عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-12-17, 17:34 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: بحث رائع:العربية وطرق اكتسابها


2- قراءة النصوص الفصيحة وحفظها:

ويكون ذلك بعد أن يشبَّ الطفل عن الطوق ويغدو قادرًا على القراءة، وعلى أن يباشر ذلك بنفسه، عند ذلك لا بدَّ من وضع قائمة من الكتب المشتملة على أفصح النصوص يقرؤها الطالب، ويتذوق ما فيها، ويصطفي ما يحسن حفظه، ويحلو ترداده، ليكون له زادًا يقيم به لسانه، ويُعلي بيانه، ولا بدَّ له في سبيل ذلك أن يتخذ كنَّاشًا أو كراسًا يكتب فيه اختياراته تمهيدًا لحفظها، وما أحسن ما قال في ذلك يحيى بن خالد لولده: اكتبوا أحسن ما تسمعون، واحفظوا أحسن ما تكتبون، وحدثوا بأحسن ما تحفظون، وخذوا من كلِّ شيءٍ طرفًا، فإنه من جهل شيئًا عاداه[7].

ولا ريب أن أول كتاب يتصدَّر هذه القائمة هو القرآن الكريم، فهو مفتاح العربية وبوَّابتها، والأساس المتين لكل راغب في إتقانها، وما أفلح من أفلح من أدباء العربية إلاّ بحفظهم للقرآن الكريم وتلاوتهم لآياته، وتذوقهم لبلاغته، ووقوفهم على روائعه وبدائعه، ورحم الله أستاذنا الأفغاني، إذ يقول:

بين علوم القرآن الكريم وعلوم اللغة العربية ترابط محكم، فمهما تتقن من علوم العربية وأنت خاوي الوفاض من علوم القرآن فعلمك بها ناقص واهي الأساس، وقدمك فيها غير ثابتة، وتصورك للغة غامض يعرضك لمزالق تشرف منها على السقوط كل لحظة، وسبب ذلك واضح لكل من ألَمَّ بتاريخ العربية، فهو يعلم حق العلم أنها جميعًا نشأت حول القرآن وخدمة له[8]. ومن هنا قيل: لولا القرآن ما كانت عربية.

يلي ذلك الحديث النبوي الشريف، وفيه من عيون البلاغة والفصاحة ما لا يوجد في كتاب قط، ولا غرو فصاحبه رسول الله أفصح من نطق بالضاد، وجوامع الكلم التي أثرت عنه منهل ثرٌّ من مناهل الفصاحة والبيان، وفي ذلك يقول يونس بن حبيب: ما جاءنا عن أحد من روائع الكلام ما جاءنا عن رسول الله [9].

ثم نهج البلاغة لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب وكرَّم وجهه فهو مجمع من مجامع الفصاحة، لا تكاد تقرأ كلمة فيه إلاّ وتجد حلاوة فصاحتها وعذوبة بيانها في فمك وسمعك وقلبك.
وفي صاحبه يقول السيد الشريف الرضي :

مشرع الفصاحة وموردها ومنشأ البلاغة ومولدها، ومنه عليه السلام ظهر مكنونها وعنه أُخذت قوانينها وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب، وبكلامه استعان كل واعظ بليغ، ومع ذلك فقد سبق وقصروا وتقدم وتأخروا، لأن كلامه عليه السلام الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي وفيه عبقة من الكلام النبوي[10].

ثم مجمع الأمثال للميداني، والأمثال اختصار للفصاحة، وتمثيل للبلاغة في أجمل صورها، وقديمًا عُرِّفت البلاغة بأنها الإيجاز، وما ثَمَّةَ أوجزُ من مثل.
ثم أساس البلاغة للزمخشري، وهو خير معجم لتعليم الفصاحة، لأنه اشتمل على نماذج من فصيح القول وبليغ العبارات لا يَشْرَكُهُ فيها معجم آخر. وفي ذلك يقول صاحبه:

ومن خصائص هذا الكتاب تخيّر ما وقع في عبارات المبدعين وانطوى تحت استعمالات المُفلقين، أو ما جاز وقوعه فيها، وانطواؤه تحتها، من التراكيب التي تملُح وتحسُن، ولا تنقبض عنها الألسُن، لجريها رَسْلاتٍ على الأسَلات، ومرورها عَذْباتٍ على العَذَبات[11].

