عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-05-20, 10:33 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

b3 عنصر التشويق والإثارة وأثره في إنجاح العملية التربوية


عنصر التشويق والإثارة وأثره في إنجاح العملية التربوية






تعتبر مهمة التدريس من بين المهام الأشد تركيبا وتعقيدًا ، فهي ليست حرفة عادية كباقي الحرف الأخرى التي يخضع جهد الممتهن فيها لنمطية معينة مدروسة و معلومة المداخل والمخارج، إنما هي عملية لا تستقيم على طريقة واحدة ، ولا تركن إلى نهج منضبط ، وتتعدد مداخلها ومخارجها بتقلب الظروف و الأجواء ، و طبيعة الدرس المعالجَ ، وسر ذلك يكمن في كون العلاقة هنا : علاقة مدرس بمتعلم ، ومعلوم أن أصعب ما في الأمر ، التعامل مع العنصر البشري كالمتعلم الذي يعتبر عالما مجهولا، وغامضا أحيانا ، ويزداد غموضا في سن المراهقة ، حيث يخضع لتحولات سريعة و مشاعر متقلبة ، مما فرض على المدرس أن تكون لديه معرفة معمقة بهذه الشخصية
.

إن التدريس كما يعرفه عدد من المهتمين
: " علم وفن " ، علم يخضع لجملة من المبادئ والمعايير التي لا بد من توفرها في كل مدرس ، ونعني هنا المستوى العلمي و البيداغوجي . و فن ومهارة لا تكتسب إلا بالممارسة الميدانية ، ولا تصقل إلا بالتجربة المستمرة ، وهذا هو بيت قصيدنا .
إن من عوامل نجاح المدرس في درسه ، استحضاره لعنصر التشويق والإثارة ، الذي يمكن المتعلم في أغلب الأحوال من الانقياد للدرس بكل تلقائية وعفوية .
أحببت أن أسلط الضوء على هذا الموضوع ، لاقتناعنا ويقيننا بأن هذا الأمر يعد من ركائز نجاح العملية التربوية ، ويحضر بقوة عندما يتعلق الأمر بمواد العلوم الإنسانية .

يعمل التشويق في الدرس عملا عظيما في أخذ انتباه المتعلم وجعله يتفاعل وجدانيا ، ويشارك بكل بما يحظى به من مؤهلات معرفية و مهارية ، وجرت العادة أن الخطابات التي تفتقر لهذا العنصر ، غالبا ما تكون مملة وتصرف المخاطبَين عنها ، بالرغم من أهمية المحتوى وجديته ، وبالرغم من مستوى المخاطَبين وقدرتهم على استيعاب الخطاب ، أما و الحال يتعلق بالمتعلم المراهق الرهيف الشعور ؛ الذي لا يجتهد كثيرًا في استيعاب الخطاب ، فإن عنصر التشويق يعتبر من لوازم شد انتباهه ، و يفشل الدرس أحيانا عند غياب هذا العنصر بالرغم من مجهود المدرس ومستواه العلمي
.

إن اعتماد المدرس عنصر التشويق في درسه ليس أمرًا هينا ، خاصة في هذا العصر الذي انفتح فيه المتعلم بشكل لم يكن معهودًا ، على عدد من المثيرات التي أفرزتها التغيرات الحضارية الحديثة ، و التي يعد عنصر التشويق من بين أساسياتها . لقد انفتح المتعلم اليوم على عدد من المنافسات على رأسها وسائل الإعلام ، خاصة المرئية منها ، التي فرضت نفسها بالقوة ، واكتسحت أذهان المراهقين من المتعلمين وغيرهم ، ومررت العديد من القيم التي بدأت تطفو يوما بعد يوم على سلوك المتعلم المراهق ، و لا مجال للمقارنة بين حجم ما يتلقاه المتعلم من وسائل الإعلام ، وبين ما يمكن أن يستفيذه من خلال حصة دراسية في مادة التربية الإسلامية مثلا
.

