يتحركون مثل الجراد فيأتون على الأخضر واليابس. ينشطون في الجنائز، ويستغلون انشغال أهالي الموتى بمصائبهم لقضاء مآربهم. منهم من تحركهم فقط شهوة البطن بغرض أكل ما لذ وطاب في غمرة انشغال أهل الميت بمصابهم، ومنهم من يتمكن من الدخول إلى دار العزاء وسرقة الأشياء الثمينة، فيما يسعى آخرون للحصول على أدوات غسل الموتى بغرض الشعوذة. عادة ما يتحدث الناس بكثرة عن لصوص يعترضون سبيل المارين بأماكن معزولة ويسلبونهم ما بحوزتهم، أو عن سارقين محترفين يتسلقون الأسوار لولوج مساكن وفيلات فارغة للسطو على ما بداخلها من أشياء ثمينة.. لكن ثمة نوعا آخر من اللصوص لا يثيرون الالتفات ويركزون نشاطهم في الأماكن الآهلة بالناس، ومنهم من يستثمر فقط في أجواء الحزن ويجعل من الجنائز فرصا للانقضاض على ما خف وزنه وزاد ثمنه. أحد هؤلاء اللصوص، الذين يطلق عليهم «طيور الموت»، تسلل بين المعزين في وفاة أحد سكان مدينة القنيطرة في بداية العام الجاري. ومع أجواء الحزن وفي غمرة التأهب لتشييع الجنازة، كانت الأصابع تتنقل بخفة بين الجيوب، لتسحب ما بها. وبعد إنهاء مراسيم التشييع، بدأ عدد من المعزين يتهامسون هنا وهناك، بعدما تفقدوا جيوبهم وفوجئوا باختفاء الأوراق المالية التي كانت بحوزتهم. مثل هذه الحادثة أصبحت تتكرر في كثير من الجنائز، بل إن الأمر يمتد أحيانا إلى التسلل داخل بيوت المفجوعين في أحد أقربائهم للسطو على كل شيء ذي قيمة، بما في ذلك أدوات غسل الميت وتكفينه، التي يدفع محترفو الشعوذة بسخاء لمن يأتيهم بها.