منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - عرض مشاركة واحدة - سهر ونت وأزرار تراقص الأنامل العشر

سهر ونت وأزرار تراقص الأنامل العشر

في فترة من عمري في أواخر الطفولة وكل المراهقة .. كنت مدمنة على قراءة القصص ..
وكمثال : قصص جورجي زيدان آخر ما قرأت له : فتاة غسان ..
كنت أعيش القصة بكل تفاصيلها بدون ملل أو عياء .. جزء يرميني لأحضان جزء آخر ..
وحدث يأسرني ويأخذني لحدث آخر من الرواية وفصول الحكاية ..

مهما كانت القصة طويييلة فإن طولها يزيدني شوقا لمتابعة سطورها إلى آخر صفحة ..
ولكن بعد اختراع هذا الشيء الذي بين أيدينا الآن .. ودخوله لحياتنا ..
فقدنا كل شيء جميل للقراءة والمتعة ..
العجيب إن وجدنا موضوعا طويلا نستكثر قراءته بحجة أنه طويل وغير مختصر ..
فـ أين جلوسنا مع القصص التي أغلبها بمئات الصفحات ؟

لا أعرف من تبدّل .. هل العصر الذي يفرض علينا الأمور ..
أم حياتنا التي أصابتها العصرنة والسرعة .. أم أصبحنا نعد الأيام والسنين بسبب الملل والضجر ..
حتى ونحن لم نصل بعد لـ سن انتظار المنية .. كما عادتنا نحن العرب ..
ما إن نصل إلى الـ 50 سنة حتى نمسك السبحة وننزوي على أنفسنا لـ ننتظر ملك الموت ..
وإن سألتنا أن الحياة فرص وكل يوم نعيشه هو لنا لا علينا ..
نجيبك : ( خلاااااص راحت علينا وما بقى في العمر شي .. ) ..

على العموم ما أريد قوله أن السهر أمام هذه النافذة الإلكترونية ..
ليس هو السهر أمام نافذة الغرفة مع القمر والنجوم وقصاصات من رسائل
فـ كم قرأنا من أشعار ترافق السهر والدموع مع عبرات الشموع
وكم قرأنا من القصص التي تحكي عن الحبيب وهو يناجي النجوم ويحكي للقمر حكايات العشق والفراق
وكم دوّن التاريخ من روايات على صفحات المجلدات .. تحكي مصير العشاق بين موت بسهام الحب
وبين حياة بقية العمر في وحزن وأليم ذكريات .. من فارقه الحبيب أو وقفت الظروف بينه وبين الوصال

نجد اليوم من يكتب ويقول أنه يعاني من السهر لنفس الأسباب ..
ولكن أرى أن البكاء مع القمر والنجوم قد انتهى عهده ..
منذ أن دخل حياتنا هذا الجهاز الذي وكأنه متلبّس بكائن مجنون

متى سهرنا ومتى كتبنا بالقلم أشعارنا على ضوء الشموع ؟
ومتى في ليل فقط نحن والوحدة والعشق درفنا الدموع ؟ ..
يكفي تغني بالأوهام ومحاولة إقناع أنفسنا أننا ممن ينطبق عليهم :

سهر ووقرطاس وقلم ودموع وشموع

فطيمة المراكشية
المملكة المغربية

.