على المدرس أن يدرك بحضور منافس قوي يشد انتباه المتعلم ، وهذا المنافس يتفانى في توظيف العديد من الوسائل المثيرة ، ويزداد الأمر صعوبة في ظل الوسائل التقليدية التي يعتمدها المدرس في إنجاز الدرس ، ففي الوقت الذي يقتصر فيه المدرس على لوحة سوداء ، ووسائل تقليدية ، فإن وسائل الإعلام المعاصرة توظف كل العناصر التي تسرق انتباه المتعلم وبسرعة
.

لكن على الرغم من اعتبار عنصر التشويق في الدرس ، وشد انتباه المتعلم أمرًا ليس بالهين في ظل هذه التغيرات ، إلا أنه لا يعتبر أمرًا مستحيلا . يستطيع المدرس الماهر أن يخلق أجواء داخل فصله مشحونة بالإثارة و التشويق ، ويكون لها أثرًا عظيما في إنجاح الدرس وتحقيق الكفايات المطلوبة ، بالرغم من المستوى العلمي المتواضع الذي يحظى به كل مدرس؛ لأن هذا الأمر يرتبط أساسا بالقدرات المهارية ، أكثر مما يرتبط بالقدرات المهنية ، وقد جرى التأكيد عند خبراء التنمية البشرية أن القدرات المهارية ، هي التي تحسم في مسألة نجاح أو فشل الشخص ، وتحظى بنسبة متفوقة على القدرات و المؤهلات المهنية التي تتوفر عند كل شخص حسب ميدان امتهانه واحترافه
.

إن الأمر يحتاج من المدرس أن يستنفر طاقاته ، و يستفرغ وسعه ، ولا يدخر شيء من مجهوداته ، في محاولة إقناع المتعلم وإشباع رغباته ومتطلباته ، وجعله ينقاد طواعية للدرس . إن الأمر يحتاج مهارات فنية ، لا تكتسب إلا بالتجربة المستمرة ، وبالممارسة الميدانية مع فئات المتعلمين ، خاصة المراهقين
.

من خلال هذه المساهمة سوف أقترح بعض الخطوات التي أراها مهمة وكفيلة في تحقيق عنصر التشويق ، وهذه المقترحات هي من ثمرات تجربتي الميدانية التي أكسبتني بعض المداخل ، التي نفهم من خلالها احتياجات المتعلم خاصة المراهق و متطلباته من الدرس
.
إن السر في نجاح الدرس كيف ما كان موضوعه ، رهين باستيعاب عالم المتعلم ، واكتشاف البعد المهاري و الحس حركي و المعرفي في شخصيته ، مع العلم أن هناك جوانب تظل غامضة لا يمكن فهمها واستيعابها إلا بعد الإصغاء و الاستماع الجيد للمتعلم ، وحبذا لو كانت هناك نوادي داخل المؤسسات التعليمية تعنى بهذه القضية ؛ لأنها مفتاح لتفسير عدد كثير من المشكلات التربوية التي تقع داخل المؤسسات ، كظاهرة العنف المدرسي وغيرها .

قبل الحديث عن بعض العناصر المطلوبة لتحقيق عنصر التشويق والإثارة في الدرس ، أحببت أن أبدأ ببعض الأسباب التي هي جملة من المثبطات ، التي تنفر المتعلم من الدرس ، وتصرفه عنه ، من بين هذه الأسباب على سبيل المثال لا الحصر
:

1. البعد عن الواقع في معالجة الدرس ، والمقصود هنا بالواقع ، واقع المتعلمين و اهتماماتهم .
2.
الرتابة و الجمود على أساليب تعليمية تقليدية ، وعدم الانصراف عنها ، كأن يعتمد مثلا المدرس الطريقة العمودية في جميع فقرات درسه .
3.
الافتقار إلى ضرب الأمثال ، واستحضار النماذج المناسبة عند معالجة قضايا الدرس .
4.
عدم مراعاة خصوصيات الفئة المستهدفة ، من حيث كيفية التواصل ، و اللغة ...إلخ .
5.
السرعة والاستعجال في إنجاز الدرس ، بصرف النظر عن تحقق المراد منه .
6.
عدم إفساح المجال للحوار بين المتعلمين ، لتبادل وجهات النظر بينهم .
7.
تغليب الجانب الكمي على الكيفي ، أو بعبارة أخرى التركيز على الجانب المعرفي ، مقابل إغفال الجانب السلوكي و المهاري أو الامتثالي ، خاصة في مادة التربية الإسلامية الحاملة للقيم ، والتي تعتبر فيها المعرفة معرفة وظيفية ليس إلا .
8.
عدم التموقع و التموضع الجيد داخل الفصل ، الذي لا يمكن المتعلمين من الانشداد إلى المدرس .
9.
التوتر و الارتباك في معالجة الدرس ، والذي يدل صراحة على عدم جودة الإعداد وجديته .
10.
خلو الدرس من اللطائف و المستملحات التي تثير الدافعية لدى المتعلمين .
11.
المرور مرور الكرام على بعض التدخلات ، والاستفسارات ، و التساؤلات ، التي يطرحها بعض المتعلمين ، مما يشعرهم بعدم الاكتراث ،فلا يعاودون الكرة مرة أخرى .
12.
عدم إفساح المجال للخطإ ، وتوفير جو من الحرية للتلميذ يشارك بواسطتها بكل ما يملك من مؤهلات معرفية ووجدانية .
13.
العنف في الخطاب أو تعنيف المتعلمين ، الذي لا يغير قناعة ، ولا يصحح تمثلا ، ولا يرسخ قيمة ، ويفقد أحيانا بواسطته المدرس أواصر الارتباط بينه وبين تلامذته .
هذه بعض الأسباب التي تنزع الحياة عن الدرس ، وتقتل بوادر الإقبال عليه ، وتبعثر طموحات كل متعلم فيه ، وتجفف منابيع التشويق والإثارة ، وتجعل عمل المدرس يدور في حلقة مفرغة مع كل حصة دراسية ، فلا يقوى بعدها على العمل، ولا يجد أحيانا من يصغي إليه ، فتخور قواه وتتعطل عطاءاته ، ويستحوذ عليه الكسل والجمود ، حتى يصيرا ديدنا له . وعندما نتأمل في واقعنا نجد العديد ممن بلغ هذا المستوى ، بسبب من الأسباب المذكورة ، وصار يرى في مهنة التدريس مجرد تكاليف تنتهي بانتهاء المدة الزمنية المخصصة لكل حصة دراسية . في ظل هذه الأجواء ينكسر الجد و يأفل نجم الحيوية ، ولا تتحقق الجودة المنشودة .

بناء على ما سبق نستطيع أن ندرك مدى أهمية حضور عنصر التشويق في الدرس ، الذي يعيد أواصر الارتباط بين المدرس ومتعلميه، ويبعث على الحيوية و النشاط لكلا الطرفين
.
ثمة وجود العديد من العناصر المساعدة والمعينة على ذلك ، سنقتصر في الفقرات الآتية على بعض منها نراها مناسبة ولها أهمية قصوى ، وهي عناصر ضرورية وليست مستحيلة ، ولا يملك المدرس التماس الأعذار فيها بحكم أنها صعبة المنال وليست في المستطاع ، بل هي مجموعة من المهارات تكتسب طبعا بالتجربة وتصقل بالممارسة الميدانية ، وهذه العناصر حاولنا أن نستوحيها من واقع تجربتنا ، دون الرجوع فيها إلى المصادر والمراجع المهتمة بالموضوع ، علما أن المطلع عليها قد يجد العديد منها مما لم نقف عليه في مساهمتنا هذه ، وقد تعمدنا عدم الرجوع إلى المصادر و المراجع المهتمة بالأمر ، واقتصرنا على واقع تجربتنا ، حتى نكون أقرب من واقع العلمية التربوية و حتى نكون صادقين ما أمكن
.

بعض عناصر التشويق

يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس