عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-05-23, 05:16 رقم المشاركة : 3
بالتوفيق
مشرف منتدى التعليم الثانوي التأهيلي
 
الصورة الرمزية بالتوفيق

 

إحصائية العضو







بالتوفيق غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الثانية  في مسابقة القرآن الكريم

المرتبة الأولى في مسابقة صور وألغاز

وسام المرتبة الأولى للمسابقة الرمضانية الكبرى 2015

بالتوفيق

افتراضي رد: غلبة الحفظ والدفتر


تتمة



من وجوه التدهور


من حيث القاعدة العامة، الثقافة كالاقتصاد لا تنتعش سوقها وعروضها إلا بقوة الطلب وتطوره؛ أما إذا أصيب هذا السوق بالبوار والكساد، فإن الثقافة تَضمُر وظائفها، وعلى رأسها وظيفة أجرأة فعلها كرافعة بالمواصفات المذكورة أعلاه. وهذا الوضع حين يصبح واقعا، فمن خلال مؤشرات ملموسة قابلة للمعاينة والتحقيق في إطار التيار الصلب أو الأغلب، نذكر منها:




ظواهر سلبية أخرى



والسؤال الذي يتوجب الآن طرحه ومقاربة الأجوبة الممكنة عنه، نظرا لمحوريته وبروزه كمحك اختباري توضع عليه مثالية الثقافة ووظائفها، هو: إذا كانت هذه الثقافة من إحدى رافعات التنمية، فأين وكيف هم الرافعون؟
إن مضاعفات سوء الوضع التعليمي والتحصيلي، المرتدة سلبا على الثقافة عموما، كثيرةٌ متنوعة، يمكن رصد بعضها لماما كالتالي:


- تضاؤل الأنشطة الثقافية وأعداد المقبلين عليها، حتى في الحواضر الكبرى، وذلك باعتراف الفاعلين الجمعويين الذين يعترفون أنه لولا دعوم الدولة والسلطات المحلية لحلوا جمعياتهم وأوقفوا أنشطتهم. ويشهد على واقع هذا التضاؤل تناقص فضاءات ثقافية من مكتبات وقاعات سينما ومسرح وتحولـها إلى مقاهي ومحلات تجارية. هذا علاوة على تقلص حيز الثقافة في الإعلام الورقي والسمعي البصري، وذلك لحساب الرياضة والسياسة وشتى منوعات الإثارة والترفيه.


- بروز ظاهرة الريعيين الثقافيين (وأغلبهم فاشلون ثقافيا)، يمشون في ركاب الثقافة ويرترقون منها، تراهم لا يرضون عن السلطة الوصية على قطاعها حتى تدفع لهم من الدعوم ما يبغون؛ أما إذا توخى حامل الحقيبة ترشيد النفقات وإنجاز ما لا بد منه في شق الإصلاح، بعد مشاورة خبراء ونصحاء ثقات، فإن أصحاب المواقع والمصالح ومحترفي الريع والإبتزاز سرعان ما ينتفضون، فيجهزون عليه بالأكاذيب المغرضة وبمساءات القذف البالغة العنف والشناعة، شاهرين ثم مطبقين خيار المقاطعات والوقفات، بل يذهب بعضهم إلى مطالبة الدوائر العليا بمخاطب جديد. وقد ذهب الشاعر الفرنكوفوني العرائضي اللعبي إلى حث السلطات على إقالة كاتب هذه السطور، جريا على هذياناته المعتادة، وباحثا عن تصفية حسابات ذاتية خسيسة، مردها سخطه على موقفي النقدي من الفرنكوفونية كنظام هيمنيّ وتتبيعي.


- ظهور صنف من المثقفين الشبكيين، وهم من مسخري الوسائطيات والعلاقات العامة وحتى وسائل السياسة الخفية والعنف الرمزي، وكلها تفضي بأغلبهم إلى أسواق مقايضة المبادئ والقيم بأنشطة التربّح والبهرجة، فيكثر في دوائرهم الإمعيون والإنتهازيون، متعبدو اللغة الخشبية ومسالك الانضباط السياسي (political correctness). ويتوفرون على دفاتر عناوين مفيدة وشبكة علاقات مصلحية ناجعة، كما يبرعون في تقنيات الدفع والترويج الذاتين، وتبادل الخدمات لقاء قضاء المآرب والحاجات. ونحن، مبدئيا لا ننكر عليهم كل هذا، وإن كان يحسن التأففُ فيه والتعفف، لكن أن يغالوا في التعويل عليه مع ضعف البضاعة والموهبة، فهذا ما نراه حالئذ سلوكا عائبا وممارسة ممجوجة.


ولو كان الحيز يسمح لاسترسلت في عرض وجوه أخرى للتدهور الثقافي (كاعتزال أهم مثقفينا المطبق واستماتتهم فيه) تتمثل في اختلالات وخروقات من صنف ما لا يحل ولا يصح السكوت والإمساك عن مباشرته ومحاولة علاجه. خروقات واختلالات ما كان لي أن أعاينها وأخبرها لو لم أقض فترة، كانت وجيزة، على رأس قطاع الثقافة المصاب أكثر من غيره بالعوز المالي وبآفات الأذرع المشلولة والموظفين الأشباح، هذا علاوة على أرهاط الريعيين المشار إليهم أعلاه.



ختاما،

أمام الشأن الثقافي وسواه من الشؤون الحساسة الخطرة، يظل الفساد الثقافي واللغوي عند شرائح عريضة من مثقفينا غير منظور ولا مفكر فيه بما يلزم من اليقظة والجدية. ولسنا ندري حتّام يسترسل سباتهم المديد، وما السبيل إلى تحريك سواكنهم وضمائرهم، كيما يكفوا عن صراعاتهم الصغيرة ويلتزموا بإعادة ترسيخ ثقافة القيم والأساسيات وشيوعها.





التوقيع

    رد مع اقتباس