عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-09-04, 09:07 رقم المشاركة : 1
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي نصائح للمعلمين والمعلمات بمناسبة بدء العام الدراسي


بسم الله الرحمن الرحيم
نصائح للمعلمين والمعلمات بمناسبة بدء العام الدراسي

عزيزي المعلم عزيزتي المعلمة
بقلم :علي بن صالح الجبر البطيّح


أيُ ثقة أكبر من ائتمان الناس لكما على عقول أولادهم , تصنعان وتصيغان العقول كما تشاءان؟
وأيُ شرف لكما هذا الإرث ؟
إرث الأنبياء والمرسلين – عليهم الصلاة والسلام - , لأنهم لم يورّثوا ديناراً ولادرهما, وإنماورّثوا العلم ,فمن أخذه أخذ بحظ وافر , يواجهكما ويقف في طريقكما عقبات ومثبطات كثيرة لكنها لاتثني من عزمكما وإصراركما على حمل هذه الرسالة العظيمة والإرث الكبير , ولعل ما يصادفكما مما يعكّر صفو كما من قيمة المعلم والمعلمة وقلة هيبتهما في هذه الأزمان بالذات , ابتلاء قدّره الله تعالى لكما ليمتحن صبركما على ذلك , ألم تعلما أن الله وملائكته حتى النملة في جحرها ليصلون على معلم الناس الخير , وأنتما ممن يعلم الناس الخير , والكل يغبطكما على ذلك لكنهم لايفصحون , لذة النهاية تقطفانها يوم أن يقف الجيل من أبنائنا وبناتنا إكباراً ووفاءً لكما جزاء صنيعكما وصبركما , وإننا لنرى عدداً من معلمين سابقين متقاعدين في بعض الأماكن فنقف لهم إجلالاً فضلا عن طبع قبلة حارّ على جبينهم , صبروا على طيشنا وسفهنا , يتقاعد عدد لايحصى من الموظفين غيركما فلا يجدون ماتجدان , بمجرد تقاعدهم وتركهم للعمل ينتهي كل شئ إلا أنتما فقد طبعتما في الذاكرة , وقد سئل عدد كبير ممن تقلدوا مناصب وظيفية عليا ونجحوا في حياتهم, من تتذكّر ممن كان له أكبر الأثر عليك ؟ فجاءت الإجابات متواترة على معلم أو معلمين كانت لهم بصمات وبصمات , عزيزي المعلم عزيزتي المعلمة : تذكّرا أن بين أيديكما الآن من سيكون أوتكون لها شأن كبير في قابل الأيام , فياترى ماالرسالة التي تريدان أن توصلاها إلى الجيل من الآن , عزيزي المعلم عزيزتي المعلمة : لاتعبأا بنظرة المجتمع لمكانتكما عن ذي قبل , فأنتما بعتما واشتريتما مع الله تعالى ومن باع واشترى مع الله أفلح وسعد , لأنه يؤمن بالخلف العاجل من ربه لامن الخلق , فأنتما تقبضان أجركما من ذي الفضل والإحسان لامن فلان وعلاّن , فسيرا وفقكما الله ولاتلتفتا لما يقال , فإن الغزالة إذا التفتت أدركها الصيّاد , ولتجرِ رسالة التعليم في عروقكما , ولتصل الحال بكما أن تترقبا دخول الصف بكل شوق ولهفة , وكلي أمل أن نصل بمعلمينا ومعلماتنا إلى هذا الطموح في عشق رسالة التربية والتعليم , ووجود الأنس والبهجة والسرور بها , فنعم الاختيار اختياركما , بينما اختار غيركما سوى ذلك , سددكما الله وأعانكما , وبارك فيكما … آمين


========================================

القدوة ... القدوة !!

بقلم : عبدالله البصري


ونحنُ نَستَعِدُّ لاستِقبالِ عامٍ دراسيٍّ جديدٍ ، قَد هيَّأنا لأبنائِنا فيه كُلَّ ما يحتاجونه مِن مُستلزماتٍ دِراسيةٍ ، مِن كُتُبٍ ودفاتِرَ وأقلامٍ ونحوِها ، فَإِنَّ هاهُنا تساؤلاً قد يَرِدُ على أَذهانِ كثيرٍ مِنَ الآباءِ : لماذا نَستَعِدُّ في أولِ كلِّ عامٍ ونَبذُلُ ونُنفِقُ ، ونُوَفِّرُ لأبنائِنا طُوالَ العامِ كلَّ ما يَطلبون ، ثم نُفاجَأُ بِأَنَّ النتائجَ في نهايةِ كُلِّ فصلٍ أَضعفُ مِنَ الذي قَبلَهُ ؟ ولماذا يَبدَأُ عَدَدٌ مِنَ الأبناءِ مَسيرتَهُ التَّعلِيمِيَّةَ مِنَ المتفوقين ، ثم لا تمرُّ به الأعوامُ إلا وَينقُصُ تفوُّقُهُ ويَقِلُّ نَشَاطُهُ ، حتى إِنه قد يُصبِحُ بَعدَ النجاحِ مخفِقًا ، وبَعدَ التفوقِ مُقَصِّرًا ؟ وَمَعَ أَنَّ لهذا الأمرِ أسبابًا كثيرةً مُعقَّدَةً ، يحتاجُ الكلامُ عليها وتفصيلُها بحثًا طويلا ودراسة مفصلة ، إِلاَّ أَنَّ هَاهُنا مَسأَلَةً مُهِمَّةً يَنبغِي التَّنَبُّهُ لها ، بل هي قاعدةٌ ‏تربويةٌ يجبُ أَن يَعِيَها الآباءُ والأولياءُ ، قَبلَ أَن يُطالِبُوا ‏أَبناءَهم بِتَشَرُّبِ مَا يُلقِيهِ عليهم مُعلِّمُوهُم ، والتِهَامِ ما ‏يَطَّلِعون عليه في كُتُبِهِم ، والنجاحِ في حياتِهِم ومُستَقبَلِ أَمرِهِم ، تلكم هي مَسألةُ وُجُودِ القُدوةِ ‏الحسنةِ ، وَتَوَفُّرُ النموذجِ الحيِّ الذي يُحتذَى .

