جنت به وجن هو بغيرها والكل مجنون

هذه قصة ارويها للعبرة حدثت لإحدى الاخوات الصالحات سيدة ذات علم ورقة قلب وميل الى الله فتح الله عليها في العلم حتى صارت مقصد الكثير من الاخوات
عرف عنها سعة الصدر وحسن الخلق والتبتل لله حتى أصبحت مقصدا للأخوات ان استوحشت قلوبهن من الله
هذه الاخت مات عنها زوجها وترك لها بنتان زوجت الفتاتان مبكرا ، وظلت تستمتع بوحدتها وتتلذذ بمناجاتها وبكائها وتثري طالباتها بعلمها،علت - كلمات الشوق لله ارتفعت دعوتها بالاستغناء بالله عمن سواه ارتقت في الفهم والتلذذ وازدادت علما وفهما وشهرة وجاءها ما لم تقدره طولبت بالامتحان -- طولبت بالصدق فيما تدعي ، جاءها الوقت الفاصل بين القول باللسان والصدق بالعمل
تقدم اليها رجل من رجال الدعوة وتقدم اليها آخر وآخر زكاها الكثير وزكوا لها الكثير بدأت الوحدة تجهدها وصوت بداخلها يسوس لها الانجذاب بدأت تداعب اهدابها نفسها وشيئا كالهاتف الحنون يتصدر قلبها بدأ ليليها يطول .
رن الهاتف رنينه هذه المرة طويل --- اجابته رجل من اهل الدعوة يفاتحها ويدعوها ان تكون له زوجة تهربت بكلمات عاقلة ، تذكرت بناتها وأحفادها وسدت الباب أمامه بطابور طويل من الاحفاد.
لم يرضخ لهروبها وعاد يطلبها ويطلبها قد علم حسنها وعلمها ودينها وخلقها
فكيف يتركها صار يعدها بحياة زوجية صالحة يمنيها برحلات الى الحرم ورحلات لله ويود لها مشاركته السير لله
رق القلب وهفت النفس وحنت حنين الانثى للسكينة
بدأ صوته يطرق مسامعها
في كل ركعة تسمعه يطلبها
وأخيرا تزوجته على سنة الله ورسوله لم تنته معركتها ---- بل كانت من هنا بدايتها
تحول الليل الى ليل سمر ومتعه مع الزوج الحبيب والوقت كله للزوج الحبيب
الحديث كله عن الزوج الحبيب شغلها وشغفها وأراح قلبها وسارت السعادة في قلبها لا تتوقف عاشت سنتان قضتها فوق بساط السحب والانسحاب شيئا فشيئا
سنتان تجلس نست فيهما ما كانت عليه من قبل من انس كان لله وقليل ما تذكره تقول لم يترك لها الزوج الحبيب وقتا انساها حتى نفسها

----------------

ولكن حان لها ان تتعرف على حجم خسارتها
هي التي كانت شعلة في ظلمات كل الأخوات
هي التي كانت لا تنقطع حديثا عن الله سبحانه
هي التي كانت تسامر الليالي بين شوق وخوف
هي التي كانت تطرح العلم في احضان الصاحبات في مجالسها الطيبه
هي الآن الزوجة الشغوفة حبا بزوجها الآن حان لها الوقت ان تتصفح صفحتها وتقرأ كتابتها وتعرف اين هي من الصادقين درجتها وتعد لهذا اجابتها بل حجتها

-----------------
بدا الزوج الحبيب يبتعد عنها قليلا بدا يقلل من زيارته
بدا يهجرها الهجر الشرعي يكون لها ومعها ثم ينام عنها ويتركها
بل بدا يهجرها هجرا غير شرعي كأنه لا يعرفها يذهب عنها اياما يغيب عنها ويتركها
وهي تزداد تعلقا به
تزداد اتصالا به
تزداد الحاحا عليه
يزداد قلقها ويزداد عذابها
ويزداد هو بعدا وبعدا
هو الذي كان بالأمس حبيبا شغوفا بها -- الان مثل رماد من بعد جمر اهترى
هو الذي كان بالأمس الأنيس الخليل السعيد صار الان المهاجر البعيد
انكبت تدعو الله --- ليلها بكاء من حرقه فراقه وظلمه ببعده عنها
وحدتها زادت احزانها اشتدت واشتدت وما هدأت ولا نامت
وهو بعيد -- بعد كماء تسرب من بين الاصابع
ان جاءها نست مع مجيئه نفسها وتغمره حنانا
ذبلت وشحبت ومرضت وتناساها كل شيء
تبدل دمعها
الدمع الذي كان ينسكب في حب الله
صار في حب الزوج امطار من لهب تحرق عودها وما بقي من شبابها
الدمع الذي كان يسقط خوفا من الله ورجاء في رحمته
صار يسقط مطرا منهمرا استجداء لله ان يعود اليها الحبيب الذي سرق لبها
نسيت ربها الحبيب الذي كانت بالحب للطالبات تعلمه
ولكن الله بكل نفس عليم وهو بها رحيم سنوات شقائها من جراء حبها لزوجها
اطول من كل عمرها
هكذا قالت
---
وذات يوم من اشد ايامها عذابا جاءها هاتف له رنات تعرفها
تلقفت الهاتف بسرعة وجنون فقد جنت به وجن هو بغيرها
القي السلام ثم طلقها ------------------