2013-08-11, 11:54
|
رقم المشاركة : 5 |
إحصائية
العضو | | | رد: موسى و الخضر متعلم و معلم | الصبر على العلم: و هو هنا صبر من الطّرفين، فموسى صبر على العبد الصالح و لم يفارقه لأول مرة حين رأى منه ما ينكره، و العبد الصالح صبر على موسى في معارضة هذا الأخير له عدّة مرّات رغم التعاقد الذي تمّ بينهما في بداية لقاءهما، بل لقد كان به حليما فقال له: 'قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا قال صاحب صفوة التفاسير : 'وقّره في الأول فلم يواجهه بكاف الخطاب فلمّا خالف في الثاني واجهه بقوله " لك " لعدم العذر هنا إلى جانب هذا فبعد ذلك فسّر له سرّ أفعاله و تصرّفاته: " قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا و لم يتركه حيران، بل رأف به و قصّ عليه خفايا و أسرار ما قام به من أعمال. يقول البيضاوي في تفسيره: ' و من فوائد هذه القصة أن لا يعجب المرء بعلمه و لا يبادر إلى إنكار ما لا يستحسنه فلعلّ فيه سرّا لا يعرفه ' و هنا تنفتح أمامنا ملاحظة مهمّة ذكرها مؤلّف الاساس في التفسير و هي أنّ الأفعال التي فعلها الخضر غير جائزة شرعا و رغم أنّ موسى علم بإعلام الله أنّ الخضر أعلم منه في جوانب، و أنّه ذهب ليتعلّم، و أنّه تعاقد معه على عدم المخالفة، و مع ذلك أنكر عليه ما فعله. يقول: ' و لا شكّ أنّ القصة مربّية و معلّمة، تربّينا على أدب الصّحبة و لنا في الخضر قدوة و لنا في موسى أسوة ' و يستطرد قائلا لا يسع المسلم إذا رأى ما ظاهره منكر إلا أن ينكره كائنا من كان فاعله و لكنه في حالة كون الفاعل صالحا فإن الانكار ينبغي أن يكون مرافقا للأدب باحتمال أن يكون للمسألة وجه، هذا في المسائل التي يمكن أن يكون لها أكثر من وجه ' و ننبه هنا إلى أنه إذا كانت هذه الملاحظة متعلّقة بالعلوم الشّرعية فهي صالحة من باب أولى و أحرى للعلوم الأخرى و هي مفيدة في تحديد خاصية و رابطة أخرى من الخصائص و الرّوابط التي يجب أن تجمع المعلّم بالمتعلّم. و يزيد مؤلف الأساس في التفسير الملاحظة إيضاحا قائلا: ' هناك ناس من الشيوخ يطالبون تلاميذهم بالأدب الذي طالب به الخضر موسى و مريدهم إذا رأوهم على منكر لم يعاملوهم كما عامل موسى الخضر...فأي ضلال مشترك ما بين هذا النّوع من الشّيوخ، و هذا النّوع من التلاميذ ' و هو ما تسبّب حسب المؤلّف في أنّ العلاقة بين هؤلاء المريدين و شيوخهم أصبحت علاقة تبعية عبودية تنمحي معها شخصية المتعلم تماماً. | التوقيع | | |
| |