عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-07-14, 11:45 رقم المشاركة : 1
ابو ندى
بروفســــــــور
إحصائية العضو







ابو ندى غير متواجد حالياً


a3 نظارات بنكيران تحجب عنه الرؤية


نظارات بنكيران تحجب عنه الرؤية

إقبال إلهامي

كاتبة و صحفية



إذا كان فن الحكم هو القدرة على استيعاب المعلومة وسرعة تسخيرها في الزمان والمكان، فإن خطاب رئيس الحكومة الذي وجهه الثلاثاء الماضي أمام نواب ومستشاري الأمة، بمناسبة مرور عامين ونصف على تسلمه السلطة، أبان عن نقص حاد في المعلومة، جعل بنكيران حبيس الربيع العربي وأحداث طالت أعوام 2010 في ما يرتبط بقضية الصحراء و2011 في ما يتعلق باحتجاجات حركة عشرين فبراير، وما تلاها من تصويت على الدستور، وانتخابات بوأت العدالة والتنمية مقدمة الترتيب التي نقلته إلى دفة الحكم.
ولعل استعانة بنكيران بنظارات لا ترى المغرب إلا من خلال ما يقع في المشرق، هو ما أضعف خطابه وجعله يخلو من أي حس مستقبلي يفترض أن يوظفه رئيس الحكومة لاستقراء المرحلة المقبلة والإجابة على انتظارات الشارع في المغرب، وليس تحليل الوضع في الوطن العربي.
وهكذا وفي الوقت الذي كان فيه رئيس الحكومة يطالب من البرلمانيين الوقوف للتصفيق له لانتزاعه «الرعاية الشرفية» للانتخابات، حيث بدا سعيدا للغاية بتحقيقه لهذا «المطلب» الذي يدخل ضمن اختصاصاته، كان وزير الداخلية يدق أجراس الإنذار حول الحالة الأمنية للبلاد والتهديدات التي يمثلها مغاربة «داعش» الذين لم يأت بنكيران على ذكرهم في خطابه، رغم أن العالم يتحدث عنهم. ولم يكن تقرير حصاد السهم الوحيد الموجه إلى صدر رئيس الحكومة، فقد تلاه سهم آخر أطلقه في نفس اليوم وزير الخارجية صلاح الدين مزوار.
فما الذي قاله حصاد ومزوار وغاب بشكل كلي عن خطاب رئيس الحكومة بشكل جعل حديثه داخل سياق الربيع العربي وخارج السياق المغربي؟ حصاد قدم عرضا أمام مجلس الحكومة، أي غداة خطاب بنكيران كشف فيه معلومات استخباراتية تفيد أن نوايا المقاتلين المغاربة في سوريا والعراق تتجاوز استكمال أسس دولة الخلافة في العراق إلى استهداف بلدهم المغرب. وقد يكون أخطر ما قاله حصاد هو أن تلك التنظيمات التي أصبحت عابرة للدول والقارات، تسعى إلى صنع متفجرات لا تكشفها أجهزة المراقبة الإلكترونية، وهو ما يعني أن هؤلاء المقاتلين اكتسبوا مهارات تقنية ولوجستيكية عالية تضاهي وسائل الأنظمة في الرقابة والتجسس.
وبرغم أن ولاء عدد من المقاتلين المغاربة لتنظيم «داعش» معلوم وتنشر تفاصيله الصحافة المغربية والدولية يوميا، إلا أن رئيس الحكومة بدا منشغلا أكثر بتوقيف الاحتجاجات الداخلية واعتصامات المعطلين في المؤسسات العمومية، وهي قراءة تبدو سطحية في ظل المعلومات التي كشف عنها حصاد.
واللافت في هذا التجاذب الحكومي، أنه أظهر أن سطحية خطاب بنكيران تتعدى الوضع الداخلي إلى الخارجي، وفيما سعى رئيس الحكومة إلى رسم صورة وردية عن نزاع الصحراء، حمل وزيره في الخارجية للبرلمانيين عرضا لا يخلو من تنبيهات من أن الأشهر القادمة قد تحمل مطبات تستوجب الاحتراز. حيث قال إن العام المقبل سيكون «مهما بالنسبة لملف الصحراء»، مستعرضا لاءات المغرب الثلاث وهي لا تفاوض دون تحديد مهمة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس، ولا قبول بأي قرار خارج الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، ولا تغيير في مهمة بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء «المينورسو». ولعل اللافت في ما ذهب إليه مزوار أنه قصد مباشرة الجزائر ليس بالزيارة كما فعل ساذجا سلفه سعد الدين العثماني، ولكن بشن هجوم شديد اللهجة عليها، على اعتبار مسؤوليتها في مأزق الحل بالصحراء.
ومن خلال ما سبق، يظهر أننا أمام ثلاثة خطابات متنافرة، واحد لرئيس الحكومة لم يحمل أي معلومات أو استقراءات للحاضر والمستقبل، في مقابل خطابين موازيين لوزيريه في الداخلية والخارجية، كانا أكثر ملامسة للمخاطر على أرض الواقع. لن نسأل ما إذا كان بنكيران اطلع على مضمون ما كشف عنه كل من حصاد ومزوار قبل صعوده لمنصة البرلمان، لكن خلو خطابه من أي معلومات مرتبطة بالخطابين يشير إلى اختلال يجهل مصدره، وإن كان الأرجح أن رئيس الحكومة يفضل دوما الاستعانة بوزراء حزبه على الإنصات لبقية فريقه الحكومي.
لكن المشكل أن تصفيقه لنظرية «الإصلاح في إطار الاستقرار» لا يستقيم، مع نواقيس الخطر الصادرة عن الداخلية والخارجية، حيث أن معالم استقرار الدول تبدأ أولا من تثبيت السيادة والأمن، وهما أمران غابا عن الخطاب الذي كان يفترض أن يكون الأهم الذي يلقيه بنكيران منذ وصوله للسلطة





    رد مع اقتباس