عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-01-27, 17:01 رقم المشاركة : 4
الرميساء
أستـــــاذ(ة) ذهبــــي
 
الصورة الرمزية الرميساء

 

إحصائية العضو







الرميساء غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الشمائل النبوية(2) اصطفاؤه واختصاصه صلى الله عليه وسلم


ولعلنا نختم هذه الوجوه التي ذكرناها بحديث أيضاً من الأحاديث التي تبين أنه أوتي جوامع الكلم ، واختص بها - عليه الصلاة والسلام-.
نختم بحديث جامع فيه بعض هذه الخصال التي تكمل لنا هذه الصورة في اصطفائه واختصاصه -عليه الصلاة والسلام-.

هذا الحديث أيضا مروي عن عياض بن حمار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر فيه في كلام طويل نذكر بعضه يقول -عليه الصلاة والسلام-: (إن الله -عز وجل- أمرني أن أعلمكم مما جهلتم مما علمني يومي هذا فقال: إن كل مال نحلته عبادي فهو لهم حلال."أي: أعطيتهم أن الأصل في الأشياء الحل" ثم قال: وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم. "والحنفاء الحنف أصله الميل، فلماذا سمي إبراهيم حنيفا، وسمي أهل الإسلام حنفاء؟ لأنهم مالوا عن الشرك الذي غلب على الناس إلى التوحيد الذي اختاره الله لهم وتعبدوه به، وأخلصوا دينهم له -سبحانه وتعالى-". فأتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم. "يعني أخرجتهم وفتنتهم، وأبعدتهم عن دينهم، وأدخلتهم في ضروب من ألوان الشرك والكفر بالله والعياذ بالله -عز وجل-" وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا وإن الله -عز وجل- "وهو موضع الشاهد" نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب) رواه مسلم.
أي في وقت زمان بعثة النبي - عليه الصلاة والسلام - كان الناس والخليقة على أسوأ الأحوال وشرها إلا بقايا من أهل الكتاب، عربهم وعجمهم كانوا في انحراف وشرك وفسق، وبعد عن كل ما يقربهم إلى الله -عز وجل- من معرفته أو توحيده أو إخلاص العبادة له، أو الاستقامة على الفضائل والخصال الحميدة، مقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا أهل الكتاب.

وهذا دلالته أنه -عز وجل- لما أرادت حكمته أن يرحم البشرية، وأن يهديها، وأن يخرجها من الظلمات إلى النور بعث فيهم في ذلك الزمان خير خلقه وخاتم رسله - عليه الصلاة والسلام-.
قال - عليه الصلاة والسلام - فيما قال في هذا الحديث إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك) أي في دعوته إلى توحيد الله، وما يعانيه، وتكون دعوته أيضا ابتلاء للناس ممن يؤمن به، و من يعرض عنه. (وقد أنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه في المنام واليقظة). وهذا شاهد من شواهد موضوعنا لا يغسله الماء يعني: لا يعتمد في حفظه على الكتابة بحيث إذا زالت زال، بل هو محفوظ في الصدور، وقد أراد الله -عز وجل- أيضا حفظه في السطور.
لكن من مزيته كما ورد في بعض الآثار في وصف أصحاب النبي - عليه الصلاة والسلام - أناجيلهم في صدورهم، وهذه مزية لأهل الإسلام، فهم يحفظون القرآن، لكن لو ذهبت إلى النصارى، بل إلى أكبر علمائهم وأشهر قساوستهم تجدهم لا يحفظون شيئا من كتبهم.

ونحن - بحمد الله - صغار أبناء المسلمين يحفظون القرآن عن ظهر قلب لماذا؟ لأنه ورد ما يدل على سهولة حفظ القرآن كما جاء في القرآن الكريم: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (القمر:17).
بل قد قال بعض الشراح في قوله: "تقرؤه في المنام واليقظة" أي: أنه ميسر سهل في كل الأحوال، تستطيع أن تقرأه، وأن تحفظه.
وأخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - بعد ذلك ببعض أحوال أهل الجنة وبعض أحوال أهل النار في هذا الحديث.

جملة القول في هذا المدخل بيان عظمة مكانة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورفعة منزلته عند ربه واختصاصه من بين رسل الله - عز وجل- وأنبيائه، والاصطفاء الذي اختاره الله - عز وجل- به ليكون هو الصفوة من الصفوة من الصفوة كما أخبر - عليه الصلاة والسلام-.
فإذا استقر ذلك وعرف، كان للنبي - عليه الصلاة والسلام - في مقام أهل الإيمان والإسلام على وجه الخصوص تعظيم ومكانة وقدر عظيم، وبالتالي يكون لما يتصف به من الشمائل والخصال ارتباط بهذا وطيد، وتأكيد على أنه ثمرة من ثماره وأنه أمر بدهي لمن تم اصطفاؤه واختياره، وهذا مما أكرمنا الله به أن نكون من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن أتباعه.

ولكن الشرف بالانتساب لا يكون بالادعاء، وإنما يكون بصدق الانتماء وبتحرير الولاء، وبالعمل بذلك، والدعاء له حتى نكون أهلا، وننال ذلك الشرف الذي من عظمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يكن مختصا به، بل كان منه أثر لأمته أيضا، كما قد يرد معنا في بعض خصائص أمة الإسلام.
ومن لطيف ما أختم به كلام للشاطبي - رحمه الله - ذكره في الموافقات، وهو كلام نفيس يقول: (ما من نبي أوتي من المعجزات إلا كان من جنسها آثار هي التي تكون كالكرامات في أصحابه وفي أمته).
ولذلك نرى الاختصاص في هذا الجانب أيضا مرتبط بما كان للنبي - عليه الصلاة والسلام - من هذه المعجزات.





التوقيع

    رد مع اقتباس