ومما يمكن أن أن يستعان به لتنمية هذه الملكة والتمكن من ناصية اللغة كتب المختارات الأدبية والشعرية وهي كثيرة متنوعة، منها القديم ومنها الحديث، أشير فيما يأتي إلى بعض أسمائها عسى أن ينتفع الطالب بما يصل إليه منها:
- الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني.
- العقد الفريد لابن عبد ربه.
- زهر الآداب للحصري القيرواني.
- ربيع الأبرار للزمخشري.
- المستطرف من كل فن مستظرف للأبشيهي.
- مقالات الأدباء ومناظرات النجباء لعلي بن عبد الرحمن الغرناطي.
- من روائع الأدب للشيخ أحمد نصيب المحاميد.
- عيون الأشعار وروائع الأفكار للأستاذ هشام عبد الرزاق الحمصي.
- خير الأدب عند العرب للأستاذ هشام عبد الرزاق الحمصي.
- كيف تغدو فصيحًا عفّ اللسان د.محمد حسان الطيان.

إن كثرة المطالعة في هذه الكتب تعين الطالب بلا ريب على اكتساب ملكة اللغة، أما من أراد التخصص في هذا المجال فلا بد له من الرجوع إلى أركان هذا الفن – فن الأدب – التي ذكرها ابن خلدون في كلمته المشهورة: وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة دواوين، وهي أدب الكاتب لابن قتيبة، وكتاب الكامل للمبرد، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي البغدادي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع عنها[12].
وأنا ضامن لمن قرأ هذه الكتب الأربعة أن يغدو من أرباب الفصاحة والبيان والأدب والبلاغة فضلاً عن اكتسابه اللغة، على أن تكون قراءته لها قراءة تدبُّر وتبصُّر لا قراءة مطالعة واستجلاب للنوم.

ولعل خير من وصف هذه القراءة الأستاذ العلامة والأديب المتذوق محمود محمد شاكر – وهو بلا شك أحد شيوخ الفصاحة فيما أدركناه من زمن – وذلك حيث يقول واصفًا منهجه في القراءة وطريقته في التذوق: ويومئذٍ طويت نفسي على عزيمة حذَّاء ماضية، أن أبدأ وحيدًا منفردًا، رحلة طويلة جدًّا، وبعيدة جدًّا، وشاقَّة جدًّا، ومثيرة جدًّا. بدأت بإعادة قراءة الشعر العربي كله، أو ما وقع تحت يديّ منه يومئذٍ على الأصح، قراءة طويلة الأناة عند كل لفظ ومعنى، كأني أقلبهما بعقلي وأرزوهما "أي: أزنهما مختبرًا" بقلبي، وأجسُّهما جسًّا ببصري وببصيرتي وكأني أريد أن أتحسسهما بيدي، وأستنشي "أي: أشم" ما يفوح منهما بأنفي، وأسَّمَّع دبيب الحياة الخفيّ فيهما بأذني، ثم أتذوقهما تذوُّقًا بعقلي وقلبِي وبصيرتي وأناملي وأنفي وسمعي ولساني، كأني أطلب فيهما خبيئًا قد أخفاه الشاعر الماكر بفنِّه وبراعته، وأتدسَّس إلى دفينٍ قد سقط من الشاعر عفوًا أو سهوًا تحت نظم كلماته ومعانيه دون قصد منه أو تعمُّد أو إرادة[13].

أوردتُ هذا الكلام العالي ليقف طالب الفصاحة على طريقة أهل الفصاحة في تذوق الكلام الفصيح، إنها محاولة للتأسِّي، ومطاولة للتشبُّه، عسى أن نقرأ فننتفع، ونقلِّد فنفلح:

فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلَهُم إنَّ التشبُّهَ بالكِرامِ فَلاحُ

بقي أن أشير إلى أنه يحسن أن يُجمع إلى ما ذكرتُ من كتبٍ بعضُ دواوين الشعر القديمة لفحول الشعراء من أمثال المتنبِي وأبي تمام، فإن في الشعر ما لا يوجد في النثر من عذوبة اللفظ، وحلاوة الإيقاع، وجمال الصورة، وتدفُّق العاطفة، وهي أدعى للحفظ وأرجى للرواية والتمرُّس على الفصاحة[14].

ولعل خير ما أختم به هذه الفقرة كلمة لواحد من أرباب الفصاحة والذوق الأدبي الرفيع في زماننا هذا هو الأستاذ يوسف الصيداوي، يقول فيها:

إن إحسان اللغة إنما يكون في مصاحبة القرآن والحديث، ونهج البلاغة وديوان زهير، وجرير والفرزدق والأخطل، وبشار وأبي العتاهية، وأبي تمام والبحتري والمتنبِي، وفي ملازمة الجاحظ، وأسألك بالله أن تستمسك بكتب الجاحظ فإنها ينبوع لغة وأدب لا ينضب، وفي ملازمة الأغاني فإنه مدرسة لطواعية المفردات في مواضعها من جَزْل التراكيب. فاستظهر الروائع من كل ذلك، واحفظها عن ظهر قلب كما تحفظ اسمك[15].
3- تعلم النحو الوظيفي والبلاغة:
يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس