عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-01-10, 22:32 رقم المشاركة : 1
طالب العلا
أستـــــاذ(ة) مــــاسي
 
الصورة الرمزية طالب العلا

 

إحصائية العضو







طالب العلا غير متواجد حالياً


العضو المميز لشهر يناير

افتراضي الاستاذ .. وأد الأحلام


على الرغم من مرارة الفراق، غادر همام بيته متوجها إلى بلدة مجاورة بعيدا عن الأهل والأحباب،

وبعينين تتلألأن ويسطع منهما الأمل والتطلع إلى صنع فجر حلمه الجديد،

الذي بدأ خيطه الأبيض يتميز عن خيطه الأسود من لحظة حصوله على شهادة المرحلة الابتدائية،

وبكل حماسة واستعداد استقبل همام أيامه الدراسية الأولى في كنف إعداديته الجديدة.

ولا زال هذا الحلم يكبر شيئا فشيئا كلما انقضت الأيام وانقشعت عن مستقبله الأوهام،

إلى أن جاءت لحظة التقويم الأول في مادة من مواد المقرر الدراسي حيث لم يكن فيها همام على أتم استعداد،

فتوالت هذه التقويمات مستصحبة خيبة أمله في أولها، الذي سرعان ما وجد له أثر مدوي

في النقط المحصل عليها فيما تاله، فظل المسكين في دوامة من الحيرة والذهول مما حصل له،

وبدون ان يجد له من أساتذته من يشد بيده ويبصره ويرشده إلى طريق الخلاص،

والأدهى من ذلك كله أن يجد من بينهم من يلقي عليه باللوم والعتاب كأنه هو وحده المسؤول عما حدث له،

فنزل عليه كل ذلك بمثابة صاعقة لم تكن في الحسبان؛ فبنقط لم تصل المبتغى اهتزت أركان هذا الكيان (الحلم)،

وبكلمات من أساتذته لم يلقوا لها بالا هوت ربوعه في عقل هذا الصبي المسكين.

فدخل المسكين في لحظة ضاقت عليه الأرض بما رحبت، حيث امتزجت فيها مرارة فراق الأحباب

بمرارة خيبة الأمل التي تسربت إليه من الكلام النابي لإساتذته، فأصبح همه الوحيد هو وصول

موعد أول عطلة دراسية، لعله يجد في زيارة أهله ما يزيل عنه شيئا من حدة ألم قلبه المكلوم.

وفعلا، وفي أول عطلة دراسية عاد همام إلى أهله، وعلى عكس الهيئة التي ذهب بها،

رجع وعيناه دامستان لغروب شمس حلمه الذي أسلمه لظلام انسكب شيء من سواده على وجهه البرء

فأصبح شاحب اللون مذبل القسمات. وبمجرد أن وصل إلى بيته واحتضنه أبواه زال عنه شيئا

من هول ما عاشه من كوابيس أحلام اليقظة في الأيام الماضية، وبعد تناوله للعشاء أسلم خذه للوسادة

ليضرب موعدا جديدا مع النوم الذي فارقه لعدة أيام خلت،

وفي نومه العميق الذي لم يفرق فيه بين ليل ولا نهار، راودته عدة أحلام

إلا حلمه الأول الذي جثت من جذوره ولم يعد له مكان،

ولا زال في حالته هاته يتخبط بين أحلامه، حتى استيقظ على قول أمه.

همام، استيقظ قد أشرقت شمس سنك العشرين.

بقلم طالب العلا (وجدة في 17 دجنبر 2011)





التوقيع

    رد مع اقتباس