عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-13, 03:12 رقم المشاركة : 1
محمد يوب
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
إحصائية العضو








محمد يوب غير متواجد حالياً


وسام المشرف المتميز

افتراضي حكاية كبور ولد منانة


رجع كبورولد منانة من السوق بعد أن باع آخر شاة من شياهه الثلاثة ،جمع ملابسه في الحقيبة التي أشتراها لزوجته يوم زفافهما،وضعها عند باب الخيمة، ينتظر الصباح الذي أبى أن يأتي، سألته زوجته خذ بالك من بنات المدينة، إنهن فاتنات ، ليس بجمالهن وإنما بالروائح و المساحيق، لا تخافي سوف لا أهتم بذلك ، لأن هدفي هو تحسين وضعنا وتحقيق مستقبل زاهر لأولادنا، هذا المستقبل الذي حفرنا عنه الأرض سنين طويلة ، نحرث نزرع البذور وتبخل علينا السماء بقطرة ماء، تسحرت التربة وقست قلوب الناس أين الأيام التي كنا نحصد الأرض مرتين في السنة مرة قمح ومرة ذرة ،إن الله أمر السماء أن تمتنع عن سقي الأرض لأننا في آخر الحصاد نبني الخيم ونقيم الأفراح و الليالي الملاح وننسى حق الفقير والمسكين.



يظهر أن الله غاضب علينا، لماذا ؟ ماذا فعلنا يا سي كبور؟ ما أجمل هذه الكلمة ياالسي كبور أول مرة أسمعها منك ، تقولينها لأنني سأنزل للمدينة ،تخافين أن تتغير أحوالي وأنساك .
طال الليل على كبور يتقلب يمينا وشمالا وبين بين يحلم بالملايين، يشعل سيجارته المفضلة التي تذكره بكازابلانكا، وامرأته بجانبه تغمض عينا وتفتح أخرى، نومة الذئب بجانب الحظيرة ، تفكر في مستقبلها مع كبور ، تريد ثلاجة وتلفزيون بالألوان. تشتري فرنا كهربائيا وترتاح من رائحة روث البقر و البعير.


وفي الصباح الباكر صحا كبور قبل صياح الديك،خرج من باب الخيمة اقترب منه كلبه الأسود يحرك ذيله، ركله برجله ابتعد سأرتاح من خلقتك ومن نباحك، نظر بحنين إلى الشجرة التي كان يستظل تحتهاويدخن الغليون ، ودع زوجته وأولاده .


إستقل الحافلة من بابها الخلفي تسابق على مكان في الجهة القبلية بعيدا عن أشعة الشمس، في الطريق شغل السائق المسجل تصدح منه الأغاني الشعبية ،الشابة الزهوانية انشرح قلب كبور يحلم باليوم الذي يشتري فيه سيارة يقلد أقرانه يسوق باليمنى و اليد اليسرى على النافذة،طالت عليه المسافة، وكأن عقارب الساعة توقفت،ما بال هذا السائق يتعثر كالحمار، لو ذهبنا راجلين لوصلنا قبل أن تصل الحافلة، كلمه رجل وقور قال له :لا تقلق إن العجلة من الشيطان قال له : شياطين الجن صامتة وشياطين الإنس تتكلم .


توقفت الحافلة في المحطة أخذ كبور حقيبته، أدهشته زحمة المدينة، الناس فيها منشغلون... يجرون...يتهافتون .....أخرج هاتفه المحمول من جيبه اتصل بابن عمه ردت عليه سيدة: الرقم الذي تتصلون به غير موجود ، أعد المحاولة مرة أخرى سمع كلام سيدة المجيب الالي ولم يسمع كلام الرجل الوقور، أعاد المحاولة مرة أخرى فإذا بيد تنثر منه الهاتف بسرعة البرق ، ابن عمي غير موجود و اللص الحرامي موجود ما هذا الاستقبال الذي استقبلتني به المدينة، يظهر أن هذا النحس لحقني من الكلب الأسود الذي استقبلني في الصباح عند خروجي من الخيمة.


التقى كبور بابن عمه الذي يسكن في كاريان المزابيين ، سأله عن سبب التسمية قال له إن أغلب الناس الذين يسكنون هذا الدوار من مزاب، قال له كبور مستغربا : يظهر أنني آخر من جاء إلى هذا الكاريان ، وقد جئت متأخرا. لهذا السبب أصبحت القرية فارغة من أهلها .هجرة جماعية بيوت عشوائية عليها أطباق هوائية يلتقطون القنوات الفضائية، تمشي بأزقتها الضيقة ، مياه المجاريرائحتها تزكم النفوس، تسمع أصوات طنجرات الضغط تصدر صوتا من هنا وهناك رائحة السمك المقلي والمشوي، شهية الناس مفتوحة ، الأطفال يلعبون في المزبلة، المخاط الأخضر البشع يتراكم عليه الذباب، اكتسبوا المناعة، إذا مرضوا يستعينون بالحجامة أو المعشبة.


اشترى كبور عربة كبيرة يجرها حمار يتنقل بها في المدينة من دار لدار يبيع الفواكه و الخضار ، تحركت الميزانية و ازدهرت ، النقود الورقية في الجيب الجواني و الفضية و النحاسية في الجيب البراني، قال له ابن عمه: ما رأيك ياكبور في شراء البيت الذي في الجوار إن صاحبه يريد بيعه برخص التراب ، تجمع فيه أولادك وترتاح من عيشة العزوبية. رحب وشكره على هذا المشروع.


تسلم المفاتيح وتمعن جيدا في أركان البيت إنه صغير لا يكفي للزوجة وسبعة أولاد ، بنى في السطح غرفة وحماما ، طلاهما بالجير وماء البحر حتى يأخذان اللون الخزي الذي يوهم الشيخ و الخليفة أن البناء قديم ، عيون الناس نائمة وعيون الشيخ و الخليفة لا تنام،في الصباح وقف عليه الشيخ بكناشه في يده وقال له بصوت مرتفع: ألا تعرف بأن البناء العشوائي ممنوع ، وأن القانون يعاقب على ذلك ، لابد من هدم ما بنيت وإلا أخبرت القائد على ذلك، أخذه كبور جانبا وسلمه ورقة نقدية قرفية قال له لا تكفي سلمه أخرى زرقاء، فإذا به يغير نبرة صوته يا أخي كان عليك الانتظار إلى حين الحملة الانتخابية وحينها أضف إلى بيتك ماشئت، رد عليه كبور مبتسما ، إذا أحيانا الله سأبني طابقا اخر لأزوج فيه ابني.

محمد يوب
13-12-2009






    رد مع اقتباس