عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-07-20, 00:55 رقم المشاركة : 1
ابو ندى
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابو ندى غير متواجد حالياً


important حساب الشارفات رشيد نيني




حساب الشارفات

رشيد نيني





عندما اندلعت النيران في مصنع «روزامور» بالدار البيضاء واحترق داخله 56 عاملا وعاملة، جاءت النائبة البرلمانية بسيمة حقاوي إلى البرلمان غاضبة وأخذت الكلمة وهاجمت بشدة استمرار التلفزيون العمومي في عرض برامج السهرات في الوقت الذي تحصي العائلات قتلاها.

واتهمت النائبة المحترمة آنذاك القائمين على التلفزيون بالرقص على جراح الضحايا.

مرت مياه كثيرة تحت الجسر وانتقل حزب السيدة النائبة من المعارضة إلى كرسي الحكومة الوثير، وانتقلت بسيمة حقاوي من العمل النيابي إلى العمل الحكومي، وأصبح الإعلام العمومي تحت وصاية وزير اسمه الخلفي. وعندما انهارت ثلاث عمارات في حي بورغون ومات 23 مغربيا ومغربية تحت الأنقاض، لم يسمع أحد كلمة واحدة تخرج من فم الوزيرة المحترمة تعليقا على الفاجعة، رغم أن الوزيرة المحترمة مدينة بكرسيها في البرلمان لمنطقة بورغون التي ترشحت وفازت فيها، إلى جانب أخيها النائب عبد الصمد حيكر، والذي لم يكلف نفسه مشقة التنقل لمعاينة الكارثة ومواساة الضحايا.

ويبدو أن المنزلة تغيرت فلم تعد شعارات من عيار «الرقص على الجراح» تستقيم في فم الوزيرة محكم الإغلاق. بل إن الانكشارية الإعلامية التابعة للحزب الحاكم شرعت في تسييس الفاجعة التي حصلت في بورغون، لكي تحولها إلى جمر لإذكاء الصراع بين حزب الاستقلال الذي تدير قيادته ياسمينة بادو مقاطعة بورغون، والعدالة والتنمية الذي يقود الحكومة.

والمدهش هو هذا الصمت المطبق الذي تلفع به رئيس الحكومة، فسعادته يستأجر طائرة خاصة لكي يذهب إلى الرشيدية من أجل تقديم العزاء لعائلة طالب عضو في منظمته الحزبية، بينما يعجز عن أخذ سيارته الحكومية والذهاب إلى بورغون لمواساة أهالي ضحايا العمارات المنهارة. فسعادته يذهب فقط لحضور الأنشطة التي يكون فيها أحد أبناء وزراء حزبه حاصلا على شهادة أو مشاركا في استعراض، مثلما حدث عندما ذهب سعادته لحضور حفل تخرج ابن الوزيرة سمية بنخلدون مهندسا من المدرسة الوطنية العليا للكهرباء والميكانيك. أو عندما ذهب إلى مراكش لحضور افتتاح المعرض الدولي للطيران حيث يشارك ابن الوزيرة سمية بنخلدون الضابط الطيار في القوات المسلحة الملكية في المعرض، وقد خرجت الوزيرة عن البروتوكول واستغلت وجودها الرسمي في المعرض لكي تلتقط صورا تذكارية لها مع ابنها بالقرب من الطائرة التي يقودها، كما أنها عانقته وسط ذهول العسكريين والوفد الرسمي الذي لم يفهم كيف تغلب مشاعر الأمومة وزيرة إلى درجة تجعلها تنسى أنها في معرض وليس في البيت.

وعوض أن ننشغل كما فعل البعض بالانسياق وراء التبريرات الخاطئة والتفسيرات المموهة لفهم ما حدث في بورغون، سنذهب رأسا إلى أصل المشكل الذي أدى إلى هذه الحصيلة الثقيلة من القتلى، والذين لم يجد لهم رئيس الحكومة حتى دقيقة من وقته الثمين لكي ينعيهم ويترحم عليهم ويصبر عوائلهم.

أصل المشكل هو عدم توفير السكن اللائق للمواطن المغربي، وهذا يدفع الباحثين عن سقف يؤويهم إلى المغامرة بأرواحهم تحت سقوف غير آمنة.

في إيطاليا يعتبر السكن حقا دستوريا، وكل مواطن يريد أن يشتري سكنا لديه الحق في قرض من أي بنك يختاره يؤديه بدون فوائد. ولذلك فالأغلبية الساحقة من الإيطاليين لديهم مساكنهم الخاصة وقلة قليلة تكتري مسكنا.

في المغرب لازال امتلاك سكن يعد أمرا بعيد المنال، الذين يجمعون قدرا من المال يعطونه تسبيقا في شقق السكن الاقتصادي تحت الطاولة، ويأخذون قرضا من البنك يلتزمون بدفع أقساطه إلى نهاية حياتهم.

