عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-11-13, 22:48 رقم المشاركة : 2
express-1
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية express-1

 

إحصائية العضو








express-1 غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

افتراضي رد: ياك كلناها ليكم (2/2)


CHOUF TCHOUF de RACHID NINI

هاما كلنا ليكم (2/1)

يوثر أحد المطلعين الجيدين على الشأن السياسي بالمغرب تشبيه ما يقع في الحقل السياسي المغربي بما يقع في الحمام البلدي، فأن تكون زعيما نقابيا أو حزبيا بالمغرب، هو أن تكون كالذي يدخل إلى «السخون» ويتكسل ويحيط نفسه بـ«السطولا»، ومن الطبيعي أن يضع في كل «سطل» ما يحتاجه من مياه، فيها الدافئ الفاتر، والبارد والساخن الحار، بحسب ما تشتهيه نفسه أو بحسب ما تفرضه حالة «الوسخ» في جسده. لذلك من الطبيعي أن يتخلى عن «سطل» من هذه «السطولا» عندما لا تبقى الحاجة إليه قائمة.
هذه الصورة اللاذعة لا مبالغة فيها في تصوير حقيقة مشهدنا الحزبي والنقابي، وخاصة مشهد العلاقات التنظيمية داخل كل نقابة وحزب، حيث الولاء المطلق والأعمى للزعيم هو المعيار الوحيد والأوحد لشبكة العلاقات فيه.
وبالعودة لصورة الحمام البلدي، فإن «السطولا» التي يتم الاعتماد عليها في الحمامات التقليدية هي من نوع «الدلو»، أي «السطولا» التي يمكن وضعها «بلا تقرقيب»، فبهذا يضمن الزعيم أن يمدد رجليه كما يشاء وفي أي اتجاه شاء، وأن ينهي «تحميمته» في أي وقت شاء، أو إلى أن يتذكره ملك الموت، فيحوله «السطولا» المحيطون به، إلى قائد وملهم، يضعون صوره في المقرات ويحملونها في المظاهرات. ببساطة لأنه وحده الزعيم، وهم يرضون بأن يبقوا أبد الدهر مجرد «سطولا الحمام» لا «يقرقبونها تقرقيبا».
هذه الصورة تختصر العلاقات التنظيمية وكذا كل الصراعات حول الزعامات، كما تختصر الطريقة التي يتم بها تدبير الملفات التي يتورط فيها «سطل» من «السطولا»، إذ أن الزعيم «المجبد رجليه» هو في حاجة لكل سطل منهم، فشعوره بالقيادة وبالمِلكية لحيز داخل غرفة «السخون» في الحمام متوقفة على بقاء كل «السطولا» المحيطين به رهن إشارته، لكن عندما يحتاج أحدهم سيفرغه ويلقي به.
ولنأخذ مثال ملف تعاضدية وزارة التربية الوطنية كنموذج لنظرية «السطولا» هذه، فكما سبقت لنا الإشارة قبل أشهر، فإن كل حديث عن هذه التعاضدية هو حديث بالضرورة عن نقابة موخاريق، وهذه حقيقة ترسخت لعقود منذ الراحل بن الصديق، لذلك فعندما خلفه موخاريق في منصب الأمانة العامة للنقابة، فإنه في الحقيقة ورث قطاعات تحتكرها النقابة بشكل مطلق، ومن ضمنها هذه التعاضدية، وكل نقابة حاولت طوال العقود الماضية منافسته في ملكيته لهذه القطاعات يكون مصيرها هو «التشرميل»، بكل ما تحمل الكلمة من عنف، لكون كلا الزعيمين يعتبر كل نقاش حول التعاضدية هو شأن داخلي محض، حيث يتم تعيين رئيس التعاضدية والمجلس الإداري وفقا لمبدأ وحيد وهو الإخلاص للزعيم أولا وللنقابة ثانيا، أما باقي الشروط مثل النزاهة والجدارة فهي مجرد تفاصيل، ببساطة لأن كل رئيس وكل عضو لا يمكنه أن يقدم على فعل أو قول إلا إذا أذن له الزعيم بذلك.
لذلك، ففي الوقت الذي كان فيه موخاريق في مكتبه يرد على اتصالات بعض المنابر الإعلامية التي تطلب تعليقه على نتائج الإضراب العام، جاءته اتصالات من نوع آخر من بعض «رفاق الدرب» القدامى، يطلبون منه نجدة رفيق دربه، وعضده في خلافة بن الصديق محمد غيور، لكون الشرطة القضائية قد ألقت عليه القبض من منزله، وانتزعته من فراش مرضه، والتهمة في ما جاء في تقرير لمفتشية وزارة المالية يعود لسنة 2002، وليس 2009 كما ورد في بعض التقارير الإعلامية، والذي يرصد اختلالات ترقى إلى مستوى الفساد شهدتها تعاضدية وزارة التربية الوطنية في العقود الثلاثة التي قضاها غيور على رأس هذه التعاضدية.
لذلك قام الزعيم موخاريق بالواجب، وأجرى اتصالات لمحاولة إطلاق سراح الرفيق المريض إلى جانب ثلاثة كهول آخرين بكفالة، فعادوا ليناموا في أفرشتهم بدل أن يفترشوا الأرض في سجن عكاشة، واعتقد هؤلاء، ومعهم الزعيم، أن الأمر يتعلق بسحابة صيف عابرة وقد اجتازوها بسلام، لاسيما وأن للنقابة تجربة في فن المقايضة مع الحكومات المتعاقبة.
ليعود موخاريق مرة أخرى إلى تصريحاته حول الإضراب العام، منتشيا بما يعتقد أنه نجاح باهر، ونظرا لكون الدعوة للإضراب كانت جماعية، ولم تكن حكرا على نقابته لوحدها، فقد سعى موخاريق إلى تمييز نقابته عن حشد النقابات المضربة، عندما أكد في تصريح له، أن نقابته وطنية جدا، بدليل أنها تجنبت قتل المغرب نهائيا، بدليل أنها أمرت بعدم إضراب نقابييها في «لاسامير»، وهي القلب الطاقي للمغرب، وهذا دليل حسب موخاريق على وطنية نقابته، ولم يفته بعد ذلك أن يهدد بإضراب عام وطني ليومين متتابعين.
ولم يكد الرفيق ينهي انتشاءه بهذا التحليق الخطابي الحر، حتى جاءه الرد سريعا، وذلك بعد يومين فقط عن إطلاق سراح رفاقه السابقين، إذ تمت إعادة القبض عليهم، دون وجود فرصة للسراح المؤقت، وتم إيداعهم سجن عكاشة، ليبيت الرفاق أولى لياليهم في عنابر السجون بعد أن كانوا يستمتعون بخدمات غرف وأجنحة فنادق خمس نجوم طيلة العقود التي قضوها يفعلون ما يشاؤون في تعاضدية تشرف على صحة ثلث موظفي الدولة، أي رجال التعليم.
أما تفاصيل الملف فتعود لسنة 2012، أي بعد مرور 13 سنة كاملة على صدور تقرير وزارة المالية، عندما تم الاستدعاء الأول لهذا المسؤول النقابي ليجيب عن أسئلة الشرطة القضائية، وحينها ما يزال رئيسا للتعاضدية، وعندما تأكد موخاريق من حتمية سقوط صاحبه، أمام قوة الحجج الموجهة ضده، تمت إقالته في يوليوز 2013 في اجتماع للمجلس الإداري عقد بمراكش، من مسؤولية رئاسة التعاضدية لصالح «مخلص» آخر هو معصيد، واختفى عن الأنظار لعل الناس «تنسى شوية». لكن وبعد مرور ما يناهز سنتين على ذلك، تم استدعاؤه من جديد، وهذه المرة تم إيداعه سجن عكاشة.
أما تفاصيل التهم التي يوجهها تقرير مفتشية المالية لغيور وللتعاضدية عموما، فهي أن محمد غيور شغّل أخاه، الذي لا علاقة له بالتعاضدية، في منصب «مكلف بالتواصل»، مقابل مبلغ مالي قدره ثلاثة ملايين سنتيم وألفين وخمسمائة درهم، وكذا تشغيل ابنه بأجرة سمينة، مع أنه لا يحضر إلى مقر العمل، وتشغيل ابن أخيه في مكتب التعاضدية في القنيطرة.