إِنَّ ‏المعلوماتِ والقَوَاعِدَ التي يتلقَّاها الأبناءُ في محاضِنِ التربيةِ ‏وَأَماكِنِ التعليمِ ، تَبقَى رَسُومًا جَامِدَةً لا حَيَاةَ فيها ولا ‏حِرَاكَ ، فإذا هَيَّأَ اللهُ لها مَن يَنفُخُ فيها رُوحَ التَّطبيقِ مِن ‏أبٍ أو أخٍ كبيرٍ ، آتَت ثمارَها وظَهَرَت آثارُها ، وَرَسَخَت ‏في أذهانِ الطلابِ وعُقُولِهِم رُسُوخَ الجبالِ الراسيةِ ، وَأَمَّا ‏إِذَا كان المعلمون يَبنُونَ كُلَّ يَومٍ لَبِنَةً ـ وهي وللأسفِ ‏ضَعِيفةٌ ـ ثم يَهدِمُ المجتمعُ أَلفَ لَبِنَةٍ بما يَرَاهُ المتعلمُ عَلَيهِم ‏مِن مخالفاتٍ لما تَعَلَّمَه ، فَأَنَّى لِبُنيانِ العِلمِ يَومًا أَن يَقومَ ‏ويَرتَفِعَ ؟ وَكيفَ لِصرحِ الأَخلاقِ والآدَابِ أَن يَصلُبَ ‏ويَشتَدَّ ؟

متى يَبلُغُ البُنيَانُ يَومًا تَمَامَهُ *** إِذَا كُنتَ تَبنِيهِ وَغَيرُكَ يَهدِمُ
أَرَى أَلفَ بَانٍ لا تَقُومُ لِهَادِمٍ *** فَكَيفَ بِبَانٍ خَلفَهُ أَلفُ هَادِمِ

كَيفَ يحافِظُ الولدُ على الصلاةِ وَأَبوهُ لها مِنَ المهملين ؟ ‏كيف يخِفُّ لأداءِ صلاةِ الفجرِ مَعَ الجماعةِ وأبوه عنها مِنَ ‏المتكاسلين ؟ متى يَتَعَلَّمُ الصِّدقَ في القَولِ والوَفَاءَ بِالوَعدِ ‏، وهو يَرَى وَالِدَهُ يَكذِبُ ويخُلِفُ ؟ متى يَعي حُرمَةَ ‏الغِشِّ وَوَالِدُهُ يَغُشُّ في بَيعِهِ وشِرائِهِ ومعاملاتِهِ ؟ وَمَن هذا الطالبُ ‏الذي سَيُكرِمُ جَارَهُ ، وَوَالِدُهُ وجارُهُ مُتلاحِيَانِ مُتَخَاصِمَانِ ‏؟ وَأَيُّ طَالِبٍ سَيُطَبِّقُ مَا تَعَلَّمَهُ عَن صِلَةِ الرَّحِمِ ، وَأَبوهُ ‏مُصارِمٌ لأَخيهِ مُقاطِعٌ لِبَني عَمِّهِ وأقاربِهِ ؟ وهل سَيَعرِفُ أبناؤُنا ‏حُقُوقَ إِخوانِهِم المسلمين ، أو يقدرون أَنظِمَةً ويَعمَلُون ‏بِتَعلِيمَاتٍ ، أو يحافظون على مُقَدَّراتٍ ، وَنحنُ نُعَوِّدُهُم عَلى أَضدَادِ ذلك ؟!! ‏إِنَّهُ لأَمرٌ يَتَقَطَّعُ منه القَلبُ أسًى ، أَن نَكونَ ـ نحنُ الأَوليَاءَ ـ أَوَّلَ ‏العَقَبَاتِ التي يَصطَدِمُ بها أَبناؤُنا بَعدَ خُرُوجِهِم مِن ‏مُؤَسَّسَاتِ التعليمِ ومَعَاهِدِ الدِّرَاسةِ ، حتى لَكَأَنَّنَا نَقُولُ لهم بِلِسانِ حَالِنا : يَكفِيكُم حِفظُ مَا تَعَلَّمتُمُوهُ في عُقُولِكم ، ثم تفريغُهُ على أوراقِ الإجابةِ في الاختباراتِ ، ولا يهمُّنا بَعدَ ذلك طَبَّقتُمُوهُ أَم أَهملتُمُوهُ !! ‏

