عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-02-17, 09:44 رقم المشاركة : 1
أم الوليد
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم الوليد

 

إحصائية العضو







أم الوليد غير متواجد حالياً


مسابقة المبشرون بالجنة

مشارك(ة)

المرتبة الثالثة

وسام المشارك مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في المسابقة الترفيهية

وسام المشارك

وسام المركز 2حزر فزر

وسام المشاركة  في مسابقة المصطلحات

وسام المرتبة الثالثة في مسابقة ألغاز رمضان

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

افتراضي مذكرات مراهقة - الإنتظـــار


مذكرات مراهقة - الإنتظـــار


الإنتظار


أتمنى ان تفهمنى منذ البداية ولا تظلمنى، فانا لست غبية او مغفلة، بل اعرف تماما واجبات الفتاة وما يجب ان تقوم به وما يجب الا تقوم به. اننى اخرج وحدى واقرا الكتب على انواعها واستمع للمذياع واعرف كم هو جميل ورائع ان البس تنورة خشنة من الصوف واطوى اكمامها لاكشف عن ذراعى والبس الحلى والجوارب القصيرة.
اردت من هذا ان اكون واضحة، واننى لست ساذجة او غبية بل اعرف هدفى وغايتى ولا شك انك الان تفهمنى!
كيف التقيت به؟ لقد كان الامر مضحكا! كان ذلك فى ليلة ماطرة من ليالى الشتاء الباردة. لم اكتب وظيفتى. لقد زركش ضوء القمر اغصان الشجر وطلى اكوام الثلج بلون فضى مما شدنى الى الخروج من البيت. ان مكان التزلج لا يبعد كثيرا عن منزلنا ويمكننى وصوله فى خمس دقائق اذا كانت الطريق سهلة وبلا منزلقات، وهكذا خرجت. اتذكر يومها ان الامر استغرق وقتا اطول لانه كان على ان ارتق جوارب التزلج اولا..
لا ادرى لماذا تتمزق الجوارب كثيرا عند اصابع القدمين! ربما لوجود قطعة معدنية فى المزلاج عند اصابع القدمين. سرحت شعرى كثيرا لكنه بقى واقفا منقوشا اشبه بالضباب على راسي!
كان المزلاج نظيفا ومعلقا على الباب الداخلى، لكنه بدا غريبا. فقد جهزته لعطلة عيد الميلاد. سارت الكلبة خلفى بكل خفة وتؤدة الى منعطف الشارع. انها تالفنى منذ اليوم الاول، اخذت تلهث بجانبى وقد شكل نفسها الدافئ بالونا صغيرا من الصقيع حول انفها، وكان المزلاج يحك ظهرى بشكل عفوى اثناء سيرى، كان الليل هادئا وساكنا، وملايين النجوم تتلألأ فى السماء كانها عيون العشاق تغازل محبيها. ما اروع هذا المنظر!
ركضت معظم الطريق، وقد حالفنى الحظ فلم انزلق لان الرصيف كان مكسوا بالرماد وكنت اشعر بجمرات الرماد الخامدة تسحق كالمفرقعات تحت قدمى وبين اصبعى، فلقد اعتدت على ان البس حذاء قديما عندما اذهب للتزلج. كان على ان اعبر حديقة احد الجيران الخلفية، حيث نما منذ الصيف الماضى عشب غير متطاول بين طبقات الثلج الرقيقة وتداخلت قشرة الثلج فى الحفر الصغيرة بين بقايا الزرع، فالناس قليلا ما يعبرون هذه الطريق. وصلت الكوخ الهث مقطوعة الانفاس. ما اجمل الليل! هذه الاكواخ تخص صديقة لنا كانت ارضها مبللة من اثار المتزلجين وقد ارتسمت على جدرانها الخشبية صور من الجص ترمز الى الموت أو الى نهايات رومنسية!
البنات يدخلن ضاحكات وقد غطى الثلج شعورهن، يمشين بخطا رشيقة سريعة ، هذا شلب يخطف طاقية فتاة شقراء، ويحشرها فى مكان فارغ ليثبت حبه لها، ثم ينحنى بسرعة يتفحص"قشاط" مزلاجه ببراءة دون مبالاة. لم يستغرق وضع المزلاج وقتا طويلا. علقت حذائى تحت مقعد منزو كى اجده بسرعة عندما اعود. بدا الثلج يتساقط قليلا فى الخارج ولكنه سرعان ما يذوب كما تذوب فقاقيع الصابون عند ملامستها، لا ادرى كيف يتساقط الثلج والنجوم ساطعة فى السماء! فلربما ما زلت ارى ضوء النجوم يتلألأ فى عيني كلما نظرت فى الظلام! انتظرت قليلا، ان التزلج فى مكان مزدحم اشبه بالقفز فى دوامة الخيل المتحركة. المتزلجون فى ألوانهم الضبابية يكشطون وجه الثلج، ويصدرون ثرثرة ناعسة فى هذا الليل الهادئ.
بعد فترة وجيزة كنت ادور بينهم ادور وادور على طريق التزلج حيث الثلج كثيف. وفجأة ودونما سابق انذار احاط خصرى بذراعه، كان دافئا ومحكما. وعن قصد قال: هل لى ان اتزلج معك؟ وامسك بيدى الاخرى.. وتزلجنا معا، انها ليست اول مرة اتزلج فيها مع شاب، لقد اخبرتك اننى كثيرا ما كنت اخرج وحدى ولكن الامر هذه المرة كان مختلفا تماما، فقد كان الشاب لطيفا رقيقا.
