عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-04-11, 10:21 رقم المشاركة : 5
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: فاكهة النساء المحرمة


مقتبس من خطبة الجمعة


ألقى فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "خطورة الغِيبة"

مظهرٌ من مظاهر ضعف التدين وقلة الورع والخلل في فقه التديُّن؛ بل مُوبِقةٌ من مُوبِقات الآثام، وحالقةٌ من حالقات الدين، تنهَش في الحُرمات وصيانة الأعراض، خصلةٌ من خصال السوء ذميمة، تُرى بارزةً شاهدة في اجتماعات الناس وتجمُّعاتهم ومجالسهم ومُنتدياتهم، لا يكاد يُستثنى منها أحد، علماء وعامة، رجالٌ ونساء، صغارٌ وكبار، جُرمها خطير، وعلاجُها عسير، داءٌ عُضال يهدِم المجتمع، ويُقوِّضُ البنيان، ويقطع عُرى التواصل، ويُمزِّق أواصر المحبة، يُوغِر الصدور، ويشحن النفوس، ويُفسِد المودة، وينشر الضغائن، ويُولِّد الأحقاد. كم هُتِك فيه من أستار، وانتُقِص بسببه من أخيار، ولُفِّق في سبيله من أخبار، يشترك في ذلك الفاعل والسامع والراضي، هل عرفتموها - عباد الله -؟ إنها: ضيافة الفُسَّاق، وجهد العاجزين، ومرعى اللئام، إنهم أكَلة لحوم البشر؛ بل إنهم آكِلو الجِيَف، إنها: الغِيبة، وقاكم الله وحفظكم، وما أدراك ما الغِيبة؟! نَهشُ الأعراض، وإن أربَى الرِّبا: استطالةُ المرء في عِرض أخيه، ولقد حدَّها رسولُنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وبيَّنها بيانًا شافيًا فقال - عليه الصلاة والسلام -: «الغِيبة: ذِكرُك أخاك بما يكره». الله أكبر - عباد الله -، الغِيبة كل ما أفحمتَ به غيرَك انتقاص أخيك أو القدح فيه، الغِيبة - رحمكم الله وعافاكم - تكون بانتقاص أخيك في خلقه وخُلُقه، ودينه ودنياه، وبدنه ولباسه، وولده ووالده، وزوجه وأهله، وخادمه وهيئته، وعمله ومعاملته، وحركاته وبشاشته وعُبوسه. الغِيبة تكون بالقول والفعل والوصف والحركات والإشارات والرموز، باليد وباللسان والعين والأصبع، غمزًا وهمزًا ولمزًا؛ بل الأشد والأنكَى أنها لا تُحصَر في طريقة، ولا تنحصِر في أسلوب، ولكنها ترجع إلى بواعِث النفوس، وأساليب المُبتَلَيْن بها - عياذًا بالله -. فقد يُخرِجها المُغتاب في قالَب التديُّن والصلاح والعفاف والورع، فتراه يقول: فلانٌ غفر الله لنا وله فيه كذا وكذا لعل الله أن يُعافِيَه! وقد يُخرِجها هذا المُبتَلى في صيغة التعجُّب فيقول: كيف يفعل فلانٌ كذا، وإني أستغفر الله، كيف يفعل فلانٌ كذا؟! ومنهم من يُظهِرها بأسلوب التحسُّر وإظهار المحبة والشفقة فيقول: لقد أغمَّني حالُ فلان، وإني مُشفِقٌ على أخينا فلان لما فعل من كذا وكذا، عافانا الله وإياه. وقد يقول: فعل هذا بعض الناس، أو بعض من مرَّ بنا، أو من تعرفون، والمُخاطَبون أو الجالسون يعرفونه بعينه أو بشخصه.