وَأَمَّا حِينَ يَكونُ المعلمُ هو أَوَّلَ الهادِمِينَ ، بما يَلحَظُهُ ‏طلابُهُ مِن فَرقٍ بَينَ مَا يَقُولُهُ في المدرسةِ وما يَعملُهُ خارجَها ، وبما يَرَونَهُ مِن ‏مُفَارَقَاتٍ بَينَ أَوَامِرِهِ المِثالِيَّةِ مُعَلِّمًا في الفصلِ ، وَتَصَرُّفاتِهِ المُغايِرَةِ مُوَاطِنًا يمشِي ‏في الشَّارِعِ أو في السوقِ ، وكأنه لا يَعرِفُ ممَّا كان يُلقِيهِ في ‏دُرُوسِهِ شَيئًا ، فَإِنَّ تِلكَ هي أَكبرُ خَطِيئةٍ يَرتكِبُها في حَقِّ ‏مجتمعِهِ ، وَأَعظَمُ ذَنبٍ يَقترِفُهُ ويُهَوِّنُُ على طلابِهِ اقترافَهُ .‏

يا أيها الرَّجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ *** هَلاَّ لِنَفسِكَ كان ذَا التَّعلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَا *** كَيمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنتَ سَقِيمُ
وَنَرَاكَ تُصلِحُ بِالرَّشَادِ عُقُولَنَا *** أَبَداً وَأَنتَ مِنَ الرَّشَادِ عَدِيمُ
اِبدَأْ بِنَفسِكَ فَانهَهَا عَن غَيِّهَا *** فَإِذَا انتَهَت عَنهُ فَأَنتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يُقبَلُ مَا تَقُولُ وَيُقتَدَى *** بِالعِلمِ مِنكَ وَيَنفَعُ التَّعلِيمُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ *** عَارٌ عَلَيكَ إِذَا فَعَلتَ عَظِيمُ

إِنَّهُ مَا لم يَكنْ هُنَاكَ تَوَافُقٌ بَينَ العِلمِ وَالعَمَلِ ، وَتَنَاغُمٌ ‏بَينَ التَّنظِيرِ وَالتَّطبِيقِ ، وَبِيئَةٌ داخلَ المدرسةِ وخارجَها يَتَهَيَّأُ لِلمُتَعَلِّمِ فيها شَوَاهِدُ حيَّةٌ ‏على إِمكانِيَّةِ تحقُّقِ مَا تَعَلَّمَهُ وَاقِعًا مَلمُوسًا ، فَلَن يَزيدَنَا ‏التَّعلُّمُ حِينَئِذٍ إِلاَّ مَقتًا لأَنفُسِنَا ، شَاهِدُ ذلك في كِتابِ رَبِّنا ، إذ يَقولُ ـ سبحانَه ـ : " يَا أيها الذين آمنوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا ‏تَفعَلُونَ . كَبُرَ مَقتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفعَلُون " لَقَد ‏كان كثيرٌ مِن أَجدَادِنا وَآبائِنا وَهُم على جَانِبٍ مِنَ العِلمِ ‏قَليلٍ ، كَانوا خَيرًا مِن كَثِيرٍ مِن أَبنائِنا اليَومَ ، الذين لا نُسَمِّيهِم ‏مُتَعَلِّمِينَ ، وَلَكِنْ يحِقُّ أَن نَسِمَهُم بِأَنصَافِ المُتَعَلِّمِينَ ، ‏لأنهم اكتفوا مِنَ العِلمِ بِحِفظِهِ ، وَمِن قَوَاعِدِهِ بِاستِظهَارِهَا ‏، ولم تحظَ أَرضُ الوَاقِعِ مِنهُم بِتَطبِيقٍ وتحقِيقٍ .‏ فَيَا أيها الآباءُ والأولياءُ والمعلمونَ ،، القُدوَةَ القُدوَةَ ، ‏وَيَا أيها الأَبناءُ ، التَّطبِيقَ التَّطبِيقَ لما تَعَلَّمتُم ، فَإِنَّ قليلاً ‏مِنَ العِلمِ مَعَ العَمَلِ وحُسنِ الأَدَبِ ، خيرٌ مِن كثيرٍ مِنَ العِلمِ بِلا عَمَلٍ ، وَ‏مَا نَقَصَ اليَهودَ عِلمٌ إِذْ مَقَتَهُمُ اللهُ وغَضِبَ عَلَيهِم ، ‏وَإِنما لأنهم عَلِمُوا فَلَم يَعمَلُوا ، وَتَعَلَّمُوا فَلَم يُطَبِّقوا ، وَعَرَفُوا فَلَم يَلزَمُوا ، ‏بل تحايَلُوا على مخالَفَةِ الأَوَامِرِ وارتكابِ النواهي ، وَاقتَرَفوا المَعَاصِيَ وهُم ‏يَعلَمُونَ .‏

