الموضوع: الوفاء بالعهد
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-01-26, 13:07 رقم المشاركة : 1
ام ادريس
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية ام ادريس

 

إحصائية العضو








ام ادريس غير متواجد حالياً


المرتبة الأولى في مسابقة صور وألغاز

وسام المرتبة الثانية للمسابقة الرمضانية الكبرى 201

مسابقة المبشرون بالجنة المنظم

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام التكريم

وسام المشاركة في المسابقة الترفيهية

وسام مسابقة التحدي

cour الوفاء بالعهد


وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا



إن الوفاء بالعهد خلق رفيع يدل على قوة الإيمان وعمقه، وطهارة النفس وسموها، فالمؤمن الحق لا يخلف الوعد و لا ينقض العهد لقوة إيمانه وطهارة نفسه، والإيمان بالله يطلق النفس من قيودها المادية ويسمو بها إلى الأفق الأعلى، ويطهرها من الغش والغدر والدنس و الأنانية، فلا ترى المؤمن الحق إلا متنكرا لذاته مترفعا على نوازع النفس الأمارة بالسوء، متفانياً في أداء الواجب حريصاً على أداء رسالة الله في الأرض كخليفة عنه فيها.
فالوفاء بالعهد من أهم الفضائل التي عني بها القرآن الكريم وحث عليها واعتبرها ضرباً من التقوى وصفة مميزة للعقلاء المبرئين من الأهواء، وقد مدح الله نفسه بالتزامه بالوفاء بالعهود، «وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ» [التوبة: 111] ووعد جلَّ وعلا الذين يوفون بالعهد بالأجر العظيم «وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً» [الفتح: 10]، واعتبر جلَّ وعلا الذين يوفون بعهودهم من المتقين حيث قال سبحانه: «والْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ» [البقرة: 177] وقال تعالى: «بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» [آل عمران: 76]، وجعلهم من أولي العقول والنهى في قوله تعالى: «إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَاب, الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ» [الرعد 19 -20].
وجعل الله تعالى الوفاء بالعهود من أخلاق أهل الإيمان عموماً فقال جلَّ وعلا في ذكر صفات أهل الجنة: «وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ» [المؤمنون: 8] واعتبر جل وعلا إن الوفاء بالعهد أمانة عظيمة «وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً» [الإسراء: 34]
وإن أعظم عهد هو الذي بين العبد وربه والذي أساسه قول الله تعالى: «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ، وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ» [يس 60-61 ].
وهكذا فان هذه الآية ترتب التزامات على بني آدم يتوجب عليهم الوفاء بها في مجال العبادات وفي مجال المعاملات، فمن أدى هذه الحقوق ونهض بهذه الواجبات مدفوغا بالإيمان وحسن النية يعتبر مؤمناً حقاً، لأن الإيمان ينهى عن الغدر والخيانة، قال تعالى: «وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ» [النحل: 91] وحذّر تعالى من نقض العهد ولو كان مع كفار يخشى خيانتهم، قال تعالى: «وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ» [الأنفال: 58]، بل إن الإسلام ارتفع بالوفاء بالعهود و المواثيق إلى أفق أعلى لا عهد للبشرية به في مختلف العصور ولم يبح نقضها مهما كانت الظروف والأسباب حتى و لو كانت لنصرة قوم مسلمين قال تعالى: «وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» [الأنفال: 72]
والرسول -صلى الله عليه وسلم- هو المثل الأعلى في الوفاء ومواقفه في ذلك آيات باهرات ومنها على سبيل المثال إعادة الصحابيين (أبو جندل وأبو بصير) إلى قريش- بعد إسلامهما والتجائهما الى الرسول هروباً من تعذيب قريش لهما- تنفيذاً للعهد الذي ورد في وثيقة صلح الحديبية مع قريش..
إن الوفاء بالعهد يكتسب أهمية بالغة كونه أساس التعامل بين الأفراد والدول، والقاعدة الأساسية لبناء المجتمعات الفاضلة التي تسودها المحبة والتعاون والرحمة.
وإن الوفاء بالعهود والتزام المواثيق واحترامها من أقوى الوسائل التي تنظم عمل الشعوب وسعيها في مصالح دنياها مهما تباعدت البلاد واختلفت اللغات وتنوعت الملل، فالعهود والمواثيق إذا احترمت عاش الناس في خير وأمن واستقرار وعندما تنقض العهود ولا تراعى وعندما تخان المواثيق ولا يهتم بها، عند ذلك تسود الفوضى في المجتمعات وتتحول الإنسانية الى بهيمية، فيأكل القوي الضعيف ويظلم بعضهم بعضاً ويعيشون حياة كلها شقاء وتعب، عند ذلك تسفك الدماء وتنتهك الأعراض وتضيع المصالح الخاصة والعامة وتكثر الجرائم وينتشر القتل ويسود الخائنين والمجرمين.






التوقيع





    رد مع اقتباس