عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-06-21, 17:47 رقم المشاركة : 1
فاطمة الزهراء
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء

 

إحصائية العضو








فاطمة الزهراء غير متواجد حالياً


مسابقة الصحابة والصحابيات 1

وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

وسام المرتبة الاولى لصناعة النجاح عن ورشة التفوق ه

وسام المراقبة المتميزة

وسام المركز السادس في دورة التقنيات الأسرية

c5 حذاء...وطبقية ، قصة للكاتب السويدي Ivar Lo-Johansson


حذاء...وطبقية

قصة للكاتب السويدي المعروف(Ivar Lo-Johansson(1901-1990
ولد هذا الكاتب في أفقر طبقات المجتمع السويدي ,طبقة منظفي مداخن الفحم,تمرد على هذه الطبقية وتعلم ذاتيا,واحترف الكتابة,ومعظم كتاباته تنتقد الفوارق الطبقية.
هذه القصة هي مما ورد في سيرته الذاتية,مترجمة بشئ من التصرف, مع المحافظة على المضمون.
.................................................. .................................................. ...................................
أخيرا رضخ والدي لرغبة أمي في أن ترى قدميه في حذاء جديد,مر وقت طويل وهي تحاول اقناعه أن حذاءه أصبح باليا جدا ولم يعد يصلح للاستعمال,وبالفعل كان حذاء أبي مشققا ممزقا بدرجة كبيرة, ويبدو أن خبر موافقة ابي على التوجه للمدينة لشراء حذاء جديد قد شاع في الحي, وها هم الجيران يدلون بدلوهم في الموضوع ويقدمون اقتراحاتهم , جارنا حارس الغابة السيد كارلسون اقترح على أبي أن يشتري نوعية اسمها بوكسكالف, من الجلد القوي وتدوم طويلا كما قال, وسعرها مناسب باعتقاده.
سألني أبي ان كنت أرغب في مرافقته للمدينة لشراء الحذاء الجديد, وافقت طبعا,وكنت أعلم أن أبي يسعد بصحبتي, ويأنس بوجودي الى جواره, أبي كان رجلا بسيطا وخجولا.
في الحي القديم من المدينة بحثنا طويلا عن عنوان محل الأحذية الذي وصفه جارنا السيد كارلسون.
سرنا طويلا , وبعد تيه وجدنا أنفسنا أمام محل كبير للاحذية, لم نصدق ما رأت أعيننا لحظة دخولنا المحل ذو الواجهات الزجاجية الجميلة اللامعة, كانت المرايا الصقيلة المذهبة الأطر تنتشر في كل ركن من اركان المحل, وعمال المحل من الجنسين بملابسهم الأنيقة يتنقلون بين الزبائن ويساعدونهم على اختيار الأحذية المناسبة, الزبائن ومعظمهم من النساء كانوا على درجة عالية من الأناقة, وتضوع منهم روائح العطور الثمينة.
تقدمت احدى البائعات منا وسألت أبي
-تريد حذاء لك سيدي ام لابنك؟
-لي انا , ابني حذاؤه ما زال جديدا كما ترين
-ما هو القياس سيدي؟
-لا أعرف, ولكني أريده حذاء بوكسكالف
-عفوا ,هذه النوعية لا نبيعها هنا, ثمة ماركة مما هومعروض هنا ترغب في تجربته سيدي؟
-نعم, ماركة غير بوكسكالف التي ليست عندكم
كنت اعرف أن أبي لا يعرف أي اسم لأي ماركة أحذية.
خلع أبي حذاءه , وأخذت البائعة فردة منه لتعرف قياس قدمه.
ولاحظت أنا الفرق بين قدمي أبي الكبيرتين الخشنتين, وأقدام الزبائن الاخرين
تأملت احدى السيدات وهي تدخل قدمين جميلتين ناعمتين بجواربها الحريرية الشفافة في حذاء بديع الصنع , ثم رأيتها تسد أنفها وتمضي مبتعدة في اللحظة التي خلع بها أبي حذاءه.
انا احببت دائما رائحة ابي , دائما ظننت ان كل رائحة من جسم ابي طيبة وطبيعية, رائحة أنفاسه..رائحة اقدامه ..رائحة عرقه. صدمت ان ثمة من ينفرون من رائحة ابي ولا يخجلون من اظهار نفورهم.
احضرت البائعة لابي حذاء ليجربه, وضع ابي قدميه في الحذاء الجميل , وبدت ملامح السرور على محياه وهو يخطو بضع خطوات فوق السجادالاحمر الثمين.وبدا واضحا جدا ان الحذاء اعجبه
-كم ثمنه؟سال البائعة
-هذا الحذاء سيدي من ماركة معروفة, ولزبون خاص مثلك نبيعه بثمان وعشرين كرونا
كنت اعرف أن ابي لا يملك سوا عشرة كرونات, وانه امكاناته المالية تسمح بشراء حذاء لا يزيد سعره عن ثمانية الى ثمانية كرونات ونصف.
ورايت ابي يخلع الحذاء الجديد ويرتدي مسرعا حذاءه القديم .
وسمعت ونحن نغادر المكان احد الزبائن المتغطرسين يسال البائعة متأففا
-كيف دخل هذا الى هنا؟
ولاول مرة وجدت في ضعف سمع أبي ميزة حسنة, اذ جنبته المزيد من الهوان بما جاء من تعليقات ساخرة من اولئك المتغطرسين
و فهمت يومها أن الاختلاف بين الفقير والغني ياخذ شكلا هرميا, يبدأ من القاعدة التي هي القدمين ونوع والحذاء....ويتنتهي بالقمة....الراس ونوع القبعة التي نرتديها.
خرجنا من المحل, ورأيت على وجه أبي خيبة أمل واضحة لعدم حصوله على ذاك الحذاء الذي أعجبه, سرنا غير بعيد في سوق المدينة, فاذا نحن وجها لوجه أمام المحل الذي وصفه لنا السيد كارلسون, وهناك جرب أبي على عجل حذاء من نوع بوكسكالف الذي اقترحه جارنا, خلعه أبي وقال للبائع
-انه صلب ويضغط على الأصابع بشكل مؤلم , ابتسم البائع وعلق قائلا
-أنت تعرف يا سيدي أن كل الأحذية الجديدة تكون كذلك قبل أن تعتادها القدم.
أبي الذي كان قد جرب منذ قليل حذاء جديدا رائعا مريحا لم يصدق ما قاله البائع , ومع ذلك فقد نقد البائع ثمانية كرونات ونصف ثمن الحذاء, وحمل حذاء ه الجديد تحت ابطه بعد أن لفه البائع بأوراق صحف قديمة ومضى.
وفهم أبي وفهمت أنا أن أحذية الفقراء فقط هي التي تؤلم الأقدام حين تكون جديدة.
وما زالت ذكرى ذلك اليوم الذي اشترى فيه أبي حذاء جديدا يحرك في نفسي كل مشاعر الكره لطبقية بغيضة تشمل حتى ما يرتدي الانسان في قدمه.


ترجمة نبيلة زاهد





التوقيع

الوفاء أن تراعي وداد لحظة ولا تنس جميل من أفادك لفظة"

    رد مع اقتباس