أيها الآباءُ والمعلمون ، إِنَّ الأبناءَ يُولَدُونَ وَهُم على الخيرِ ‏مَفطُورُونَ ، وَعَلَى اتِّباعِ الحقِّ مجبولُون ، قُلُوبُهُم طَاهِرَةٌ ‏، وَصُدُورُهُم مُنشَرِحَةٌ ، وَنُفُوسُهُم على الخيرِ مُقبِلَةٌ ، ونحنُ ‏الذينَ نملِكُ تَثبِيتَ تِلكَ الفِطرَةَ أَو تَغيِيرَهَا ، قال ـ صلى ‏اللهُ عليه وسلم ـ : " كُلُّ مَولُودٍ يُولَدُ على الفِطرَةِ ، ‏فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو يمُجِّسَانِهِ أَو يُنَصِّرَانِهِ " ‏فَمَاذَا نحن فاعلون ؟!‏ هل سَنعمَلُ على تَثبِيتِ فِطرَةِ اللهِ التي فُطِرَ أَبنَاؤُنا عَلَيهَا بجَعلِ أَنفسِنا قُدوَةً لهم في الخيرِ وتَسييرِهِم على الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ ؟ أَم سَنترُكُهُم يَتَّبِعُونَ السُّبُلَ المُغوِيَةَ المُضَلِّلَةَ فَتَفَرَّقَ بهم عن السَّبِيلِ ؟

أيها الأبُ الكريمُ والوالدُ الرحيمُ ، إِنَّكَ لا تَتَعَامَلُ مَعَ بهائمَ في مَشرُوعِ تَسمِينٍ ، فَتَكتَفِي بِمَلءِ بُطُونِ أَبنَائِكَ وَكُسوَتِهِم وتَوفِيرِ المأوى لهم ، وَلستَ جَلاَّدًا تَلجَأُ إِلَيكَ الأُمُّ حِينَمَا تَعجِزُ عَن أَبنَائِهَا ، لِتَصُبَّ جَامَ غَضَبِكَ عَلَيهِم ، لَكِنَّكَ مُرَبٍّ فَاضِلٌ وَمُوَجِّهُ قَدِيرٌ ، أَو هَكَذَا يجِبُ أَن تَكونَ ، بَل إِنَّكَ أَنتَ المعلِّمُ الأَوَّلُ والمُربِّي الأَسَاسُ ، وَإِذَا أَنتَ لم تُحسِنِ التَّربِيَةَ وَالتَّأدِيبَ لأَولادِكَ وهم لا يَتَجَاوَزُونَ خمسَةً أو سِتَّةً ، فَلا تَلُمْ مُعَلِّمًا يُدَرِّسُ في الفصلِ عِشرِينَ طالبًا أو ثلاثِينَ ، أو مُدِيرًا في مَدرسَتِهِ عَشَراتٌ مِنَ الطلابِ ، هُم مِن بُيُوتٍ مختلفةٍ ، وَنِتَاجُ تَربِيَاتٍ مُتَغَايِرَةٍ ، فِيهِم الكبيرُ والصغيرُ ، وَمِن بَينِهِم وَلَدُ الغَنيِّ وابنُ الفَقِيرِ ، وفِيهِم مَن فَقَدَ أُمًّا أَو أَبًا ، وَمِنهُم المَرِيضُ أَو المُصابُ ، فَاعرِفْ دَورَكَ وَافهَمْ مُهِمَّتَكَ ، كُن بِأَبنَائِكَ رَحِيمًا شَفِيقًا ، وفي تَعَامُلِكَ مَعَهُم وَدُودًا بَشُوشًا ، قَوِّ العِلاقَةَ بَينَكَ وبَينَهُم ، وَاشدُدْ حِبالَ الأَوَاصِرِ بهم ، رَبِّهِم قَبلَ أَنْ تُطالِبَ غَيرَكَ بِتَربِيَتِهِم ، ولُمْ نَفسَكَ قَبلَ أَن تَلُومَ الآخَرِينَ ، صَاحِبْهُم وَحَافِظْ على فِطَرِهِم سَلِيمَةً وَأَخلاقَهُم حَسَنَةً ، قَبلَ أَن يَتَلَقَّفَهُم أَصدِقاءُ السُّوءِ وَأَصحَابُ الفَسَادِ ، فَيُغَيِّرُوا فِطَرَهُم وَيَعِيثُوا بِأَخلاقِهِم ، تَذَكَّرْ أَنَّكَ أَنتَ المَسؤُولُ الأَوَّلُ عَنهُم قَبلَ المدرسةِ ومن فيها ، يَقولُ اللهُ ـ سبحانَه ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُم وَيَفعَلُونَ مَا يُؤمَرُونَ " ويقولُ ـ سبحانَه ـ : " وَأْمُرْ أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيهَا لا نَسْأَلُكَ رِزقاً نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى " ويقولُ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ : " كُلُّكُم رَاعٍ وكُلُّكُم مَسؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ " ويقولُ : " كَفَى بِالمَرءِ إِثمًا أَن يُضَيِّعَ مَن يَعُولُ " ويقولُ : " إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَجُلٍ عَمَّا استرعَاهُ أحفِظَ ذلك أَم ضَيَّعَهُ حتى يَسأَلَ الرَّجُلَ عَن أَهلِ بَيتِهِ " ويقولُ : " مُرُوا أَولادَكم بِالصَّلاةِ لِسَبعٍ وَاضرِبُوهُم عليها لِعَشرٍ "
إنَّكم ـ أيها الآباءُ ـ لم تُقَصِّرُوا في وَاجِبِ النَّفَقَةِ على أَبنَائِكم ، لا في طَعَامٍ ولا كِسَاءٍ ، ولا مَأوًى ولا دَوَاءٍ ، رَبَّيتُمُ الأَجسَادَ وَسمَّنتُمُ الأَجسَامَ ، أَركبتُمُوهُمُ السَّيارَاتِ ، وَملأتم جُيُوبَهُم بِالرِّيَالاتِ ، وَأنتُم على ذلك إِذَا اقتصدتم وَتَوَسَّطتُم مَأجُورُونَ مُثابون ، قال ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ : " أَفضَلُ دِينَارٍ يُنفِقُهُ الرَّجُلُ دِينارٌ يُنفِقُهُ على عِيَالِهِ ، ودِينارٌ يُنفِقُهُ على دَابَّتِهِ في سَبِيلِ اللهِ ، وَدِينارٌ يُنفِقُهُ على أَصحَابِهِ في سَبيلِ اللهِ " رواه مسلمٌ ، وَلَه مِن حَدِيثِ أبي هُريرةَ ـ رضي اللهُ عنه ـ : " دِينارٌ أَنفقَتَهُ في سَبيلِ اللهِ ، ودِينارٌ أنفقتَهُ في رَقَبَةٍ ، ودِينارٌ تَصَدَّقتَ بِهِ على مِسكِينٍ ، ودِينارٌ أَنفقتَهُ على أَهلِكَ ، أَعظَمُها أَجرًا الذي أَنفَقتَهُ على أَهلِكَ " فَأَللهَ أَللهَ في الأَهَمِّ والأَسمى ، أَللهَ أَللهَ في الأَثبَتِ وَالأَبقَى ، أَللهَ أَللهَ في تَربِيَةِ العُقُولِ وَإِصلاحِ القُلُوبِ ، الأَروَاحَ الأَروَاحَ فَزَكُّوها ، القُدوَةَ القُدوَةَ فَوَفِّرُوها ، الأَخلاقَ الأَخلاقَ فَهَذِّبُوها ، الآدَابَ الآدَابَ فَعَلِّمُوها .

