عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-12-11, 18:47 رقم المشاركة : 5
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: مكانة العقل في الإسلام



كثيراً ما يحاول أعداء الإسلام التسلل من باب "العقل" للطعن بدين الله، وذلك من خلال اتهام الإسلام بأنه دين يعتمد على الغيبيات، ويهمش العقل بشكل كامل ويبعده عن حياة المسلم الدينية والدنيوية، في محاولة منهم لتشبيه الإسلام بالنصرانية المحرفة، وبتعاليم الكنيسة التي كانت تصطدم دائما بالعلم والعقل، حتى قامت ضد تلك الهيمنة ثورة أقصتها عن مشهد الحياة وأودعتها جدران المعبد.

والحقيقة أن العلمانية "اللادينية" هي أكثر من يشن حملات التشويش على دين الله الإسلام من هذا الباب، نظرا لتغلغل العلمانية الغربية في كثير من بلاد المسلمين، وادعائها الاعتماد على العقل والعلم - وهي أبعد ما تكون عن تلك الدعاوى -، في مقابل اتهامها الإسلام باعتماده على الغيبيات.

ومن يدقق في كلام العلمانيين في جميع وسائل الإعلام، يرى التركيز على جانب الغيبيات في دين الله وكأنها كل الإسلام، في مقابل إغفال متعمد لمكانة ومنزلة العقل في دين الله، وتعتيم مقصود للتشريعات التي أحاطها الإسلام بالعقل لحمايته وصيانته من أسباب الفساد، سواء من حيث صلاحية وجوده أو حفظه من أسباب الزوال والانعدام.

والحقيقة أن محاولة العلمانية - وغيرها - الطعن في الإسلام من باب اللمز بمكانة العقل ومنزلته في خاتم الأديان، تحمل في ذاتها الرد على مزاعمهم الباطلة وادعاءاتهم الفاسدة، فمن درس الإسلام وعرف جوهره وحقيقته، علم مكانة ومنزلة العقل فيه، وتيقن أنه الدين الذي أعطى العقل حقه، وأنزله منزلته دون إفراط أو تفريط.



منزلة العقل في الإسلام:


لقد اهتم الإسلام بالعقل اهتماما كبيرا، وأعلى من منزلته وقيمته، ويكفي ما ورد في كتاب الله تعالى من الآيات الكريمة التي تؤكد هذه الأهمية وتلك المكانة، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} الإسراء/70، ومن المعلوم أن من أبرز ما فضل الله به الإنسان على سائر مخلوقاته العقل.

ومن يدقق في آيات القرآن الكريم يلاحظ أن إعمال العقل بالنظر والتفكر والتدبر والتأمل جاء دائما بصيغة المدح والثناء، ناهيك عن الحض والطلب، قال تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ...} يونس/101، وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى...} الروم/8...

ويكفي الإشارة إلى أهمية "العقل" في كتاب الله أنها تكررت ومشتقاتها حوالي سبعين مرة، ناهيك عن الآيات التي تتصل بالعمليات العقلية كالتفكر والتأمل والنظر بتمعن في آيات الله في الأنفس والآفاق، والتي لا يمكن حصرها من كثرتها في كتاب الله.

يقول الأستاذ عباس محمود العقاد في منزلة العقل ومكانته في كتاب الله: "والقرآن الكريم لا يذكر العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه، ولا تأتي الإشارة إليه عارضة ولا مقتضبة في سياق الآية، بل هي تأتي في كل موضع من مواضعها مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة، وتتكرر في كل معرض من معارض الأمر والنهي التي يحث فيها المؤمن على تحكيم عقله، أو يلام فيها المنكر على إهمال عقله وقبول الحجر عليه"(1).

بل يكفي الإسلام تكريما للعقل وإعلاء من شأنه أن جعله مناط التكليف، فلا يتوجه الخطاب الشرعي إلا للعقلاء من البشر، بينما يسقط التكليف وترتفع المسؤولية عن فاقدي هذه النعمة الإلهية والجوهرة الثمينة، ففي الحديث عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق)(2).



تشريعات الإسلام في حفظ العقل:


إن أول ما يشير إلى مكانة العقل في الإسلام هو اعتبار حفظه من الضروريات والمقاصد العامة الأساسية في دين الله تعالى، فمن المعلوم أن الضروريات الخمس الكبرى في الإسلام هي: حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وهي بمثابة المقاصد العليا لهذا الدين الحنيف، والكليات العظمى التي لا بد من المحافظة عليها لاستمرار الحياة.

ويظهر اهتمام الإسلام بحفظ العقل من خلال أمرين اثنين هما:


أولا: تشريعات تحفظ العقل من التعطيل والجمود والانحراف:


وهي في الحقيقة تشريعات تحفظ العقل من حيث وجوده، وذلك من خلال ذم تعطيل العقل وعدم إعماله فيما خلق له، والحض على النظر والتدبر في ملكوت الله وخلقه البديع، واستخراج ما في الكون من كنوز ومنافع لا يمكن استخراجها إلا من خلال إعمال العقل وعدم إهماله، قال تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} الغاشية/17-20،


وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} الأعراف/185..... وغيرها من الآيات كثير.

كما حث القرآن الكريم على تحرير العقل من مفسدة التقليد الأعمى لما كان عليه الآباء والأجداد من عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان، وقد ذم الله تعالى تقليد المشركين والكفار لآبائهم وأجدادهم، والركون إلى ما كانوا عليه من انحراف في العقيدة، وعدم إعمال عقولهم في الاستدلال على فساد ما كان عليه آباؤهم... قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} البقرة/170.

وإذا كان الإسلام قد حفظ العقل من خلال تحريره من مفاسد التقليد الأعمى، فإنه كذلك قد حفظه من خطر الانحراف والخروج عن نطاق ما خلق له، وذلك بوضع المنهج الصحيح للعقل للعمل والتفكير، ورفع العوائق والموانع التي تعطله عن وظيفته الصحيحة من أمامه، كاتباع الظن والأوهام والخرافة، والتحذير من اتباع الهوى عند إعمال العقل، ومن هنا ذكر العز بن عبد السلام في قوله تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} البقرة/ 269، قال: هم من خلصت عقولهم من شوائب الهوى.

ومن يدقق في الفرق بين إعمال العقل في الإسلام وإعماله في المفهوم الغربي، يجد أن الهوى والغرور هما سمة إعمال العقل العلماني الغربي، بينما يجد الموضوعية والتوازن سمة إعمال العقل في الشريعة الإسلامية، حيث لم يقحم الإسلام العقل فيما لا شأن له به أو علاقة - كالغيبيات وما شابه ذلك - كما لم يقدسه أو يغتر به كما فعل ويفعل الغرب حتى يومنا هذا، رغم أن العلم الحديث يثبت يوما بعد يوم محدودية العقل التي أكدها الإسلام منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام.

ثانيا: تحريم ما يفسد العقل حسياً ومعنوياً:

يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس