نظرة الإسلام للعب الأطفال-
اللعب فعل يرتبط بعمل لا يجدي أو بالميل إلى السخرية بل هو نشاط ضد الجد . جاء في القرآن الكريم بقوله تعالى :" الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا " ( الأنعام آية 70) وفي موضع آخر:" فذرهم يخوضوا ويلعبوا " ( الزخرف آية 83 ) . وجاء اللعب بمعنى الاستمتاع والتسلية على لسان إخوة يوسف لأبيهم ، قال تعالى :" أرسله معنا يرتع ويلعب " ( يوسف آية 12 ) ولهذا فإن اللعب في المجتمعات العربية اختلط فهمه عند العامة إلى درجة التباين ، فعندما ننظر إليه في إطار النشاط الذي يقابل النشاط الديني لغاية التفاضل فإنه يشكل نشاطاً عبثياً ، وأما إذا فُهم بأنه نشاط للصغار والكبار في إطار تقسيمي لا يفضل النشاط الديني فإنه يقبل مع التحفظ . ( الحيلة ، 2005م)
والأصل في اللعب أنه مرغوب ومطلوب للطفل من وجهة نظر الإسلام وذلك لما يضفيه من سعادة على الطفل ويكسبه من خبرات ، فإخوة يوسف عليه السلام حين طلبوا من أبيهم السماح بأخذه معهم عللوا ذلك بأنه سوف يرتع ويلعب وأنهم سوف يحافظون عليه ولو لم يكن ذلك مقبولاً بل حقاً من حقوق الطفل لما سمح أبوهم لهم بمصاحبة يوسف وأخذهم له (حنورة ، عباس 1996م).
وروى البزار عن سعد بن أبي وقاص قال: دخلت على رسول الله r والحسن والحسين يلعبان على بطنه ، فقلت يا رسول الله أتحبهما ؟ فقال
وما لي لا أحبهما ؟ وهما ريحانتاي ) . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : وجاءت السودان يلعبون بين يدي رسول الله r في يوم عيد ، فدعاني رسول الله r فكنت أطلعُ عليهم فوق عاتقه ، حتى كنت أنا التي انصرفت . رواه نسائي ( سويد ، 2004م).
وكان الرسول r يداعب حفيدته إمامة بنت العاص رضي الله عنها حيث كان عليه الصلاة والسلام يضعها على عاتقه فيصلي ، فإذا ركع وضع ، وإذا رفع رفعها . أخرجه البخاري عن أبي قتادة : عن حياة الصحابة ( البخاري ، 1981م).
وتطرق العلماء العرب الأولون المهتمون بالتربية كالغزالي إلى موضوع معرفة الطبيعة البشرية عند الولد . فنرى الغزالي في كتابه " إحياء علوم الدين " يهتم بموضوع اللعب الذي يحث عليه الطفل لأن له ثلاث وظائف أساسية : ترويض جسم الولد ، إدخال السرور إلى قلبه ، وإراحته من تعب الدروس في الكتّاب . وكل هذه الأفكار ينادي بها علم النفس العام والتربوي بشكل خاص . ( عكيلة ، هوانة ، طه ،1983م)
واستهدفت دراسة ( الجرواني والمشرفي ، 2007م) التعرف على الواقع الفعلي للعب الأطفال في المستشفيات بمحافظة الإسكندرية بحثاً عن العوامل المعوقة أو المساهمة في أساليب وطرق استخدامه ، واتجاهها نحو معالجة أوجه القصور وما قد تستدعيه ذلك من وضع تصور مقترح لرؤية مستقبلية للدعائم الأساسية التي يمكن أن يرتكز عليها تطبيق برامج للعب الأطفال بالمستشفيات في مصر ، وقد اشتملت عينة البحث على 68 طبيب أطفال يعملون في 12 مستشفى واستخدمت الإستبانة أداة في هذه الدراسة ، وبينت النتائج عدم تحقيق جميع المحاور الثلاثة للإستبانة ( برامج لعب أطفال المستشفيات ،البيئة الفيزيقية للعب أطفال المستشفيات ،أخصائي لعب المستشفيات ) ما عدا المفردة الثانية من المحور الثاني والخاص " بوجود مكان مخصص لممارسة اللعب لأطفال المستشفى خارج مبنى المستشفى " وذلك في المستشفى الجامعي فقط كما أوضح البحث أهمية استخدام أسلوب لعب المستشفيات ووضع تصور مقترح لتفعيل استخدام أسلوب لعب المستشفيات.
كما هدفت دراسة محمد الكرش عام 1986م إلى معرفة مدى فاعلية استخدام نموذج اللعب في تعلم المهارات الأساسية في الجمع والطرح لمجموعة من التلاميذ المتخلفين عقلياً وتوصلت الدراسة إلى وجود فروق دالة إحصائياً لصالح المجموعة التجريبية والذين درسوا باستخدام نموذج اللعب وذلك في تعلم المهارات الأساسية في الجمع والطرح ، وأوصت الدراسة بأن التدريس للمتخلفين عقلياً يفضل أن يكون من خلال نماذج مختلفة من اللعب تتلاءم مع طبيعة كل وحدة والإكثار من الخبرة المحسوسة أكثر من الخبرة النظرية ( عبدالرحمن ، 2001م).
أما فيما يتعلق بحالات العجز الجسمي فيمكن الاستفادة من برامج التدخلات المتعددة باللعب، ويجب على المعالج أن يمتلك البراعة في الاختيار للألعاب والأجهزة وطرق تجهيز وإعداد الأجهزة ويرتب ويتعامل مع بعض التفاصيل الإضافية التي تتعلق بهذه الفئة والمسألة تعتمد أساساً على احتياجات تلك الفئة . ويمكن أيضاً أن تستفيد الأسرة من الإرشاد النفسي ولكن بعد أن يقدم لها قدر غير عادي من المساعدة والمعلومات. فمنهج التدخلات المتعددة الجوانب Interdisciplinary يمكن أن يكون له قيمة في التعامل مع المشكلات المتعددة التي يأتي بها المعوقون ،فالعلاج باللعب يتم تعديله ليناسب احتياجات كل الأطفال المعوقين ويجب أيضاً الاستفادة من طاقاتهم وتنميتها كوسيلة لمساعدتهم على مواجهة المشكلات التي تحدث بسبب إعاقتهم وبسبب صعوبة اعتمادهم على أنفسهم والأطفال المعوقون يستفيدون من العلاج باللعب، لأن هذا النشاط يتضمن الايجابية في تقبل العلاقة بين المعالج والعميل ويسمح للعميل بالاستقلالية ويؤكد على انعكاس المشاعر. لكل هذه العوامل يكون العلاج باللعب مناسباً للاستخدام مع حالات المعوقين وهو أكثر الوسائل فعالية واستخداماً ( عبدالباقي ، 2001م).