والأغلبية الساحقة لا يبقى لها من ملاذ سوى بيوت الكراء أو بناء مساكن عشوائية بانتظار أيام أحسن. فامتلاك سكن أصبح مع هذه الحكومة أكثر كلفة. ومع هذه الحكومة يبدو أن الأيام الحسنة لن تكون غدا، لأن السيد بنكيران وحكومته خصصا في قانون المالية لسنة 2013 ضرائب جديدة على مواد البناء ورفعوا أسعار الإسمنت والرمل والحديد والصباغة وكل ما يتعلق بالبناء.

وهنا بالضبط يكمن المشكل الحقيقي.

فالحكومة التي جاءت على ظهر شعارات تحقيق الكرامة للمواطنين، والكرامة تبدأ بالسكن الكريم واللائق، زادت في كيس الإسمنت «مول خمسين كيلو» درهمين، وزادت في «شرجمة» 18 طنا من الرمل أربعة دراهم، وزادت في «الياجور» درهمين ونصف لكل «بريكة».

والسبب المباشرة في ارتفاع أسعار هذه المواد من طرف مصنعيها هو رفع بنكيران من أسعار الفيول الذي ارتفع في الأحد عشر شهرا الأخيرة بأكثر من 60 في المائة. وإذا أضفنا إليها الرفع من فواتير الكهرباء بنسبة 24 في المائة للسنوات الثلاث المقبلة، فإن أسعار الإسمنت ستضاهي أسعار المعادن.

هذا دون أن نتحدث طبعا عن الضرائب الجديدة التي فرضها في قانون المالية كالضريبة الجديدة على الرمل (50 درهما على كل متر مكعب من الرمل) وعلى ronds à béton (10،0 درهم على كل كيلوغرام). فهذه الضرائب الجديدة يعكسها أصحاب هذه المنتجات مباشرة على المستهلك.

أما الضريبة على الإرث التي فرضها بنكيران، بالإضافة إلى زيادة عشرة في المائة في ضريبة الأرباح العقارية، فقد جعلت المواطن البسيط الراغب في الحصول على سكن يتحمل أعباء هذه الضرائب الجديدة من جيبه.

وقبل يومين فقط ارتفع سعر الغازوال بخمسين سنتيما لكي يستقر في حدود عشرة دراهم للتر. وطبعا فهذه طريقة بنكيران في استرداد باليد اليسرى، ما سبق أن أعطاه باليد اليمنى عندما قرر الرفع من الحد الأدنى للأجور.

وعندما يرفع بنكيران من سعر الغازوال والفيول، فإنه بالضرورة يرفع من أسعار سائر المواد الاستهلاكية التي تعتمد على النقل واللوجستيك. والمصيبة أنه مع ما يتم الإعداد له في العراق والشرق الأوسط من المحتمل أن تقفز أسعار النفط إلى عنان السماء، والكارثة أن بوليصة التأمين التي كانت الحكومة قد اشترتها انتهت مدة فعاليتها دون أن تحتاج إلى استعمالها، لأن السقف المحدد للأثمنة لكي يتم تشغيلها لم تصل إليه أسعار النفط، وبالتالي «رزتنا» الحكومة الموقرة في 40 مليون دولار «مشات باطل»، ولا أحد هناك لكي يطالب بمحاسبة المسؤولين عن هذا المبلغ الضائع والمقتطع من ضرائبنا.

صحيح أن الأثمنة ارتفعت، غير أنها لم تبلغ السقف المحدد لتغطيتها، مما تسبب في رفع الأسعار في محطات الوقود، والخاسر الرئيسي هو المستهلك الأخير.

فهو أولا يدفع ثمنا غاليا في محطات الوقود، ثانيا يشارك عبر المال العام في دفع مبلغ 40 مليون دولار على شكل رسوم وضرائب.

وفي هذا الموضوع بالذات فإن الحكومة تعاملت بنوع من الخداع والتدليس لأنها كانت على علم بعدم بلوغ الأثمنة درجة حرجة تستدعي الانخراط في تأمين، لكن سعي بنكيران لإرضاء البنوك وشركات التأمين المستفيدة من هذه الصفقة جعله ينسى مصلحة المواطن.

المصيبة هي أننا اليوم بحاجة إلى هذا التأمين بسبب مخاطر الحرب في العراق أكثر من أي وقت مضى، لكن الحكومة تفتقر إليه، وإذا أرادت الحصول على تأمين جديد فإنه سيكلفها هذه المرة سعرا أكبر من 5 إلى عشر مرات مقارنة بالسعر السابق.

«ودير حساب الشارفات وشد 40 مليون دولار وضربها فعشرة وشوف شحال جاتك».








    رد مع اقتباس