كيف تتشكل الأمطار الحمضية؟ 
الأمطار الحمضية ظاهرة حديثة لفتت الأنظارهذه الأيام بعد أن سببت كثيرا من الأضرار ﻟﻤﺨتلف عناصر البيئة المحيطة بنا.ويبدو أن ظهور هذه الأمطار الحمضية قد صاحب بداية الثورة الصناعية في منتصف القرنالتاسع عشر فقد جاء ذكر هذه الأمطار في تقريركتبه كيميائي بريطاني عام 1962 يدعى »روبرتانجوس سميث Robert Angus Smith ويقع هذاالتقرير في حوالي 600 صفحة وربط فيه هذاالكيميائي البريطاني لأول مرة بين الدخان والرماد المتصاعد في الهواء من مداخن المصانع في مدينة
مانشستر بإنجلترا وببن تلك الحموضة التي لوحظت في مياه الأمطار ا لمتساقطة على ا لمناطق
المحيطة بهذه ا لمدينة.
ولم ينتبه أحد إلى أهمية هذا التقرير وطوي في زوايا النسيان حتى بدأت الثورة الصناعية التي تلت الحرب العا لمية والتي استخدم فيها مزيدا من أنواع الوقود مثل الفحم وزيت البترول للحصول على الطاقة الحرارية ولتشغيل الآلات والمحركات والتي أدت إلى تزايد تلوث الجو فوق المدن وحول المناطق الصناعية ومحطات القوى.
ولم يتنبه اﻟﻤﺠتمع الغربي إلى خطورة هذه الأمطار إلا منذ أعوام قليلة وذلك عندما لاحظ عالم سويدي عام 1967 يدعى »سفانت أودين وهو من علماء التربة أن الأمطار التي تتساقط فوق بعض مناطق السويد تزيد نسبة حموضتها مع الزمن وقد ب s هذا العالم أن هذه الأمطار تنتج من ذوبان الغازات الحمضية التي تتصاعد من مداخن ا لمصانع ونبه هذا العالم إلى خطورة هذه الأمطار الحمضية وإلى آثارها المدمرة في مختلف عناصر البيئة الطبيعية المتوازنة وأطلق على هذه الأمطار ذلك الاسم
الدرامي »حرب الإنسان الكيميائية ضد الطبيعة .«
وقد كان هناك من يعتقدون أن الأمطار الحمضية ما هي إلا نتيجة بعض العوامل الطبيعية التي لا دخل فيها للإنسان مثل: تلك الغازات
الحمضية التي قد تتدفق أحيانا من جوف البراكين أو التي قد تنتج منحرائق الغابات أو تنتج عند تحلل بقايا النباتات والحيوانات.
ولو أننا دققنا النظر لوجدنا أن مثل هذه العوامل الطبيعية تحدث منذ القدم البراكين قد تثور في بعض الأحيان وحرائق الغابات قد تحدث من حين لآخر والبكتيريا تقوم بتحليل أجساد الكائنات الميتة كل يوم ولكنالأمطار الحمضية لم تظهر بشكلها الحالي والحاد إلا في هذا القرن الأخير ولا بد من أنها ترتبط بشيء جديد حدث في هذا القرن فقط.
وقد تبين حاليا بما لا يدع مجالا للشك أن السبب الرئيس في تكوينالأمطار الحمضية هو محطات القوى و المراكز الصناعية الضخمة التي تنتشر في كثير من الدول والتي تحرق كميات ضخمة من الوقود وتدفع إلى الهواء يوميا بكميات هائلة من الغازات الحمضية مثل: ثاني أكسيد الكبريت وكبريتيد الهيدروجين وأكاسيد النتروجين. ولا يقتصر تأثير هذه الغازات على المناطق التي خرجت منها وذلك لأن الرياح تحمل هذه الغازات من مكان لآخر وبذلك تد فعها أحيانا إلى مسافات بعيدة كل البعد عن المصدر الذي خرجت منه.