ومن الغِيبة: التعريضُ بالكلام؛ فإذا سُئِل أحدهم: كيف حال فلان؟ قال: أصلحنا الله وإياه، أو عافانا الله وإياه - تعريضًا بحاله -؛ بل لعله يقول: فلانٌ مُبتَلى بما ابتُلينا به. ويعظُم الحال ويشتدُّ الخطر إن أظهرها بأسلوب الإنكار، والله يعلم منه أنه لا يقصِد الإنكار، ولكنه يقصِد التشهير، فلا حول ولا قوة إلا بالله. بل يُقرِّر أهل العلم أن سوء الظن بالمسلم من الغِيبة، فإذا ظننتَ - أخي المسلم - فلا تُتبِع العمل. ولقد قال الإمام الغزالي - رحمه الله -: "إذا قال بلسانه: اسكت، وهو يشتهي استمراره فهو نفاقٌ لا يُخرِجه من الإثم". والغِيبة - حفظكم الله وعافاكم - ليس لطرائقها حد ولا لأبوابها سد، وحينما سأل رجلٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال له: أرأيتَ إن كان فيه ما أقول، فقال - عليه الصلاة والسلام -: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّه»؛ أخرجه مسلم وغيره.

ويقول الحسن - رحمه الله -: "ذكر الغير ثلاثة: الغِيبة والبُهتان والإفك؛ فالغِيبة: أن تقول ما فيه، والبُهتان: أن تقول ما ليس فيه، والإفك: أن تقول ما بلغك عنه". ومن أجل أن تُدرِكوا عِظَم البلاء، فانظروا - رحمكم الله - ما يخوض فيه المُتخوِّضون في شبكات المعلومات؛ ففي ذلك شيءٌ كثيرٌ وكثير من نشر معايب الناس ومثالب أهل الفضل والصلاح، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. معاشر المسلمين: كم ترون من مسلمٍ مُتهاونٍ قد جرَّد لسانه مِقراضًا للأعراض، وانتهاكًا للحُرمات في همزٍ ولمزٍ وحطٍّ وانتقاصٍ، فهذا طويل، وهذا قصير، وهذا أحمق، وهذا فاسق، وهذا منافق، وهذا مُداهِن؛ بل كم ترى من رجلٍ مُتورِّعٍ عن الفواحِش والظلم وعليه مظاهر صلاح من صلاةٍ وصيامٍ وصدقاتٍ، ولكن لسانه يفرِي في أعراض الناس الأحياء منهم والأموات، لا يُبالي ما يقول، فهلاَّ حجَزَته عبادتُه! وهلاَّ كفَّه صلاحُه! وهل يكبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتهم. مجالس الغِيبة مجالس شرٍّ وبلاءٍ وفتنة، وأكلٍ للحسنات، تُؤكَل فيها لحوم المؤمنين، وتُنتَهَك فيها أعراضُ الغافلين، موائد هلاك، ومسالك عطَب، مجالس تنضَح بالوقيعة في الخلق، يُؤذِي المُغتابُ فيها نفسَه وجليسَه، ويؤذُون فيها عبادَ الله، استفتاءٌ بالناس، واستخفافٌ بالحُرمات، ضلالٌ في الدين، وسوء مسلكٍ في العاقلين. يقول سفيان بن عيينة - رحمه الله -: "الغِيبة أشد عند الله من الزنا وشرب الخمر؛ لأن الزنا وشرب الخمر ذنبٌ فيما بينك وبين الله - عز وجل -، فإن تُبتَ تاب الله عليك، والغِيبة لا يُغفَر لك حتى يغفِر لك صاحبُك". ما الذي أوقعهم فيما أوقعهم إلا ضعفُ الديانة، وقلة الورع، وأشد الورع في اللسان، وموافقة الأقران، ومجاملة الجلساء. أيها المُغتاب: كم من أشعث أغبر ذي طِمرَين خيرٌ منك عند الله، وخيرٌ منك في نفسه، وخيرٌ منك في أهله! معاشر المسلمين: الغِيبة محرمة في كتاب الله وسنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وإجماع أهل العلم، وتأباها الفِطَر المستقيمة، والنفوس الطاهرة، والصدور السليمة، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ[الحجرات: 12]. ألم تتعجَّبوا كيف ضرب الله هذا المثل الشنيع الوضيع للمُغتاب؟! إنه ذلك الكريه الذي بسَط يدَه وثَغَر فاه ليأكل لحم هذه الجِيفة، وليست جِيفة حيوان بهيم، ولكنها لحمُ أخيه ميتًا، وحينما عُرِج بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بقومٍ لهم أظفارٌ من نحاس يخمِشون بها وجوههم وصدورهم، فقال: «يا جبريل! من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم»؛ أخرجه الإمام أحمد، وهو صحيح الإسناد. وفي "الصحيح" عن عائشة - رضي الله عنها - قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: حسبُك من صفية كذا وكذا - تعني: أنها قصيرة -، فقال: «لقد قلتِ كلمةً لو مُزِجَت بماء البحر لمَزَجَته»؛ أخرجه أبو داود بسندٍ صحيح.