يَا خَادِمَ الجِسمِ كَم تَسعَى لِخِدمَتِهِ *** أَتعَبتَ نفسَك فِيمَا فِيهِ خُسرَانُ
أَقبِلْ عَلى الرُّوحِ فَاستَكمِلْ فَضَائِلَهَا *** فَأَنتَ بِالرُّوحِ لا بِالجِسمِ إِنسانُ

رَبُّوا أَبنَاءَكُم قَبلَ التَّعلِيمِ ، وَأَدِّبُوهُم قَبلَ التَّفَقُّهِ ، فَإِنَّهُ لا عِلمَ إِلاَّ بَعدَ تَربِيَةٍ حَسَنَةٍ وَأَدَبٍ جَمٍّ ، وَهَذَا رَبُّكُم ـ جل وعلا ـ يُخاطِبُ كَلِيمَهُ مُوسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ فَيَقُولُ : " إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعلَيكَ إِنَّكَ بِالوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى . وَأَنَا اختَرتُكَ فَاستَمِعْ لِمَا يُوحَى . إِنَّني أَنَا اللهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعبُدْني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكرِي " لَقَد عَلَّمَهُ ـ سبحانَه ـ أَدَبَ المَكَانِ فَقَالَ : " اِخلَعْ نَعلَيكَ " وَعَلَّمَهُ أَدَبَ الحدِيثِ فَقَالَ : " فَاستَمِعْ لما يُوحَى " ثم أَوحى إِلَيهِ بِأَجَلِّ عِلمٍ وَأفضَلِ فِقهٍ ، وهو التَّوحِيدُ والشَّرِيعَةُ فَقَالَ : " إِنَّني أَنَا اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعبُدني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكرِي " وَهَذِهِ أُمُّ الإِمامِ مالكِ بن ِأنسٍ ـ رحمةُ اللهِ عليه وعليها ـ لما أرادت لابنِها أَن يَطلُبَ العِلمَ أَلبَسَتهُ أَحسَنَ الثِّيَابِ ، ثم أَدنَتهُ إِلَيها وَمَسَحَت على رأسِهِ ، وَقَالَت : يَا بُنيَّ ، اِذهَبْ إلى مجالسِ رَبِيعَةَ ، وَاجلِسْ في مجلسِهِ ، وَخُذْ مِن أَدَبِهِ وَوَقَارِهِ وَحِشمَتِهِ قَبلَ أَن تَأخُذَ مِن عِلمِهِ .. فَرَحِمَهَا اللهُ مَا أَعقَلَهَا ! عَلَّمَتهُ الأَدَبَ قَبلَ أَن يجلِسَ في مجلِسِ الطَّلَبِ . وهكذا يجِبُ أَن يَكونَ الوَالِدَانِ لابنِهِمَا ، يُعَلِّمَانِهِ الأَدَبَ مَعَ مُعَلِّمِيهِ وفي مدرستِهِ ، لا أَن يجعلا بَينَهُ وبَينَ ذلك سَدًّا بما يَسقِيَانِهِ مِن مَسَاوِئِ الأَخلاقِ ، أو يُقِرَّانِهِ عليه مِن مَرذُولِ الطِّباعِ وَقَلِيلِ الأَدَبِ .

