عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-12-27, 18:54 رقم المشاركة : 1
روبن هود
بروفســــــــور
إحصائية العضو







روبن هود غير متواجد حالياً


وسام1 السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

افتراضي المقامة التقاعدية


حدثنا معلم، فقال:



كنت في صغري تلميذا مجتهدا وفي شبابي طالبا مجدا، فرأيت أن أصير معلما بعد أن قضيت بداية عمري متعلما. وكنت في ذلك مقتديا بمن علموني، ومتبعا خطى من ربوني ووجهوني. وفكرت كثيرا في هذا الاختيار، ثم تشاورت فما ندم من استشار، واستخرت إذ ما خاب من استخار.



ومضت شهور مديدة، وانصرمت سنين عديدة، فإذا بي بين الأطفال، أعلمهم الأسماء والأفعال، وأطلب منهم الإجابة إن طرحت السؤال. وكان حلمي حياة هنيئة، ولقمة مريئة، وبيت ذو أوتاد، وزوجة وأولاد، فتحقق لي المراد، لكن بعد أن وهن العظم، ولم يبق للحياة طعم. وما كان يسعدني، وعن الكمد يبعدني، هو تفكيري في التقاعد حتى أبالي بنفسي بعد أن هجرتها، وأنشغل بأسرتي بعد أن أهملتها، وكل ذلك في سبيل هذه المهنة، التي تحملت من أجلها المحنة.



وكالذي ديدنه البؤس أينما حل وارتحل، وكالذي يطارده النحس ولو كان قادما من عطارد أو زحل، أتاني نبأ نغص علي سعادتي، وأجهض علي فرحتي، وبدل أملي يأسا وغما، وفرحي حزنا وهما. فقد قرروا أن يمددوا سن التقاعد إلى أزيد من الستين، فكان وقع القرار على فؤادي كوقع السكين. وسألت نفسي ألا نستحق بعد الشدة فرجا وبعد الضيق مخرجا، ثم فكرت فقلت: لعلهم يستخسرون فينا أياما نعيشها في هناء، ويتمنون لو نرحل إلى دار البقاء. وما ذلك إلا ليوفروا نقوذهم وهي مالنا، وتعويضاتهم وهي حقنا، وكأنهم لا يعرفون أنهم قد يرحلون قبلنا. فآجالنا بيد الخالق، ولا يطعمنا إلا الرازق. ثم تأسفت أشد ما يكون الأسف، وتحسرت على هذا الظلم والعسف. أهذه نهاية من قاسى من أجل أبنائكم المحن، وأفنى زهرة عمره من أجل الوطن؟


بقلم: روبن هود





آخر تعديل روبن هود يوم 2015-12-29 في 10:18.
    رد مع اقتباس