عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-08-06, 01:37 رقم المشاركة : 1
محمد محضار
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية محمد محضار

 

إحصائية العضو







محمد محضار غير متواجد حالياً


افتراضي ذكرى حزينة...............محمد محضار


هذا النص قديم كتب سنة 1985 ونشر بمجلة الأسبوع المغربي نص يمتح من قاموس الرومانسية ، نص احببته رغم هفوات البداية ، التي يمكن اكتشافها من خلال الأسلوب التقريري وبعض المباشرة
.................................................. .................................................. ..........................
كان الليل قدضم المدينةباجنحة ظلامه ، وبسط عليها سكونه وهدوءه، واكثر الشوارع ن قد أقفرت، إلا من بعض الحيوانات الضالة ..
كنت تجلس إلى مكتبك الصغير تصحح كراسات تلاميذك بشرود تام .وكان مشاكل الدنيا أجمع قد نزلت على رأسك ،تتوقف فجأة عن التصحيح ، تقوم من مكانك تتجه صوب حزانتك الخاصة ، تمسك بيدك النحيفة ، ألمبوم الصور ، ترى أي ظرف طارئ دفعك إلى هذا ؟؟ تعود إلى مكانك ، وتمضي تتصفح صور الألمبوم ،تتوقف نظراتك الزائغة على الصورة التي ربما دفعتك إلى تصفحه..تدقق النظر في ملامح صاحبتها "تبتسم " وتنبجس من عينيك الذابلتين دمعتان ، تمسحهما بكم قميصك ، وتغرق في بحر متلاطم من الافكار لا حدود له ، يغمرك حنين غريب إلى استرجاع ماضيك القريب ..هذا الماضي الذي كان شعلة لا يخمد لها آوار ، وزمردة لا تفتقد البريق ..كنت حياك ما تزال مجرد طالب يميل إلى العبث واللهو ، ويبحث عن المتعة في كل مكان ، حتى التقيتها صصدفة في إحدى الحفلات الخاصة ، ف انتشلتك من عالمك العابث ، وسمت بك إلى دنيا متشبعة بالمثل ومشربة بالقيم ، وعلمتك شيئا إسمه الجد في التعامل مع الحياة ، وجعلتك تدرك مفهوم الحب ، فتمزج بين لغة العقل والقلب ، وتربط بين أحاسيسك وأفكارك ، فاحببتها بصدق،وافرزت لها ابرز الاماكن في وجدانك . ووجدت نفسك بين عشية وضحاها تنقلب إلى شخص موضوعي في تصرفاته، ينبد الانانية ويكره الغرور فوضعت يدك في يدها ، ومضيتمتا تنهلان من حلاوة الحياة ن وتتدوقان عسلها الصافي ، وداب السأم الذي كان يجتاحك من حين إلى اخر ، ودبّ الأمل من جديد بين ثنايا نفسك ، فانتشت روحك ، وتجمّل ذوقك ، والتأمت جروحك ، وتخلصت من قيود الملل التي كانت تكبل أطرافك ، وانطلقت في رحاب الدنيا الفسيحة تشدو كعصفور طليق.
لقد استطاعت بفيض حنانها ن وشديد عطفها ، أن تمنحك فرصة لاعادة ترتيب حياتك ، والخروج من دائرة الضيق ، التي انزلقت إليها ، والإقبال على الحياة بنظرة تفاؤلية ، وتحقيق النجاح تلو الأخر على جميع الاصعدة،فقد نجحت في شحذ قريحتك ، وجعلت منك ذلك الشاعر الذي يعانق هموم مجتمعه وترتبط أشعاره بواقعه ، ودفعتك لولوج سلك التدريس لتبلي فيه البلاء الحسن ، فارتفع قدرك ، ونلت من حب الناس ما لم تكن تحلم به .