إِنَّنا إِذَا استَطَعنَا أَن نُعَلِّمَ أَبنَاءَنَا الأَدَبَ مَعَ مُعَلِّمِيهِم ، وَأَن نَغرِسَ في قُلُوبِهِم حُبَّ كُتُبِهِم واحترامَ مَدَارِسِهِم ، وَأن نَصِلَ بهم إلى مَعرِفَةِ قِيمَةِ كُلِّ ذلك ، فإني كَفِيلٌ لكم بِأَن تحمَدُوا السُّرَى ، وَألاَّ تَذهَبَ جُهُودُكُم سُدًى ، وَأَلاَّ تَشْكُوا مِن تَدَنِّي دَرَجَةٍ أَو ضَعفِ مُستَوَى ، أَمَّا حِينَ نُقَدِّمُ لِلمَدَارِسِ طلابًا بِلا أَدَبٍ ، طلابًا لا يَعرِفُونَ قِيمَةَ مَا هُم عَلَيهِ مُقدِمُونَ ، فَإِنما نَضَعُ بَينَ أَيدِي المُعَلِّمِينَ رَمَادًا لا جمرَ فيه ، فَكَيفَ نُطالِبُهُم أَن يُوقِدُوا مِنهُ نَارًا ؟ وَهَل تَرَونَ نَافِخًا في الرَّمَادِ يُوقِدُ نَارًا ؟ لا ـ واللهِ ـ وَلَو نَفَخَ طُولَ عُمُرِهِ . إِنَّ حَالَ مُعَلِّمٍ مَعَ طالبٍ بلا أدب كَحَالِ مَن قَالَ :

لَقَد أَسمَعتَ لَو نَادَيتَ حيًّا *** وَلَكِنْ لا حَيَاةَ لمَن تُنَادِي
وَلَو نَارًا نَفَختَ بها أَضَاءَت *** وَلَكِنْ أَنتَ تَنفُخُ في رَمَادِ
نسأل اله لأبنائنا التوفيق والسداد ، والنجاح في حاضر أمرهم ومستقبله ، إنه جواد كريم .



==============================================

المدرس ومهارات التوجيه
بقلم : محمد بن عبدالله الدويش


المقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:-
فإنه قرار صائب ذاك الذي اتخذتَه بالتوجه لهذه المهنة الشريفة، والتصدي لحمل هذه الرسالة الخالدة، فقد وضعتَ قدميك في طريق البناء والإعداد لهذه الأمة، ولستَ بحاجة أخي المدرس إلى أن أدبج لك المقال، وأستنجد لك اليراع.
أي خطأ يرتكبه ذاك الذي يظن التعليم وظيفة رسمية فحسب، وأي ظلم وإهانة للجيل والنشء- لا للمعلم وحده - تلك النظرة القاصرة التي تقلل من مكانة المعلم، وترى أن التعليم وظيفة من رضوا بالدون، وأخلدوا للدعة، وتركوا التسابق للمراتب العالية.

وكم أتهلل بشراً وأسعد حين أراك أخي المدرس يا من تحمل بين طياتك نفساً صادقة، وقلباً حارًّا يحترق على واقع أمته، ويتألم لحال الشباب. ومع ذلك فلم يكن هذا الهم عائقاً لك ومثبطاً، بل أنت تحمل طموحاً صادقاً، ونفساً أبية متطلعة للإصلاح والتغيير. ولم يقف الحد عند هذه المشاعر، فها أنا أرى ثمرات جهدك، ونتاج عملك، بارك الله فيك، وزادك علماً وعملاً.

أخي المدرس : كثيراً ما سمعت كلمات الثناء الصادقة من طلابك، وكثيراً ما رأيت بصماتك ظاهرة عليهم، أرأيت الشباب الغض الذي يتسابق إلى الصفوف الأول في المساجد، ويسارع إلى حلق العلم ومجالس الخير؟ ولن أقول لك اذهب إلى المدارس، فأنت من أهلها، ألم تر إليها وقد تزينت بأولئك الأخيار، وقد صاروا يسابقون إلى أعلى المراتب، ويبزون أقرانهم. فكل ما ترى أخي الكريم بعض ثمرة جهدك وجهد إخوانك من الأساتذة والدعاة.
ولكن ومع هذه الجهود الخيرة المشكورة هناك فئة من المعلمين الأخيار، لا مطعن في دينهم، ولا شك في فضلهم، فنحن نحبهم في الله، ونعتقد أن أكثرهم أفضل منا عند الله، ونسعد بلقائهم ودعواتهم الصادقة، لكنهم لا يزيدون على أن يندبوا واقع الشباب، ويتألموا لما هم فيه، دون أن يحركوا ساكناً.

فأستأذنك أخي الكريم أن أخاطب هؤلاء الأحباب فحقهم علينا عظيم..
فهل فكرت أخي الكريم في عظم الموقع الذي تبوأته، والأمانة التي تحملتها، فذاك الرجل الطاعن في السن، وتلك المرأة الضعيفة قد علقوا آمالهم بعد الله عليك في استنقاذ ابنهم وحمايته، والمصلحون الغيورون يعدونك من أكبر الآمال في استنقاذ المجتمع، والأمة تبحث أخي الفاضل عن المنقذ لها ولأبنائها، وأنت أخي المدرس جزء من محط آمال الأمة.

أخي المدرس: أنت يا قارئ السطور أعنيك ولا أعني سواك، أنت محط آمالنا، أنت طريقنا لا إلى الشباب والتلاميذ وحدهم بل إلى الناس كلهم.

