عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-08-27, 11:42 رقم المشاركة : 1
رشيد زايزون
مشرف منتدى التعليم العالي ومنتدى التفتيش التربوي
 
الصورة الرمزية رشيد زايزون

 

إحصائية العضو









رشيد زايزون غير متواجد حالياً


وسام المشارك

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المشاركة

وسام الرتبة الأولى في مسابقة طاكسي المنتدى لشهر يو

افتراضي العربية هوية وليست هواية



لا أكاد أدخل محلاًّ تِجاريًّا أو مؤسسة عمومية إلا وأُبصِر لغات أجنبية تتراقَص على ألسنة الموجودين هنا وهناك، هي ظاهرة لم تَنشأ اللحظةَ، بل هي وليدة تراكمات عرَفتْها أمتنا الإسلامية، بَدءًا بالاستعمار، ونهاية عند الغزو الثقافي بشتى صُنوفه وألوانه.


لكن الأخطر من هذا وذاك، أن تَجد من أبناء جِلدتنا مَن يُروِّج لهذه الثقافة تحت شعارات عدة، أبرزُها الانفتاح ومواكبة الدول المتقدمة، فيسعى بذلك إلى تنشئة أبنائه تنشئةً مُهجَّنة، ليَعجِز الابنُ فيما بعدُ عن قراءة الفاتحة أمام زملائه في الصفّ، إن كان يدرس المواد الإسلامية أصلاً.


يقول ابن خلدون:

"إن قوة اللغة في أمةٍ ما، تعني استمرارية هذه الأمة بأخذ دَورها بين بقيَّة الأمم؛ لأن غَلَبة اللغة بغَلَبة أهلها، ومنزلتها بين اللغات صورةٌ لمنزلة دولتها بين الأمم"، نعم، تلك الأمة التي تَبني مجدَها بلَبِنات حروفها المشعَّة بنورِ الوحي، وتسعى إلى رفْع مكانتها بين الأمم عن طريق لغتها، التي تعتبرها أساسًا من أُسس النهضة الحضارية، إن مسألة اتخاذ لغتنا العربية كهواية، لا يكون ذلك إلا طَعْنة أخرى في جسد هذه الأمة، سببُها العبثية واللامسؤولية.


كثيرًا ما نسمع بأن اللغة هي قالَب الثقافات وثوبها الشَّفاف، فأي لغة في هذا الكون تحمل من المعاني ما يكفي لفكِّ شفرةِ وعيِها، والترجمة الصحيحة لطريقة عيشِها، وبالتالي فاللغات الأجنبية لا تعكس إلا ثقافاتِها المحليَّةَ الداعية إلى الحرية والانطلاق واللامبالاة هكذا بلا رقيب ولا حسيب، بينما تنام حكومات الدول العربية في سرير اللامسؤولية، لتكتفي بتخصيص بند للغة العربية في دستورٍ يَظَل جامدًا في بطون الصحف، يقول سفير اللغة العربية مصطفى صادق الرافعي في كتاب "وحي القلم" المجلد الثاني: "ما ذلَّتْ لغةُ شعب إلا ذَلَّ، ولا انحطَّت إلا كان أمرُه في ذَهاب وإدبار، ومَن هنا يفرض الأجنبيُّ المستعمر لغتَه فرضًا على الأمة التي يستعمرها، ويَركَبهم بها، ويُشعِرهم عظمتَه فيها"، فلا تكون اللغة حينها إلا السلاحَ الوحيد الذي تنهار أو تسمو به الأممُ.


إن لغتنا العربية حروفٌ تتراصّ جنبًا إلى جنب لتصيح بصوت الأمة لا بصوت الفرد مُعلِنةً تَميُّزَ هذه الأمة بشخصيتها وحَرْفها الشريف، ومتى كانت اللغة في مكانها اللائق بها إلا وتجلَّى ذلك في دقة التعبير، وتجدُّد صور التفكير وأساليب الإبداع لدى أبنائها، مما يجعل نزعةَ الحرية من المسلَّمات التي لا تغيب رُوحها أبدًا.


أن نُعيد المجد للغتنا، يعني أن نحيا بكل حرف من حروفها، أن نربِّي أبناءنا على تذوُّق طعْم حروف ستُرافقنا إلى الجنة، أن نبدأ بأنفسنا دون انتظار ردَّة فِعل الغير، أن نَعلَم أن سرَّ تفوُّقنا يَكمُن وراء لغة، طالما أهملناها عن قصْد أو عن غير قصد، ﴿ إِنَّا جَ عَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الزخرف: 3]


نقل للإفادة






التوقيع




    رد مع اقتباس