لم اعد اتذكر عن اى شئ تحدثنا اولا؟ ولكننى اذكر اننا تزلجنا مدة طويلة، وكنا نضحك كلما وصلنا الى منطقة الثلج، لنعود الى الضحك من جديد، لم نكن نضحك على شئ محدد لكن ذلك كان رائعا وجميلا جدا! جلسنا نراقب المتزلجين فى مكان مرتفع ، الطقس بارد لكننى شعرت بالدفء على الرغم من اننى كنت اجلس على كومة متزلجة من الثلج. رمانى بقبضة من الثلج فتناثرت كراتها على شعرى، انحنى على لينظف شعرى.
التقطت انفاسى، كان الليل ساكنا وقد تعلق القمر فى كبد السماء كقطعة من بلور مذهب يضئ الاكواخ الدافئة، والدخان ينساب من فوهات المداخن ليشكل ضبابا سخاميا. بدأت الأضواء تنطفئ تدريجيا فى البيوت، سمعت عويل كلب حزين كانه يعتذر من النجوم، ما اروع هذا كله. بعد ذلك وقف ليقول: " من الافضل ان نعود هل تسمحين بمرافقتك؟ وهل تسكنين بعيدا؟ لا باس. علينا ان نعود"
ما اجمل العودة برفقته !
ذهب الى الاكواخ ليحضر الحذاء، : الحذاء الاسود" قلت له، نفس قياس حذائي .. ضحك.
وكان مازال يبتسم عندما عاد. خلع عنى المزلاج وربطه بشريط مبلل ورماه على كتفه، ومد يده الى. انزلقت عن كومة الثلج ونظفت مقعد بنطلونى وانطلقنا عائدين الى البيت.
ازداد سقوط الثلج الان .. كرات الثلج تكبر، لكنها كانت تسقط بهدوء لتعلق باغصان الشجيرات الصغيرة او تندفع نحو جذوعها، كان الليل يرسم خيوطه السوداء والبيضاء، كل شئ جميل، غير اننى شعرت بالحزن والاسف لان بيتنا قريب.
كان يتكلم برفق وحنان، وكانت كل كلمة تبدو كسر من الاسرار!
سالنى: هل تعجبك الحياة؟ وهل اخطط للالتحاق بالكلية فى العام القادم؟ وهل يسكن ابن عمى فى المنطقة؟ وهل اعرف اخاه؟
كان حديثه رقيقا جدا، قال لى: كم انت جميلة وكرات الثلج تتناثر على شعرك! سألنى: هل رأيت القمر قريبا من قبل؟ وكان القمر يلاحقنى ويراوغنا ممازحا ويختبئ وراء المداخن كلما التفت لانظر اليه، واخيرا وصلنا.
كان نور الشرفة ما يزال مضيئا. لقد اعتادت أمى ان تضيئ عندما اخرج فى الليل. وقفنا برهة عند اسفل الدرج، لقد تغير لون الثلج واصبح قرنفليا تحت وهج النور الملون، واستقرت بعض كرات الثلج على شعره، اخذ المزلاج ووضعه على كتفى قائلا:" طاب مساؤك .. ساتصل بك .. ساتصل بك".
دخلت الغرفة واخذت اراقبه من النافذه. وهو يمشى فى الشارع. كان يصفر صفيرا ناعما، انتظرت حتى غرق الصوت فى هدوء الليل، لقد توارى .. توارى تماما.
اصابتنى رعشة، لقد تغير الظلام ولم تعد النجوم الا شظايا صغيرة تضئ السماء، واخذ القمر يحملق نحو الاسفل بنظرة صفراء متجهمة، الهواء مشبع بالبرد المفاجئ، وعصفة ريح اخذت تلاحق اثار اقدامه لتضيع فى النسيان!
كل ما قاله انه سيتصل بى، لم استطع النوم طوال الليل، كان ذلك الخميس الماضى، واليوم هو الثلاثاء، وقد كتبت وظائفى ورتقت جواربى على الرغم من انها ليست بحاجة الى الرتق، وانتهيت من حل الكلمات المتقاطعة واستمعت الى المذياع وترانى اجلس، اجلس فقط لاننى لا استطيع التفكير باى عمل اخر. لا استطيع التفكير الى بكرات الثلج الصغيرة المتساقطة، وبمزلاجى وبضوء القمر وبليل الخميس!
الهاتف على الطاولة فى ركن الغرفة، يدير وجهه العتيق نحو الحائط حتى لا ارى نظراته الخبيثة!
لم اعد اقفز اذا رن جرس الهاتف، ان قلبى يصلى لكن عقلى يضحك! الليل هادئ خارج البيت حتى كدت اصاب بالوهن والخبل، اما الثلج فاصبح كله اوساخا تشكل لونا داكنا، والريح تهز الضوء المنعكس لتشكل من الاشجار ظلالا متحركة وغريبة على طول الزقاق. انها تشبه ذراعيه الممدودتين كانها تطلب شئ اجهله، وهكذا ترانى اجلس هنا ولا اشعر بشئ.
اننى لست كئيبة لاننى عرفت ذلك فجأة، لكننى لا استطيع البقاء هنا للابد، اضحك واضحك والدموع المالحة تنساب على جنبات فمي. عرفت ذلك فجاة .. عرفت ما عرفتْ النجوم منذ الازل .. انه لن يعود ابدا .. لن يعود.

مورين دالي

مورين دالي( 1921_؟)
هاجرت موين دالي من ايرلندا الى الولايات المتحدة وهي في الثالثة من عمرها
ونالت جائزة اول قصة قصيرة وهي في الخامسة عشرة من عمرها
طبعت روايتها الشهيرة "الصيف السابع عشر " وهي في السنة الاولى في كلية "روزي "
تتميز قصصها بفهم عميق لمشاكل المراهقين تماما كهذه القصة





التوقيع





آخر تعديل أم الوليد يوم 2014-02-17 في 09:58.
    رد مع اقتباس