أعلم أخي المعلم أنك ستقول: علمي ضعيف، قدراتي محدودة، وربما لست صاحب اختصاص شرعي، أعلم ذلك كله، ولكني أجزم أنك قادر على أن تصنع الكثير، ومهما ضعف علمك، وتواضعت قدراتك، وقلَّت خبرتك، مهما خلعت على نفسك من أوصاف القصور، وسلكت من أبواب التواضع، فأنت قادر على أن تقدم الكثير، ولا نطلب منك أخي المدرس إلا ما تطيق. ألا تطيق الكلمة الناصحة؟ ألا تطيق التألم والحرقة على واقع أبنائك؟.
وحجة أخرى طالما سمعناها: المنهج طويل، لا أجد الوقت، لكنا نريد أخي الكريم دقائق معدودة، تستطيع توفيرها من كثير من الوقت الذي يضيع، والاستطراد الذي لا ضرورة له.

أخي المدرس: ما أغناك عن أن أحدثك عن الواقع المرير لأمتنا، أو عن التآمر على شباب المسلمين، أنسيت ما فعل دنلوب وأذنابه؟ أنسيت ما بذل جيل المسخ ليحول بينك - أنت المعلم - وبين إبلاغ كلمة الحق الصادقة إلى القلوب المتعطشة؟ .

أخي المدرس: أخاطب فيك الغيرة والحمية لدين الله، فأنت تقابل الشباب كلَّ يوم، وتدرك أيَّ غفلة وعالم يعيشونه، ترى مظاهر الإعراض، ومصارع الفتن، فكيف لا تحرك فيك ساكناً؟. ألم تره ذاك الشاب الذي يعيش معاناة واضطرابات المراهقة، ويصارع الشهوات، وتعصف به الرياح من كل فج، أو الآخر الذي اكتنفه رفاق السوء فأحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم؟ فهل وصل بك أخي الكريم عدمُ القدرة ونقصُ الخبرة إلى أن تعجز أن تقدم شيئاً لهذا وأمثاله؟.

أخي المدرس: لست أدعوك إلى عمل خير تساهم فيه فحسب، ولا أحثك على القيام بنافلة من أفضل النوافل، إنما أدعوك إلى أن ترعى الأمانة، وتقوم بالمسؤولية، وبعبارة أدق: أن تؤدي الواجب الشرعي.

ألست راعياً أخي المدرس ؟ ألم يقل صلى الله عليه وسلم : "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" (رواه البخاري ( 893 ) ومسلم ( 1829 ) .) ؟ ألست ترى المنكر؟ ألم يقل صلى الله عليه وسلم :"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه"( رواه مسلم ( 49 ) .) ؟ وهل وصل بك الأمر إلى أن لا تطيق إلا الكلمة العابرة أو النقد السلبي؟ ألا تطيق أن تحمل همَّ الإصلاح؟ ألا تطيق أن تفكر في وسائل تربية الناشئة وتوجيههم؟

كيف أخي المدرس تتحمل أمانة تدريس المنهج الدراسي، وتأخذ مقابل ذلك أجراً من مال المسلمين؟ وحين ندعوك لتحمل أمانة الدعوة والتوجيه - التي هي واجبة عليك ابتداءً، وقد زادت مع تبوئك هذا الموقع - حين تكون الحاجة الماسة لحمل الأمانة التربوية تعتذر بعدم القدرة، والضعف العلمي، وفقد الخبرة، وتحسب أن هذا من التواضع. بل التواضع هو القيام بالواجب والاستعانة بالله.فعجباً لهذا القلب للمفاهيم! ومتى كان التخلي عن الواجب وترك المسؤولية تواضعاً؟

كيف أخي المدرس تنقد واقع الشباب، وتتحدث عن سلبياتهم ومع ذلك لا تحرك ساكناً، ولا تقوم بجهد؟.
معذرة لهذا الخطاب الجريء فلولا أني أقدر مسؤوليتك التي ستسأل عنها يوم الحساب، ولولا أني أخاطب قلبك الواعي، وعقلك المدرك. لما جرأت عليك، ولولا أن الأمر لا يحتمل الإغضاء لطويت الصفحة، ولولا ثقتي الكبيرة بأن ما أقوله سيثير كوامن خفية في نفسك لما سطرت حرفاً واحداً.

أخي المدرس : هل تزهد في ابنٍ بار، وتلميذٍ يقدر جهدك؟ وهل أنت مستغنٍ عن دعوة صالحة يخصك بها من قدَّمت له خيراً؟ إن هذه عاجل النتائج وبشرى المؤمن، أما ما عند الله فهو خير وأبقى.

أخي المدرس : إن الشعورَ بأهمية التوجيه، بل والخطوات العملية مطلبٌ نفيس، ولكن لا ينبغي أن نقف عند هذا الحد بل يجب أن نتجاوزه إلى أن نتعلم فن التوجيه، وأساليب التأثير، وهذا باب واسع، لن يحيط به ما سطرته، ومهما بذلت فالأمر أكبر من شخصٍ قاصر، ولذا فأنا أدعو أن تتضافر الجهود لاكتشاف وسائل التأثير، وأن نتبادل الخبرات. فأدعو هنا إخواني إلى المساهمة في الأمر، كتابة ومحاضرة، ومناقشة، ويسعدني أن أتلقى من الإخوة الكرام أي ملحوظة، أو رأي، أو توجيه، أو اقتراح.

