عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-11-27, 16:58 رقم المشاركة : 2
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

lesson رد: رقصة الهيت بجهة الغرب .


ظاهرة الهيت ظاهرة اجتماعية:


إن انبثاق هذه الظاهرة/ الرقصة الشعبية من الواقع الموضوعي المتحرك...واقع المجتمع البدوي الذي يمارسها بشكل واع وهادف وبنشوة متميزة تجعل الإنسان الراقص يعيش في عالم الأحلام الجميلة عالم الجذبة والشطحات..كما بعيشها المتصوف وإن كان هناك اختلاف بينهما،من أجل ذلك نجد سكان الغرب يسمون « الهيت » ب « الشطيح » وراقص الهيت يرقص بطريقة هستيرية والعرق بتصبب من جسمه بأكمله. أنها رقصة الجماعة الراقصة وليست رقصة الفرد وحده، ومن هنا تكمن أهميتها الاجتماعية والإنسانية والثقافية كما أنها ليست حكرا على فئة دون غيرها، بل للكل الحق في ممارستها بشرط أن لا يخل بنظامها العام، لأنه سيثير غضب المتفرجين والراقصين والعازفين.





وعلى مستوى آخر لا يقل أهمية، في الواقع الغرباوي، إنه واقع الأعراس والحفلات في علاقته بهذه الرقصة الشعبية المحلية التي لا تخلو من حركات فنية جميلة هادفة – كما قلنا – إنها الرقصة التي تقدس أيام العمل كما يقدسه الإنسان البدوي المعروف بحبه للأرض وللعمل لكل الفصول والأوقات. هناك علاقة واعية بين القيام بهذه الرقصة أي بإقامة الأعراس والحفلات، وانتهاء العمل في الواقع البدوي الغرباوي، بحيث يستحيل عند الإنسان البدوي الغرباوي أن يقيم حفلا أو عرسا وهو لم ينته بعد من أعماله، حيث يصبح الحفل أو العرس هو عرس الجماعة التي تشارك فيه بالدعم المعنوي والمادي والذي يتجلى مثلا، في الهدايا المتنوعة لأهل العرس من طرف سكان الدوار أو القبيلة.




ومن هنا يتجلى التضامن الجماعي واحترام المصالح المشتركة ... الخ. التي تعبر عن النزعة الإنسانية والإجتماعية والجمعية والمجتمعية ..داخل واقع المجتمع البدوي الغرباوي. وهكذا يكون الاهتمام الذي أولي لظاهرة/ رقصة الهيت كرقصة شعبية فنية مشتركة والإحساس بأهمية العمل وتحديد وقت الحفلات والأعراس، كل ذلك يترجم بوضح أهمية الوعي الجمعي بالأهداف المشتركة لدى سكان المجتمع البدوي وهذا تعبير واضح عن التصورات الذهنية والتشكيلات الاجتماعية، التي تتجسد في الواقع الاجتماعي البدوي الغرباوي. فمنطق التماسك والتضامن والتعاون كان هو القاعدة الأساسية للمجتمع البدوي بصفة عامة والغرباوي بصفة خاصة. لكن كيف بدأت تلك الأسس تنهار وتلك الأسس تنهار وتلك العلاقات المتينة تتفكك..وتلك الأهداف العامة تتجزأ وتتمزق تلك هي الإشكالية التي سنتناولها بالتحليل والمناقشة والنقد. قدر الإمكان في كثير من المواضيع التي تهتم بها هذه القراءة.




ظاهرة الهيت ظاهرة نفسية وأخلاقية :




يمكن أن نتساءل كذلك، بخصوص هذه العلاقة بين رقصة الهيت والظواهر النفسية، في المحافظة على التماسك الاجتماعي والتضامن والتعاون في مجالات كثيرة، منها مثلا، ظاهرة الأعراس وبالخصوص ظاهرة الزواج في المجتمع البدوي حيث تتحول هذه الرقصة الشعبية والتراثية من ممارسة اجتماعية إلى ممارسة فنية ونفسية كذلك.




ممارسة تخدم الجماعة كما تخدم الفرد وذلك بمساعدة هذا الفرد/ الزوج على حل مشكل نفسي هو مشكل البكارة أو الإفتضاض حين تعمل هذه الظاهرة على عدم سماع بكاء وصياح العروسة أثناء عملية الافتضاض من جهة، وعلى تشجيع العريس لمواجهة هذا الواقع والتغلب على الخوف، في غياب المتربصين والمتلصصين، الذين يريدون معرفة ما يجري بين العروسة والعريس أثناء لقائهما ليلة الزفاف والافتضاض وهكذا وبفضل تدخل عائلة العريس والعروسة وبعض الأصدقاء المقربين ...يطلب من الكل الالتحاق ب " لفراجة " أي الهيت / الفرجة التي يقوم بها العازفون والراقصون وذلك لترك عملية " الافتضاض " تمر في ظروف هادئة وسليمة.




وهكذا فلما يتعلق الأمر برقصة الهيت من غير نسيان كل العناصر التي تساهم بالقيام بها من عازفين وراقصين ومتفرجين يتم الحديث عن العلاقات المرتبطة والمتداخلة والمتشابكة...في شكلها الاجتماعي الثقافي والأخلاقي النفسي والتراثي الوعيي والفني الإنساني والمجتمعي...لخ. حيث نجد في مجلة " الرائد " 1 ص 25 : " تضخيم للبكارة الغشاء / اختزال المرأة الإنسان" و" غشاء البكارة هذا يتضمن أضخم رموز العفة والطهارة والصون. وليس فقط لحاملته ولكن أيضا بالنسبة للأب والعم والخال، للأسرة بأكملها، بل العشيرة والقبيلة إن اقتضى الحال".




لكن، وكما قلنا، فبعد الوقوف الضروري على ظاهرة/ رقصة الهيت في شكلها الإنساني والاجتماعي الثقافي والأخلاقي الفكري والفني... الخ. لابد من الإشارة إلى الخطر الذي أصبح ناقوسه يدق من قريب إنه ناقوس إتلاف وتغييب، هذه الظاهرة/ الرقصة الشعبية الهادفة، فالناظر المتعمق والباحث المهتم بالواقع البدوي الغرباوي، سرعان ما يندهش ويصاب بخيبة أمل، حين يحضر عرسا من أعراس هذا الواقع الغرباوي (الآن)، هذه الدهشة الخائبة عادة ما تعود إلى مشكلة أساسية وشائكة..تتجلى في أن هذه الظاهرة الشعبية بمفهومها العام قد حلت محلها ظاهرة «المجموعات» مثل «مجموعة الراي» وغيرها والتي أصبحت تشكل خطرا لا على الأغنية الشعبية الهادفة فقط، بل على التراث الشعبي بصفة عامة والبدوي بصفة خاصة. بطبيعة الحال، هنا، نقصد المجموعات الغير ملتزمة، الهجينة والساقطة، التي لا يهمها التراث ولا الفن، بقدر ما يهمها الجانب المادي. فتلتجئ إلى الأغاني الساقطة والرقصات المبتذلة والمميعة التي تشجع على تعاطي المخدرات وممارسة الفساد بكل أشكاله.




هذا التخلي أو الإهمال والتهميش للتراث الشعبي البدوي عموما وللثقافة الغرباوية خصوصا ولرقصة الهيت على الأخص، لم يكن تخليا أو تهميشا بريئا، بقدر ما كان مقصودا وهادفا، بمعنى أن أغلبية هذه «المجموعات» بأغانيها ورقصاتها لا ترتبط بالواقع المعاش للإنسان البدوي على الخصوص، باعتباره إنسانا يعاني من مجموعة من المشاكل ذات الطابع الخاص والعام، بل تساهم في تكريس الوضع المتأزم المفجوع وذلك بتحريفه وتزييفه...الخ.وقد ترتب عن ذلك، نفور من رقصة الهيت في أوساط الشباب البدوي الغرباوي المتأثر بما هو دخيل وسلبيعلى واقعه الموضوعي الأصلي والحقيقي.




وإذن، كيف ستكون الثقافة الشعبية الغرباوية على الخصوص والبدوية على العموم، التي أصبحت ترتدي لباسا لا ينسجم مع واقعها الموضوعي والإنساني والاجتماعي والأخلاقي والفني والتراثي ..الخ!؟!.




من غير شك سنجد أنفسنا أمام شخصية ممزقة على جميع المستويات لأن تكوينها لم يكن تكوينا واقعيا وسليما وبريئا، هذا ما يجعل الثقافة المحلية تتفكك بتفكك المجتمع البدوي، فتصبح الهجرة ملاذ كل الحائرين والتائهين المجبرين والمعوزين الضائعين في عالم الأوهام والأساطير.




يقول القاص إدريس الصغير في روايته« الزمن المقيت »2 ص 58:« كنا نهيت، ليس لي من رقصة الهيت.هذه الرقصة المجنونة التي يرقصها الفلاحون عندنا في موسم الحصاد، فيجذبون في الحلبة حتى تنهار أجسادهم بعد موسم شاق مليء بالأتعاب كنا نوقع على الأرض بأقدامنا بطريقة هستيرية، توقع بقدميك وترقص كتفيك وتصيح دون انقطاع : هاو هاو هاو . فتعرق وترتخي عضلات جسمك، ثم تصعد إلى عالم تتوحد فيه بالآخرين .لا تعود الأجساد في ملك أصحابها، ثم لا تميز بعد ذلك بينها وهي تهتز وترتعش ".




هكذا ومن خلال هذه الأقوال – وكما هو معروف كذلك – إذا كانت رقصة الهيت هي عبارة عن حركات متنوعة ودالة حركات طقوس معينة، تحمل أصحابها إلى عالم الجذبة والنشوة لا يحس بذلك إلا الممارسون لهذه الرقصة بحب وإخلاص. إنها رقصة منبثقة من عمق الواقع الموضوعي ومرتبطة بالإنسان البدوي من غير نسيان الإنسان الحضري الذي يعرف هذه الرقصة ويمارسها هو الآخر، كلما أتيحت له الظروف إنها الرقصة التي تحول الراقص البدوي المجذوب والمتحيرإلى عالم النفحة الصوفية عالم النشوة والروح ...!.




وإذن، إن رقصة الهيت الشعبية في الواقع البدوي الغرباوي هي ظاهرة إنسانية واجتماعية اقتصادية وسياسية تراثية وثقافية نفسية وحيوية إنها ذات وظائف متعددة ومتنوعة رغم بساطة طبيعة نشأتها وبساطة آلاتها وعناصرها ...الخ.




وإذا كانت هذه الرقصة الشعبية البدوية، قد تعرضت للغزو والمطاردة والإهمال والتهميش، من طرف عدة عناصر وفي مقدمتها " الأغنية" الساقطة والرقصات المبتذلة والمميعة نتيجة سياسة التسلط والهيمنة والتبعية في عصرنا المعاصر، فلقد أصبح من الضروري الاهتمام بها .




ولعل ما يثير الانتباه والاهتمام بظاهرة الهيت هنا، في مشرع ابن القصيري هو أهمية النصوص التي ترددها الفرقة الموسيقية المتكونة من الغياطة والطبالة والهياتة والراقصين وهكذا في جو جميل ومنظم حين يسكت الغياطة والطبالة بعض اللحظات، نسمع أصواتا تردد هذه الكلمات مع دقات البنادير: " اتقب الزرب وادخل " هذا الكلام إشارة إلى بعث الحماس والقوة في نفسية العريس من أجل أن يدخل على العروسة ليلة زفافها من أجل افتضاض بكارتها بدون خوف أو خجل ...الخ.




وسواء كان ذلك الكلام موجها إلى العروسة أو إلى التعريجة/التعريجات فإنه لا يخلو من رمزية دالة وواقعية هادفة. وهكذا وبطريقة أجمل من الأولى تردد، كذلك مجموعة من الأصوات في تناغم منسق ومضبوط.. مع التعريجة والتعريجات والتي ترمز إلى العروسة وتدافع عنها، وذلك من خلال مواجهة البندير والرد عليه كما يبدو واضحا من خلال هذا الصوت/ الكلام : واللاهلا رشقالك " عدة مرات وكأن التعريجة / العروسة تسخر من البندير / العريس وتحاول التغلب عليه بطريقة فنية جميلة. وهذا نوع من الخطاب السخري، الذي يتم بين البندير والتعريجة بين العريس والعروسة على شكل صياغة موسيقى متلازمة ومنسجمة ومتماسكة . ويتجسد هذا الخطاب الرمزي على مستوى الواقع الموضوعي المعيش من خلال مجموعة من الصور والمشاهد التي يمكن استخلاصها ليلة زفاف العروسة وافتضاض بكارتها مثل: " إن السباق إلى الضرب بالبلغة بين العريس والعروسة سيحدد مصير المنتصر في الحياة الزوجية " ولهذه العملية تأثير بليغ على نفسية العريس، مثلا، حين يعجز على افتضاض بكارة العروسة بالرغم من عريها وإزالة سروالها. وهذه علامة استعداد العروسة وشجاعتها وفشل العريس وانهزامه. وهذا تجسيد كذلك للخطاب الرمزي السابق بين البندير والتعريجة!

أما الغيطة والطبل، فالموسيقى الجميلة الصادرة عنهما، هي إشادة بالعرس وكذلك بأهل العريس والعروسة من غير نسيان ترديد اسم الله واسم الرسول صلى الله عليه وسلم كما يبدو واضحا في هذا الكلام الذي يردده الجوق الموسيقي في صباح العرس وكذلك أثناء تقديم بعض الهدايا" لا إله إلا الله محمد رسول الله " .

ولقد جاء في جريدة " القنطرة " الصادرة بمدينة القنيطرة ، العدد : 4 أبريل 1995 : "أنواع الهيت : الهيت ثلاثة أنواع :
  • هيت حسناوي نسبة إلى بني احسن بنواحي سيدي قاسم وهو يتميز بإيقاعه وحركاته المتوسطين .
  • هيت حدادي وهو يتميز بإيقاعه البطيء تتفنن به جماعة الحدادة المحاذية لمهدية ومنها اشتق اسمه.
  • هيت غرباوي ويتميز بإيقاعه السريع ويتمركز بين القنيطرة وسيدي سليمان".
بوسلهام الكط : من وحي التراث الغرباوي







التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
آخر تعديل الشريف السلاوي يوم 2013-11-27 في 17:11.
    رد مع اقتباس