلالية والديمقراطية الداخلية في اتخاذ القرارات في الجموع العامة، وعلى الرغم من التعتيم والتواطؤ المكشوف لعدة أطراف نقابية وحكومية وإعلامية حققت تنسيقية الطلبة الأطباء جزءا كبيرا من ملفها المطلبي، مما شجع الأساتذة المتدربين على التكتل لإسقاط المرسومين المشئومين.
عندما لم تستطع المركزيات النقابية الدفاع عن حق الإضراب، وأصبح الإضراب مقترنا بالاقتطاع، استطاعت الحكومة أن تمضي قدما في الإجهاز على ما تبقى من حقوق ومكتسبات، وتجسد ذلك في مخططها الجهنمي للإجهاز على حقوق ومكتسبات التقاعد بدعوى إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد في شق المعاشات المدنية، حتى سمي هذا “الإصلاح” بالثالوث المشئوم، الزيادة في الاقتطاع الشهري والزيادة في سن الإحالة على التقاعد، مع عدم استفادة المتقاعد من أجرة آخر شهر.
أمام هذا الوضع، بدأ المناضلون الشرفاء في تشكيل تنسيقيات لإسقاط مخطط بنكيران الذي يجهز على حقوق الموظفين والمتقاعدين.
إن القمع والتضييق وهضم الحقوق وعجز المركزيات النقابية عن مواجهة مخططات الحكومة، أبدعت الفئات المستهدفة أشكالا ووسائل جديدة للتصدي لهذه المخططات، وذلك بالتكتل في تنسيقيات من أجل موضوع واحد محدد في الزمان وفي المكان، بطريقة مبتكرة وباستقلالية عن كل الإطارات النقابية والسياسية، وفي ظل التشرذم النقابي – حوالي 30 نقابة بين مركزية وقطاعية – يمكن لهذه التنسيقيات أن تحدث تراكما نضاليا على مستوى الكم والكيف، سيعمل في المستقبل على توحيد الطبقة العاملة والأجراء في مركزية واحدة مستقلة عن أي هيمنة دولتية – حكومية أو حزبية.
إن السلاح الفعال الذي استخدمه بنكيران بذكاء، يتجلى في تهديده وابتزازه الدائم للقيادات النقابية الشائخة بإخراج القانون التنظيمي للنقابات على غرار قانون الأحزاب، ومن المضامين التي تُخيف القيادات البيروقراطية المتقاعدة نجملها في ثلاثة بنود:
1- دورية المؤتمرات بالنسبة للنقابات القطاعية والمركزيات.
2- الفحص المالي للمركزيات النقابية والتي تتصرف في ملايين الدراهم من المال العام.
3- عدم السماح للمتقاعدين بتسيير النقابات المركزية والقطاعية.
وعند أي حوار بين الحكومة والنقابات، يُخرج بنكيران مشروع القانون التنظيمي للنقابات ويضعه على طاولة الحوار، فيضرب هذه القيادات النقابية في مقتل، فتُلملم ملفاتها وتغادر الاجتماع، ولسان حالها يقول: “بنكيران غير جاد في المفاوضات”..
بنكيران يعرف كيف يكسر ويروض هذه النقابات، ومنحة الدعم التي تسلمتها هذه النقابات مؤخرا وهي بالملايين من الدراهم من طرف رئاسة الحكومة خير دليل على لي ذراع هذه النقابات الأكثر تمثيلية (من التمثيل) في مسرح العبث، والتي لم تعد تحسن التمثيل حتى على منخرطييا، فبالأحرى على الرأي العام والفئات العريضة التي لا تثق أصلا في هذه المركزيات، ناهيك عن المناضلين الذين بنوا هذه النقابات وتم إقصاءهم وإبعادهم بشتى الطرق..
في ظل هذا الخواء النقابي، تبقى التنسيقيات المحلية والإقليمية والجهوية والوطنية هي الحل الوحيد، وقد أبانت عن نجاعتها وحيويتها، وكسبت تعاطفا شعبيا بل وحتى دوليا.







    رد مع اقتباس