عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-10-13, 12:55 رقم المشاركة : 3
نبيلة الوزاني
أستـــــاذ(ة) مشارك
إحصائية العضو







نبيلة الوزاني غير متواجد حالياً


افتراضي رد: المذاهب المسرحية


3- المذهب الرومانسي



كما دالت دولة المسرح في اليونان القديمة والإمبراطورية الرومانية القديمة، ولم يكن اليونانيون أو الرومانيون يعرفون كلمة "كلاسيكي" أو المذهب "الكلاسيكي"، كذلك عاش شكسبير ومعاصروه من الشعراء المسرحيين الرومانسيين وهم لا يعرفون تلك الكلمة "رومانس" Romance أو المذهب الرومانسي، وإن كان مسرحهم قد عاش حياة رومانسية خالصة، تماماً كما كان المسرح اليوناني القديم والمسرح الروماني القديم في حالة حياة كلاسيكية خالصة. ذلك أن كلمة "رومانس" لم تظهر في إنجلترا إلا حوالي عام 1654م، وكان معنى "رومانس" حينئذ "القطعة الأدبية" أو "الأثر الأدبي" الذي يشبه الرومانس أو Romanz كما كان هجاء الكلمة في اللغة الفرنسية القديمة.
والرومانس كما كانوا يعرفونها في العصور الوسطي هي القصة الطويلة التي تصور المجتمع الارستقراطي، كما تصور المثل الفروسية العليا تصويراً يقوم على المغامرات والبطولة والغرام العذري الذي يشبه العبادة.
وقد وضع "هنريك هيني Heinrich Heine" الألماني "1797- 1856م" تحديداً قصيراً يسيراً لتوضيح الفرق بين المذهبين الكلاسيكي والرومانسي، وهو فرق كبير لا شك فيه.
قال هيني:
"إن الكلاسيكية هي مذهب القيود، المذهب الذي يحدد الأهداف ويقف عندها، فتري الأديب أو الفنان الكلاسيكي يلتزم القوانين الصارمة التي تدور في قيودها فكرته، فهي دائماً تبدو في إطار محدود مادي، أما الرومانسية فهي مذهب الانطلاق، مذهب العاطفة والحرية، المذهب الذي يطير بأجنحة قوية في عالم الروحانيات غير المحدود، وهو لهذا يوجب على الأديب أو الفنان أن يجعل الرمز أهم أدواته".
والمذهب الرومانسي هو مذهب العاطفة التي تحرك الأحياء جميعاً، وتتلاعب بهم وتوجههم وتستبد بهم أشد مما يستبد بهم القضاء والقدر كما في المسرحية الكلاسيكية. كما أن المذهب الرومانسي لا يتقيد بالوحدات الثلاث: وحدة الفعل، وحدة الزمان، وحدة المكان. فشكسبير يجمع إلى العقدة الأساسية في كل مسرحية من مسرحياته أكثر من عقدة ثانوية، وهو لا يقتصر على قصة أو حكاية واحدة تتسلط عليها جميع الأضواء.
والشعراء المسرحيون الرومانسيون يشبون العواطف في نفوس شخصياتهم ونفوس المتفرجين شباً عنيفاً، ويشيعون في المسرحية وفي المسرح جواً من الترقب والاستغراق، وهو الجو الذي تسبح فيه العواطف في الجنة والجحيم على السواء. والمذهب الرومانسي لا يعنى إلا بذات الفرد ودخيلة نفسه، ومن هنا كان جمال الأدب الرومانسي كله، الجمال الذاتي، جمال الروح الإنساني في فطرته التي فطره الله عليها.
والمنطق في المسرحية الرومانسية منطق فردي ضعيف، منطق هوائي، منطق تربى في ريح العاطفة المتقلبة التي لا استقرار لها.
ويعدّ مارلو "1564- 1593م" معاصر شكسبير، الذي ولد معه في عام واحد، أول ثائر على قواعد المذهب الكلاسيكي، وتلميذ مكيافيللي صاحب المبدأ السياسي "أن الغاية تبرر الوسيلة ووجوب أن يتذرع الحاكم بكل ما يجعله قوياً غلاباً وصاحب كل سلطة في بلاده". ولم يكن مارلو وحده الذي ضرب بقواعد المذهب الكلاسيكي عرض الحائط، بل شاركه في هذا معظم خريجي الجامعات البريطانية من اللامعين، وكان منهم من استعمل النثر لأول مرة في المسرحية، ثم بدأ عصر المآسي في تاريخ المسرح الإنجليزي، وهو العصر الذي تبلور فيه شكسبير، بطل الرومانسية العميقة. وقد بهر شكسبير العالم كله بطريقته العجيبة في تصوير دخائل النفس الإنسانية، وما تجيش به من عواطف وأهواء. ويعدّ وليم شكسبير ظاهرة فنية فذة في تاريخ المسرح، وقد كان ينظم مسرحياته في إنجلترا في أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر الميلادي، وكأنه كان ينظمها للعالم جميعاً وللزمان كله، إلا أن الإنجليز جهلوه أكثر من قرن ونصف القرن حتى عرّفه إليهم الناقد الألماني " شليجل Schlegel 1767 - 1845 م، فأفاقوا إلى أنهم يملكون أديباً أثمن من إمبراطوريتهم.






التوقيع

لِنسْعَ إخوتي إلى العلا هيا
نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا
    رد مع اقتباس