عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-06-27, 08:14 رقم المشاركة : 2
بالتوفيق
مشرف منتدى التعليم الثانوي التأهيلي
 
الصورة الرمزية بالتوفيق

 

إحصائية العضو







بالتوفيق غير متواجد حالياً


وسام الرتبة الثانية  في مسابقة القرآن الكريم

المرتبة الأولى في مسابقة صور وألغاز

وسام المرتبة الأولى للمسابقة الرمضانية الكبرى 2015

بالتوفيق

افتراضي رد: بيان اللسان ...من أجل اللغة العربية


بيان اللسان ...من أجل اللغة العربية 2 / 10


الكون والكيان

إن الكونية والإنسانية في القيم الثقافية لا تلغي الخصوصيات الوطنية والقومية للشعوب والأمم ولثقافاتها ولغاتها، وإلاّ كانت الكونيةُ اسماً مستعاراً للاغتصاب الثقافي واللغوي، وعدواناً غَير مشروع على حقوق الشعوب في حفظ كياناتها الثقافية واللغوية، وتعظيمِ تلك الحقوق، واستثمارِها في التقدم. والكونية ليست التخلي عن الخصوصيات، وإنما تعظيمُ تلك الخصوصيات بما يؤهّلها للمشاركة في صنع الإنسانيِّ العامّ، وإلاّ كان التخلي عمّا هو خاصّ وذاتي تذيُّلاً لخصوصيةٍ أخرى واتّباعاً، وفقداناً طوعيّاً للاستقلال وتخلٍّ مجّانيّاً عنه. وإذا كان ذلك يجوز في الاقتصاد والسياسة، عند مَن يتمسكون باستقلالهم واستقلاليتهم، فكيف لا يجوز في الثقافة واللغة حيث مساحات التمايُز والاختلاف بين الشعوب والأمم أوسع، وحيث الأوحديةُ الثقافية واللغوية أضَرُّ بحقوق الإنسان، وأفْصَحُ تعبيراً عن منازِع القوة والإلحاق؟!قد تتعرض شعوبٌ ذاتُ تاريخٍ حضاريٍّ وثقافيٍّ عريق، مثل شعبنا، للغزو والاحتلال وفقدان السيادة، فتسقط في قبضة «حمايةِ» دول أخرى استعمارية - مثلما حصل لبلادنا - لكن إرادة الاستقلال والتحرر، عند تلك الشعوب، لا تُقْهَر أو تُكْسَر؛ إذ ما تلبث أن تنجح في دحر الاحتلال وانتزاع استقلالها الوطني.لكن التجارب الحديثة والمعاصرة للتحرر الوطني تعلّمنا أن إحراز الاستقلال السياسي، بل حتى الاستقلال الاقتصادي، لا يكفي الشعوبَ تلك لحيازة تحرّرها الشامل وسيادتها الكاملة إن لم يرافق ذلك نضالٌ من أجل التحرر الثقافي واللغوي من ميراث الاغتصاب الكولونيالي. وليست استعادة اللسان الوطني المصادَر من مجاله الطبيعي (التعليم، الإدارة، قطاعات الاقتصاد والمال...) إلاّ وجهاً من وجوه ذلك التحرّر المطلوب استكمالُه.

إنَّ اللغات لا تُسْتَعَار أو تُسْتَورَدُ من خارجٍ، كما تُسْتَوْرَدُ السِّلع؛ إذ هي قوامُ الشخصية الوطنية لكل شعب، ومادةُ تراثها الثقافي ومضمونُه. فلا سبيل لشعبٍ إلى التعبير عن شخصيته إلاّ بلغته الوطنية، ولا سبيل إلى حُسْن التعبير عنها إلاّ بتطوير لغته بحسبانه تطويراً رديفاً لثقافته. وإذا كان لدولةٍ واقعةٍ تحت الاحتلال أن تتجرع لسان غيرها مُكْرَهَةً، فلا شرعية لإكراه شعبها على تجرُّع ذلك أيضاً، ناهيك بأن ارتفاع السبب عنها (الاحتلال الأجنبي) يُلْزمها بإعادة الاعتبار والمكانة الموضوعيَّين إلى اللسان الوطني بما هو من مقوّمات الشخصية الوطنية للمجتمع والدولة على السواء.





    رد مع اقتباس