سبحان الله! كلمة واحدة يستهين بها المُتكلِّم، لو مُزِجت بماء البحر لمَزَجَته، فما بالُكم بمن يُقطِّعون مجالسهم، ويُمضون ساعاتهم مُتلذِّذين بتمزيق أعراض الناس، فكِهين بنهش لحومهم. عباد الله: من وقاه الله شرَّ ما بين لحييْه وشر ما بين رِجلَيْه دخل الجنة، فلا تُكثِروا - رحمكم الله - الكلامَ بما لا يُفيد، فكثرة الكلام بغير ذكر الله تُورِثُ قسوة القلب، وإن أبعد الناس من الله: القلبُ القاسي، ولا يستقيم إيمان عبدٍ حتى يستقيم قلبُه، ولا يستقيم قلبُه حتى يستقيم لسانه. اشتغل - حفظك الله - بعيوب نفسك، عجبًا! يرى هذا المُبتَلى القَذَى في عين أخيه ثم يعجز أن يرى أحمال الحَطب يحملها على ظهره. فتِّش في نفسك، احفظ وقتك ولسانك، فتِّش في أمانتك، في أخلاقك، في أمانتك، في مسؤولياتك، في أهل بيتك وعملك، اشتغل بعيوب نفسك - رحمك الله -. معاشر المسلمين: لو حاسبَ المُغتابُ نفسَه حقًّا لعلِمَ أنما هو واقعٌ فيه قد أهلك فيه نفسَه وأهلك جلساءَه إن لم ينهَوه وينصحوه ويُنكِروا عليه، فالمُستمِعُ شريكٌ والمُقِرُّ شريكٌ، فيجب الإنكار والتوبة والتناصُح والذَّبُّ عن أعراض المؤمنين، ومن ردَّ عن عِرض أخيه ردَّ الله عن وجهه النار يوم القيامة، بهذا جاء الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وبعد، عباد الله: فمن تتبَّع عورة أخيه تتبَّع الله عورَتَه، ومن تتبَّع الله عورَتَه فضَحَه ولو في جوف بيته، وإذا ظهرَت الغِيبة ارتَفَعت الأُخُوَّة في الله، كما قال ذلك الفُضيل بن عياض - رحمه الله -. ويقول بعض الصالحين: "لو كنتُ مُغتابًا لاغتبتُ والديَّ؛ لأنهما أحق الناس بحسناتي". وأراد رجلٌ أن يُطلِّق زوجتَه، فقيل له: ما يسوؤُك منها؟ قال: العاقل لا يهتِكُ سِتر زوجته، فلما طلَّقَها قيل له: لم طلَّقتَها؟ قال: ما لي وللكلام في امرأةٍ أجنبية؟! ألا فاتقوا الله - رحمكم الله -، وحذارِ أن تكون أعراض الناس فاكهة مجالسكم، ولحوم الناس موائد مُنتدياتكم، فالغِيبة أسرع في دين المسلم من الأَكَلة في الأجساد. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ[ق: 16 - 18].








التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس