عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-07-30, 13:20 رقم المشاركة : 1
ابو ندى
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابو ندى غير متواجد حالياً


a3 إخفاق تنموي جديد يحققه المغرب


لعل التصنيف الذي أفرزه تقرير الأمم المتحدة بخصوص التنمية البشرية لسنة 2014، الصادر باليابان يوم الخميس المنصرم، والذي جاء فيه ترتيب المغرب في المركز 129 ضمن 187 دولة، "لعله" كشف عن حقيقة مرة تثبت مدى ضعف كل البرامج الحكومية الخاصة بمحاربة الفقر والبطالة والتهميش والعوز الاجتماعي والأمية. كما أنه يوضح حجم معاناة الشعب المغربي ذلك أن نسبة كبيرة من المغاربة يشكون من ضعف الدخل الفردي ويعيشون تحت عتبة الفقر، مما أفرز لنا نمطا اجتماعيا مختلا تجسد في استفحال مظاهر التفكك الأسري والانحلال الأخلاقي والخواء الروحي، والانحراف بجميع أصنافه.

وجاء في ذات التقرير تصدّر دولة قطر الترتيب العربي باحتلالها المركز 31 عالميا، وتلتها في المرتبة الثانية العربية السعودية، في الوقت الذي لم يستطع المغرب تجاوز عتبة الرتبة 129 عالميا متقدما برتبة واحدة عن السنة الماضية التي احتل فيها المركز 130. وتقدمت عليه إقليميا كل من الجزائر التي جاءت في المركز 93 وتونس في المركز 90، بينما تقدم المغرب على دولتي السودان واليمن.

من هنا يمكن أن نجزم بأن المغرب يتخبط في عدة مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية، وتتعدد هذه المشاكل بتعدد الأسباب والمسببات، إذ أضحت تشكل بركانا خامدا يهدد حصن المجتمع و يخدش ملامحه الأصلية، فبتفاقم مظاهر فقدان الإرادة السياسية وتفشي الفساد والإفساد الذي يعتبر عمق المشكل وجوهره، يمكن أن نتوقع ما هو أخطر؛ تسرب اليأس المجتمعي وأفول مكونات المجتمع وبروز حركات احتجاجية متنوعة بتنوع الإخفاقات والتراجع في شتى المجالات .

فعلى مستوى الإجراء الحكومي الرسمي الذي ابتدأ يترهل في بوتقة سياسية ضيقة بسبب سوء تقدير المرحلة، لا يبدو أن هناك إرادة سياسية أو خطة إستراتيجية محكمة من شأنها طمأنة المواطنين على الأقل أو زرع نوع من الأمل المجتمعي المفقود. فمبادرة التنمية البشرية التي تعتبر ورشا ملكيا صرفا طغت عليها الانتقائية وتوظيف الوسائط والزبونية، لم تراع في تقديرها الإجرائي طبيعة المعضلة التي تنبثق من المجتمع وتهم بالأساس أفراده وبالتالي لن يكون خير تعبير عن تطلعات معالجتها إلا هؤلاء الأفراد، الشيء الذي لم تعتمده المبادرة، كما أن غياب التشخيص المباشر للأسباب والترابطات السياسية والثقافية جعلها تسقط في مزالق الشعارات والتهليلات التي طبعت البرامج التنموية السابقة .

أما مبادرة الجهوية الموسعة المشروع الإداري الموقف التنفيذ، فسيتم من خلاله ترسيخ القضية الجدلية "المغرب النافع وغير النافع" حيث ستستأثر خمس جهات والمتمركزة في الوسط بحصة الأسد من الدخل الوطني الإجمالي في حين سيكتفي الباقي بفتات المائدة، بذلك ستتسع الهوة بين الجهات وبين مكونات الوطن الواحد، حيث ستبرز جهات متقدمة عن الأخرى في شتى المجالات فيما ستبقى الأخرى متأخرة بخطوات عديدة، فضلا عن أن التقسيم الحالي لم يحترم الخصوصيات الثقافية والتاريخية واللغوية والاقتصادية والجغرافية، وهناك أمثلة عديدة على مستوى التراب الوطني عامة. كما أن نظام الانتخابات المقرون بالمحسوبية وشراء الذمم، سينعكس بالسلب على نجاح هذه الجهوية، إذ من المرتقب أن تُسيّر جهات المغرب من طرف ذوي الخبرة الانتهازية والمستويات المتدنية، وربما من طرف أميين مما سيؤدي إلى اختلال الجهة وتدهورها بشكل لا ينسجم مع تطلعات حكماء المغرب.


أعتقد أن ملامح الدولة المنشودة التي تعمل على تحقيق مطالب شعبها هي مؤسسة لا تؤمن بالرفاهية الاجتماعية للبعض بقدر ما تؤمن بالعدالة الاجتماعية والاستجابة لتطلعات الشعب، أيضا هي نظام يؤمن بدولة التوازنات الاجتماعية لا بدولة الفوارق الاجتماعية والتراتبية المطلقة.






    رد مع اقتباس