عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-05-22, 18:20 رقم المشاركة : 1
abo fatima
نائب مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية abo fatima

 

إحصائية العضو







abo fatima غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثانية من مسابقة السيرة النبوية العط

الشخصية الفضية 2012

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رصيدنا الأخلاقي انتهى.. المرجو التعبئة


رصيدنا الأخلاقي انتهى.. المرجو التعبئة

عبد الله الدامون
جريدة المساء


قبل بضعة أسابيع، توجهت امرأة حامل إلى مستشفى عمومي لتلد لأول مرة. دخلت جناح الولادة الذي يشبه زريبة. صرفتها الممرضة بعد أن طلبت منها أن تأتي بشيء اسمه "فصيلة الدم". تأخرت المرأة كثيرا في بحثها عن فصيلة الدم المزعوم، وعندما عادت كان الأوان قد فات ومات الوليد في بطنها. بعد ذلك، أفهمتها نساء أخريات أن "فصيلة الدم" هي "كـُودْ" داخلي في المستشفى يعني الرشوة، يعني أنها كان يجب أن تدفع قبل أن تلد. المشكلة أن هذه المرأة التي مات وليدها ظلت تنتظر مولودا لمدة 22 عاما، وفي النهاية مات لأن المرأة لم تفهم معنى "فصيلة الدم".
وعندما احترق منزل صغير في الدار البيضاء وماتت أم مع أربعة من أبنائها، احتج الناس لأن أفراد الوقاية المدنية لم يجدوا الماء الكافي لإطفاء الحريق.. أن يحدث هذا في الصومال فمن الممكن أن يكون مفهوما، أما أن يحدث في بلد يعيش كل عام فيضانات خطيرة، فهذا لا يستقيم معه الفهم أبدا.
قبل ذلك كان عمال يحفرون أساسا لبناء عمارة في طنجة، وفجأة انهارت قناة للمياه وغمرت عمالاً مات اثنان منهم فورا، أما الثالث فقد سقطت عليه أكوام من الحديد والأتربة منعته من الهرب وظل يغرق ببطء لمدة نصف ساعة أمام أنظار رفاقه الذين عجزوا عن إنقاذه، ثم بكوا بحرقة أمام هذا المشهد المؤلم، وبعد نهاية فيلم الرعب جاءت سيارة الوقاية المدنية، ومقرها لم يكن يبعد عن مكان الحادث سوى بمسافة زمنية لا تتعدى عشر دقائق.. مشيا بالطبع.
قبل ذلك، وفي نفس المدينة، كانت سيارة للوقاية المدنية تنهب الطريق بصفارة الإنذار، والسبب هو أن مواطنة فرنسية، اتصلت بمصالح الوقاية تبكي وتصرخ خوفا على قطتها التي كانت عالقة في نافذة وتكاد تسقط.
وقبل أيام، توجهت مريضة نحو مستشفى عمومي، وبالكاد حصلت على فراش مهترئ، ثم نامت وبجانبها حوالي ثماني علب "يوغورت" جلبها إليها معارفـُها، وعندما استيقظت في الصباح لم تجد سوى علبتين، فعرفت أن ممرضات يسرقن المرضى ليلا ويبعن ذلك للكشك الموجود في باب المستشفى.
ومرةً، تعرض ولد صغير لحادث سير خطير وتكسرت رجلاه، وبما أنه يعيش وحيدا في مدينة بعيدة عن قريته، فقد تم حمله إلى المستشفى حيث أجريت له عملية خاطئة شوهته أكثر، ثم تدخل ممرض واتصل بصديقه المحامي وأعد ملفا "سريا" لهذا الولد الذي تعرض لثلاث نكبات: الحادث الذي كسر رجليه، والطبيب الذي شوه رجليه بجبيرة عوجاء، ثم المحامي الذي جعل منه مجرد وسيلة للسطو على كل تعويضات الحادث.
وقبل أسابيع، صار الناس يستيقظون كل يوم على فضيحة جديدة لتلميذات صغيرات في إعداديات وثانويات وهن في وضعيات جنسية مختلفة، والخطير أنهن كن يعرفن بمسألة تصويرهن، وهناك تلميذات صورن أنفسهن بأنفسهن بواسطة هواتف محمولة متطورة اشتراها لهن آباؤهن.
وقبل أشهر، جاء فريق "البارصا" إلى المغرب للعب مباراة ودية، وطبعا جاء أيضا اللاعب ميسي، الذي كان مرتقبا أن يرافقه طفل إلى داخل الملعب، وهو طفل كافح طويلا لكي يفوز بلقب أحسن لاعب في دوري جرى قبل المباراة، غير أن وزير الرياضة، أوزين أحرضان، شطب ذلك الولد بمكنسة كهربائية وجاء بابنته وجعلها ترافق ميسي إلى الملعب، بعد ذلك قال الوزير إن اللاعب ميسي يجب أن يكون فخورا بمرافقة ابنة الوزير له.
وقبل هذا وذاك حكايات كثيرة، كثيرة جدا.. وكل مغربي يمكنه أن يسرد عشرات، بل مئات الحكايات لهذا التردي الأخلاقي والاجتماعي الذي نعيشه على مختلف الأصعدة؛ فنحن لم نعد شعبا فقيرا ومتخلفا فقط، بل صرنا شعبا في حاجة ماسة إلى تعبئة أخلاقية في أقرب الأوقات. عندنا شركات اتصالات هاتفية تبيع التعبئة الهوائية فتربح أموالا خرافية في كل يوم، بل في كل دقيقة، لكن ليس عندنا ولو مشروع واحد للتعبئة الأخلاقية. لقد انتهى رصيدنا الأخلاقي.. لكن أين هي "الرّوشارْج"؟





التوقيع

    رد مع اقتباس