كما سجل تقرير المفتشية العامة للمالية، أن عمليات التوظيف داخل التعاضدية تخضع لمنطق «الزبونية والمحسوبية»، حيث تم توظيف ابنة رئيس فرع التعاضدية في سطات، وابنة رئيس فرع التعاضدية العامة للتربية الوطنية في أسفي، وابنة المحرر في التعاضدية، وابني محرر في التعاضدية، وابنة المحرر في التعاضدية، وابن رئيس فرع تطوان، وابنة رئيس مصلحة المشتريات، وابن رئيس فرع التعاضدية في أكادير، وابنة رئيس فرع التعاضدية في بني ملال، وابنة رئيس فرع التعاضدية في مكناس، وابن أخ محمد غيور، وابن محمد غيور، وابنة رئيس فرع التعاضدية في فاس، وزيد وزيد...
وقد أكد تقرير المفتشية العامة للمالية، أن هؤلاء استفادوا من مناصب عمل في إطار يخلو من الشفافية .
كما أشار التقرير أيضا إلى لجوء التعاضدية إلى القيام بتحويلات مالية لأشخاص لم يؤدوا أي خدمة للتعاضدية، ودون وجود أي سند قانوني لذلك، وكذا إصلاح معدات إلكترونية بأكثر من 34 ألف درهم، مع أن صفقة شراء تلك المعدات كانت تنطوي على مدة ضمان، وإصلاح معدات أخرى دون أي وثيقة تثبت ذلك، وصرف مبلغ لأحد المهندسين دون وجود عقد معه.
التهم الموجهة لمحمد غيور، الرئيس السابق للتعاضدية والمتواجد الآن في سجن عكاشة، بناء على ما ورد في تقرير المفتشية العامة للمالية، هي الاستفادة من تعويض غير قانوني يصل إلى 4 ملايين سنتيم في الشهر، منذ سنة 1987 إلى تاريخ إعفائه سنة 2013، رغم أن الظهير الصادر في 1963 المنظم للتعاضد وكذا القانون المنظم للتعاضدية، يؤكد أن «العمل داخل التعاضديات تطوعي».
كما يتهم غيور باختلالات تهم أزيد من مليارين وثلاثمائة وأربعين مليون سنتيم من مالية التعاضدية العامة للتربية الوطنية، وفي الخدمات الاجتماعية، وعلى رأسها الخدمات الصحية. سجل تقرير المفتشية العامة للمالية احتيال التعاضدية على المستفيدين من الخدمات الطبية، حيث يجبَر المرضى على أداء مبلغ 70 درهما، مع أن النظام الأساسي للتعاضدية لا يُلزم المنخرطين بأي مساهمة للاستفادة من العلاج، وسجل التقرير أن التعاضدية استطاعت أن تحصل من ذلك أزيد من 300 مليون سنتيم.
وفي مجال الصفقات العمومية، اتهم تقرير المفتشية العامة للمالية محمد غيور بتفويت أغلب الصفقات التي تبرمها التعاضدية العامة للتربية الوطنية لـ«شركة واحدة للتوزيع» التي هي في ملك ابنه، دونما احترام لمدونة الصفقات العمومية. كما يتهم التقرير التعاضدية العامة للتربية الوطنية باتباع طريقة «Les marchés sur devis» لعقد الصفقات، وهي طريقة تمس بمبدأ المنافسة، لأنها تمر من دون أن يقدم المرشحون ملفاتهم التقنية للتنافس، إذ يتم اعتماد الطلب دون النظر إلى دفتر التحملات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا يحاول موخاريق دفع الرأي العام إلى الاعتقاد أن الفساد ذهب مع غيور؟
ذلك ما سنحاول الإجابة عنه في عمود الغد بحول الله.







    رد مع اقتباس