2013-11-28, 12:33
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | زهور العلوي .. جابهتِ الاستعمار وقدمت حياتها قرباناً للمرأة المغربية | زهور العلوي .. جابهتِ الاستعمار وقدمت حياتها قرباناً للمرأة المغربية هسبريس - إسماعيل عزام الخميس 28 نونبر 2013 - 06:10 زهور النضال بالمغرب تتساقط اتباعاً..فالموت يسرق منا كل سنة اسماً ساهم في تحريك المياه السياسية في وقت كان فيه الحديث عن التغيير قد يؤدي بصاحبه إلى ردهات السجن، ويأخذ منا كل حولٍ شخصية وهبت حياتها للدفاع عن حقوق الإنسان أو لتبيان ثغراتٍ لا زال ضوء الاستبداد ينفذ منها إلى حياة المغاربة..رحل أيمن المرزوقي، آسية الوديع، عبد السلام ياسين، إدريس بنعلي وغيرهم كثير ممن قضوا شمعة أعمارهم في النضال والعمل من أجل بناء مغرب الكرامة للجميع بعيداً عن معايير السلطوية والشمولية. فَقدر المغاربة أن يستفيقوا بين الحين والآخر، على خبر الموت الذي استعمر الكثير من عناوين الصحف المغربية، وإذا كانت كلمة "الرحيل" قاسية في حق الجميع، فهي أشد ألماً وقسوة عندما يتعلق الأمر بمن تركوا وراءهم أثراً سياسياً وحقوقياً ينتفع منه أبناء مغرب اليوم والغد. زهور العلوي المدغري، ودعتنا نهاية الأسبوع الماضي عن عمر يناهز 73 عاماً، بعد مرض عضال لم ينفع معه علاج، إلا أنه ظهر مهزوماً أمام بسمتها التي سكنت شفاهها في اللحظات الأخيرة من حياتها، حيث أكد الأطباء الذين كانوا يعالجونها، على قوتها الكبيرة وتحملها للألم، بوجه صبوح يختزل عمراً من الصبر على الشدائد. ابنة العاصمة العلمية "فاس" من أسرة صوفية، رأت النور في سنوات الحماية الفرنسية، دخلت مبكراً إلى العمل السياسي المقاوم عندما انخرطت في صفوف الحركة الوطنية من خلال الجمعيات المتواجدة آنذاك، وبعد خروج الفرنسيين من المغرب، انضمت إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، حيث كانت من أوائل القياديات في قطاعه الطلابي. منشأها الديني وتكوينها الاشتراكي جعلا منها شخصية فريدة، حيث يتذكرها أصدقاءها عندما كانت تصعد منبر جامعة القرويين، حاملة للقرآن الكريم، وملقية للشعارات المطالبة بجلاء فرنسا عن الأرض المغربية. امتهنت تدريس الفلسفة حيث كانت من أوائل الأستاذات في مغرب ما بعد الاستقلال، هي مُدرّسة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران والقيادي في الاشتراكي الموحد محمد الساسي، والحاصلة على دبلوم الدراسات المعمقة تحت تأطير الفيلسوف الفرنسي فرانسوا شاطلي، صادقت الكثير من وجوه السياسة بالمغرب أمثال الفقيه البصري، محمد بنسعيد أيت إيدر، عبد السلام ياسين (الذي درست عنده)، واحتلت مكانة خاصة بالمؤتمر القومي العربي. عاشقة لغة الضاد بامتياز رغم تمكنها من لغة موليير، قدمت حياتها قرباناً للدفاع عن قضايا المرأة المغربية خاصة والعربية عامة، دافعت عن المرأة في زمن كان فيه تأسيس جمعية نسائية، مُواجَهة حقيقة مع الدولة وأزلام الفكر الذكوري الضيق، حيث كانت عضواً وازناً بهيئة تحرير جريدة 8 مارس وكان "اتحاد العمل النسائي" بداية الثمانينات سلاحها لتحرير المرأة المغربية من كافة أشكال التبعية، كما ساهمت في تأسيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، التي ركزت من خلالها على قضايا الاعتقال السياسي وفضح سياسات القمع والرصاص، ممهدة الطريق لتصالح المغرب مع سنوات كان فيها قتل الإنسان، تقليداً لإسكات أصوات المعارضين. في تأبين منها لهذه المناضلة الحقوقية بامتياز، تقول صديقتها التي قضت معها سنوات طويلة من العمل المشترك، لطيفة البوحسيني:" كانت علامة مميّزة من جيل النساء اللواتي انشغلن بإصلاح القوانين التمييزية، لقد انتزعت الراحلة من خلال مواقفها وقوة حججها وصدق سريرتها احترام الجميع، وكانت من تلك النخبة النسائية التي جعلت الصوت النسائي قادراً على فرض نفسه في ظروف كانت العقلية الذكورية لا تتصور حضور النساء إلا في فضاء الإنجاب بدل الإنتاج والإبداع". ويقول عنها الأستاذ اللبناني معن مبشور:" لم تكن تخلو نبرة صوتها من مرارة حين تتحدث عن حال حقوق الإنسان في المغرب والوطن العربي والعالم، حيث كانت تلاحظ ذلك التناقض المريع بين مبادئ حقوق الإنسان وقوانينه ومواثيقه وبين تطبيقاته على مختلف المستويات، وكانت تتهم دائما بعض الدول الكبرى والأنظمة القائمة بالنفاق المرعب بين ادعاءاتهم "الإنسانية" وممارساتهم الوحشية. كما انتقدت على الدوام ذلك الإهمال المتعمد لتراث أمتنا العربي والإسلامي الحافل بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وأفكار انسانية تحض على احترام الإنسان وكرامته وحقوقه". رحلت من دافعت عن محمد نوبير الأموي، زعيم الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، حين تم اعتقاله مطلع التسعينات بسبب دعوته لإقامة نظام ملكية برلمانية في المغرب..رحلت من اختطفها الموت قبل تكريمها من الائتلاف الوطني لحقوق الإنسان في دجنبر المقبل..رحلت من عدّد الملك محمد السادس مناقبها في رسالة تعزية حين قال: " كانت من اللائي نذرن حياتهن لنصرة قضايا الإنسان العادلة". إلا أن رحيلها لن يمنع ذكراها من الخلود في ذاكرة هذا الوطن وهي التي وصفها الشاعر صلاح الوديع ب: :" امرأة مغربية حرة وسيدة مصيرها وفي نفس الوقت إنسانة بنت البشرية". | |
| |