وأنا كاتب هذه السطور إن نسيت فلن أنسى ذاك الأستاذ الفاضل الذي درسني في المراحل الأولية-رحمه الله- كنت ألمس يومها -وأنا طفل بريء - في وجهه الصدق والعاطفة الحية، ولا تزال أصداء كلماته تتردد في أذني، فرحمه الله وأجزل مثوبته، وأعلى درجته. والآخر الذي عوَّضه الله عن نور بصره بنور بصيرته -أحسبه كذلك والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً- فلله كم ربَّى فيَّ من فضائل، وكم من كلمة صادقة سمعتها إن نسيت حروفها الآن فقد ترجمت إلى عمل وواقع فصارت جزءاً مني لايفارقني. وهل أنسى بعد ذلك ذاك الشيخ الوقور الذي مَنَّ الله عليَّ بحفظ كتابه على يديه؟

وبعدهم خطا بي العمر فانتقلت إلى المعهد العلمي، فتشرفت بالتتلمذ على مشايخ أجلاء وأساتذة أفاضل.ولست أملك والله ما أقدم لهم من العرفان والوفاء أفضل من الثناء الصادق، والدعاء الصالح. اللهم فاغفر لهم جميعاً، وارفع درجاتهم في الدنيا والآخرة، واجزهم عني خير ما جزيت والداً وأستاذاً ناصحاً.

محمد بن عبدالله الدويش


==================================

رسالة إلى معلم جديد
قم للمعلم..وفه التبجيلا
بقلم : أبو عمر التهامي


إن للمعلم علينا فضلاً لا ينكره إلا جاهل أو مكابر ، فللمعلمين منا جزيل الشكر والعرفان على ما يبذلونه في سبيل تعليم أبنائنا ما ينفعهم ، ومن واجبهم علينا أن نقدم لهم النصيحة والكلمة الطيبة وما هذه الرسالة إلا خطوة في هذا الباب أرجو أن تجد إلى قلوب إخواني المعلمين طريقاً مفتوحاً . وبعد :
أخي المعلم … هذه رسالة من القلب مفعمة بالحب والعرفان .. وأنت قد وضعت الخطوة الأولى في طريق التعليم .. ونشر العلم بين الناس .. لتنضم إلى قافلة الخير التي قال عنها نبيك محمد صلى الله عليه وسلم : \" إن الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير ..\" فلتستبشر بطريق تلقاك في بدايته صلاة من الله وملائكته عليك . لذا فإني أبعث إليك هذه الرسالة للتواصي بالحق والتواصي بالصبر. وهي تنتظم في بضع نقاط :
الأولى: لا تنس الإخلاص لربك … لأن كل عمل لا يبتغى به وجه الله يكون وبالاً على صاحبه في الدنيا، وحسرة في الآخرة وكما قيل : قل لمن لم يخلص لا تتعب ، فالله الله في الإخلاص ، فهو الطمأنينة التي تصاحب العامل أينما حل وارتحل …به تزكو الأعمال وتتبارك .. وعلى أساسه يكون قبول العمل .. وفيه اختلفت مراتب الناس ومنازلهم عند الله .

الثانية : الجد والاجتهاد في العمل من مقومات نجاح المعلم: حينما تجتهد في إيصال المعلومة بأيسر الطرق وأسهلها .. وحينما تبذل كل ما في وسعك للاستفادة من كل الإمكانات المتاحة .. وحينما تتابع طلابك ومستواهم التحصيلي بعناية فائقة ..لأنهم في غالب الأحيان مرآتك .. حينها تكون من الجادين في العمل … والله يتولى السرائر .

الثالثة : تأكد من صحة المعلومات التي تنقلها لطلابك سواء كانت في المنهج الدراسي أو خارجه.. لأن العلم أمانة ومسؤولية فاحذر أن تتكلم بلا علم، فتأتي بالعظائم… لأن كثيراً من الطلاب يأخذون مايقوله المعلم بالتسليم والقبول . ولخطورة القول على الله بلا علم قرنه الله تعالى بالإشراك به فقال : \" قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون \"

الرابعة : يهتم كثير من المعلمين بمدى فهم الطالب واستيعابه للدرس .. وهذا أمر جيد .. ولكن القلة منهم من يهتم بسلوكيات الطالب وأدبه.. فكن من هذه القلة ..لأن العلم لم يرد بلا أدب … كان السلف رحمهم الله يقولون : \" نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم\" .

الخامسة : كثيراً ما تكون السنة الأولى في التعليم في قرية نائية وتحتاج إلى شيء من المشقة والتعب . مما يجعل بعض المعلمين يصاب بهوس وخيبة أمل .. فتراه يعد الأيام عداً .. بل الساعات والدقائق … ولكن صنفاً من المعلمين ..وهم ليسوا بالقلة كثر الله من أمثالهم .. لم يستسلموا لصعوبة البيئة وشدتها فتجدهم يحرصون كل الحرص على نشر الدعوة بين أبناء المنطقة .. وتوعيتهم بأمور دينهم .. فاحرص أشد الحرص على أن تكون منهم ، وذلك بنشر شريط إسلامي ولو في الشهر مرة .. وكتيبات جيدة لعل الله أن يهدي بك رجلاً واحداً فتنال الأجر العظيم فـ \" لأن يهدي الله بك رجلآً واحداً خير لك من حمر النعم \".. ويكون لك من العمل الذي يبقى لك من بعد موتك.

وفقك الله لكل خير ونفع بك.. وسددك أينما حللت وارتحلت .


منقول للفائدة من موقع / صيد الفوائد






    رد مع اقتباس