2015-11-19, 19:05
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | في العاصفة.... مناجاة من تأليف ميخائيل نعيمة |
في العاصفة
مناجاة من تأليف ميخائيل نعيمة
وإذ ذاك يهتف بي هاتف. فأذكر نيسان وما أهدى إليَّ، وتموز وما أهدى إليَّ، وأيلول وما أهدى إليَّ. فأجمع ما تبقَّى لي من قوَّة وأزحف في ظلمتي إلى حيث الكأس والقلب والعينان، وفي داخلي يأس صارخ: "أهذا كلُّ جناي من ربيعي وصيفي وخريفي، يا ألله؟!"
وأُقبِلُ على الكأس فأجرعها ولا أبقي فيها ثمالة. وتجري قطراتُها جَرْيَ السحر في بدني، فأحسها في عروقي دمًا سخينًا وقويًّا.
وأظفر بالقلب النابض فألتهمه بشراهة. وللحال أشعر بنشاط ما شعرت قبلُ بمثله قط، فأراني قديرًا على امتطاء صهوات العواصف.
وأقع على العينين المطبقتين فأشعلهما بالثقاب الباقي لديَّ. وفي لمحة تشرق عيناي بنور لا عهد لهما بنظيره، فينحسر سقفُ بيتي من فوق رأسي، وتتقلَّص جدرانُه، ثم تذوب في فضاء طافح بالنور، عابق بالأريج.
وإذا بالبساط الأبيض سهلٌ فسيح، فسيح. وإذا ببحور الدم مروجٌ تموج، وتموج بالأخضر وبالأصفر وبالأحمر وبكلِّ ألوان الأرض والسماء. وإذا بمخلوقاتك المشتبكة منذ لحظة في عراك الموت والحياة تتعانق عناق الأخوَّة الأبدية في أحضان أبوَّتك السرمديَّة، وبينها هرَّتي البيضاء، تحيط بها جماعةٌ آمنة من الفئران والجرذان.
وإذا بك، يا ألله، في وسط الكلِّ، ومن حول الكلِّ، ومن فوق الكل، تغمرهم ببسمة من بسماتك، وتُحْييهم بنسمة من نسماتك، وتهمس في كلِّ أذن من آذانهم:
"مَنْ لم يرتوِ بدموعه لن يرتوي إلى الأبد"
"مَنْ لم يتغذَّ بقلبه لن يشبع إلى الأبد"
"ومَنْ لم يُحرِقْ عينيه لن يبصر إلى الأبد"
والذين ما سمعوا وما فقهوا اليوم سيسمعون – لا شكَّ – في الغد ويفقهون.
فما أجملك
وما أعدلك
وما أكملك
يا ألله! | التوقيع | الوفاء أن تراعي وداد لحظة ولا تنس جميل من أفادك لفظة" | |
| |