وككل قصة حب مبنية على الصدق ن كان لابد لقصتكما من نهاية سعيدة ، فطلبت فطلبت يدها من أسرتها التي باركت رباطكما ، أما أسرتك ، التي لم تكن تتعدى امك المقعدة وأختك المترملة فقد أسعدها تصرفك ، تزوجتما بعد شهرين من إعلان الخطوبة وكانت الايام الأولى لزواجكما مصبغة بألوان كثيرة من السعادة ، تنبئ بقيام صرح بيت زوجي لا مجال لتحطيمه ن ونشوء رباط قوي بينكما لا يمكن فصمه .
ومع توالي الايام و ارتيادها ن ازداد تشبتك بها واصبحت كثير الحرص عليها ، ينفطر قلبك إذا شعرت بالم ، ويشتد كربك إذا أصابها مرض ، وكانت كثيرا ما تشتكي من صداع في راسها يلم بها لماما ، وكانت تستعمل بعض المسكنات ، وتحاول أن لا تشغلك بهذا الموضوع، وكنت تحس في قرارة نفسك بخوف شديد ن وتطرد من ذهنك عشرا الهواجس رغم محاولتها تحسيسك بانها قوية مثل الحصان ولا تنقصها عافية ، وتتذكر طبعا ذلك اليوم الذي داهمها فيه الصداع بشكل غير اعتيادي ، فذهبت بها غلى احد اخصائيي الجهاز العصبي ، ليجري لها فحصا بالأشعة ، وانتظرت النتيجة التي كانت عبارة عن قنبلة محرقة ، القى بها الطبيب في وجهك حين قال :
_زوجتك مصابة بورم خبيث في المخ وليس امامها إلا بضعة شهور للحياة
وتحاملت على نفسك وسالته :
- أليس هناك أمل أدنى أمل في شفائها ؟
- -لا...وأرجو ان تحتفظ بهذا لنفسك ، دعها تعيش الأيام القليلة المتبقية من عمرها في سعادة
- -لا اكاد أصدق ، كيف يحدث هذا ؟
- رد الطبيب مواسيا :
- - استعن بالله يا سيدي وساعطيك روشتة لبعض الأدوية التي تسكن آلامها
- عملت بنصيحة الدكتور ، وانصرفت إلى البحث عن خلق جو مثالي يمنحها الراحة والهدوء ، وأسبلت عليها من عطفك وحنانك ما أنساها صداعها ومعاناتها...وكانت هي تحاول دائماأن تبدو سعيدة أمامك ، وكان قلبك يتقطع لهذا.
- واستغللت فرصة إجازتك فسافرت صحبتها إلى فرنسا حيث يقيم أخوك وعائلته ، واستطعت بطرقك الدبلوماسية أن تقنعها بعرض نفسها على أحد الاخصائيين بباريس دون أن تجعلها تحس بخطورة مرضها ، والقى الطبيب الفرنسي على مسامعك نفس الكلام قاله الاخصائي الاول ، فازداد يقينك بان موتها آت لا محالة ، وانه اصبح قاب قوسين أو ادنى من الوقوع ن فآثرت على نفسك ان تضاعف من مجهودك لمحاولة غسعادها وان تجعل من ايام هذه الإجازة أحلى أيام حياتها.
- وانقضت فترة الإجازة كرمشة عين وعدتما ‘لى أرض الوطن ، وعادت آلامها إلى التجدد ، واصبح صداعها متكررا ، وزاد استعمالها للمسكنات التي كان يقدما لها الطبيب.
- وأحيرا دخلت في غيبوبة شبه تامة ، استدعت نقلها إلى المستشفى وبدأ الموت الموت يحوم حول الغرفة التي كانت تحتويها ، وكنت لا تكاد تفارق سريرها رغم محاولات الاطباء إقناعك بعدم جدوى ذلك ، وفي الليلة الثالثة لمقامها بالمستشفى لفظت أنفاسها الأخيرة .
- ترجع الألمبوم إلى مكانه وتستلقي على سريرك ثم تشخص بنظراتك إلى السقف فتتمثل صورتها أمامك عندما عرفتها اول مرة.
محمد محضا ر1985
نشر هذا النص بمجلة الأسبوع المغربي بتاريخ 25 أبريل 1985






التوقيع




رب ابتسامة طفل خير من كنوز الدنيا أجمع

    رد مع اقتباس